مدونة خائف من الله قاهر الحبابرة وب اوه

//

الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟/ وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام/ الفتن ونهاية العالم /المقحمات ا.قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية / مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا /المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر /أُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما/ ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيف

//

نوشيرك بريد /الثانوية العامة ٣ثانوي. /عقوبة من قتل نفسه؟ /وصف الجنة والحور العين /المدونة التعليمبة الثانية أسماء صلاح ٣.ثانوي عام  /المقحمات ا. /قانون الحق الإلهي اا /القرانيون الفئة الضالة اوه /قواعد وثوابت قرانية /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها اوهو /المسائل الفقهية في النكاح والطلاق والمتعة والرجعة /مدونة الصفحات المقتوحة /الخوف من الله الواحد؟ /قانون ثبات سنة الله في الخلق /اللهم ارحم أبي وأمي والصالحين /السيرة النبوية /مدونة {استكمال} مدونة قانون الحق الإلهي /مدونة الحائرين /الجنة ومتاعها والنار وسوء جحيمها عياذا بالله الواحد. /لابثين فيها أحقابا/ المدونة المفتوحة /نفحات من سورة الزمر / /ُمَّاهُ عافاكِ الله ووالدي ورضي عنكما ورحمكما /ترجمة معان القران /مصنفات اللغة العربية /كتاب الفتن علامات القيامة لابن كثير /قانون العدل الإلهي /الفهرست /جامعة المصاحف /قانون الحق الإلهي /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /تعلم للتفوق بالثانوية العامة /مدونات لاشين /الرافضة /قانون الحق الألهي ٣ /قانون الحق الإلهي٤. /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /المقحمات اا. /منصة الصلاة اا /مدونة تخفيفhttps://wwwaaass.blogspot.com/مدونة خائف من الله

الثلاثاء، 18 مايو 2021

كتابي صفة الجنة وصفة النار لابن أبي الدنيا

كتب ابن أبي الدنيا ت فاضل الرقي

دعوة إلى التشمير والاستعداد للجنة
(1/ 2)

1 - أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الكريم بن محمد بن الشيدي قراءة عليه ونحن نسمع في رجب من سنة ست وأربعين وستمائة بمنزلنا بالظفرية قيل: أخبرك أبو الفتح يحيى بن محمد بن مواهب البرداني قراءة عليه ونحن نسمع في رمضان من سنة ست وسبعين وخمسمائة. . . . قرأ عليه ونحن نسمع في يوم الجمعة مستهل ذي الحجة من سنة خمس عشرة وستمائة قال: أخبرنا أبو الحسن جابر بن ياسين بن الحسن بن محمد بن محمويه قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن عثمان بن بكران بن جابر العطار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن الفقيه الحنبلي النجاد، أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الله بن عون الخراز، ثنا الوليد بن مسلم، حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري، حدثني سليمان بن موسى، حدثني كريب، حدثني أسامة بن زيد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الجنة فقال: «ألا هل مشمر (1) إليها؟ هي ورب الكعبة ريحانة تهتز، ونهر مطرد، وزوجة لا تموت في حبور ونعيم في مقام أبدا»
__________
(1) مشمر للجنة: ساع لها غاية السعي، طالب لها عن صدق ورغبة
(1/ 3)

2 - حدثنا أبو عتبة الحمصي أحمد بن الفرج، ثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي، ثنا محمد بن مهاجر، عن الضحاك المعافري، عن سليمان بن موسى، حدثني كريب، أنه سمع أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا مشمر (1) للجنة؛ فإن الجنة لا خطر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد (2)، وثمرة نضيجة (3)، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة، ومقام أبدا في دار سليمة، وفاكهة وخضرة، وحبرة ونعمة، في محلة عالية بهية»، قالوا: نعم يا رسول الله، نحن المشمرون لها، قال: «قولوا إن شاء الله»، فقال القوم: إن شاء الله
__________
(1) مشمر للجنة: ساع لها غاية السعي، طالب لها عن صدق ورغبة
(2) مطرد: جارٍ يتبع بعضه بعضا
(3) نضيجة: مكتملة النمو
(1/ 4)

3 - حدثنا أحمد بن عيسى، ثنا عبد الله بن وهب، حدثني أبو صخرة حبيب بن زياد، أن أبا حازم حدثه قال: سمعت سهل بن سعد الساعدي، يقول: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهى، ثم قال في آخر حديثه: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، ثم قرأ هذه الآية: تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا (1) إلى قوله: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين (2)، قال: فأخبرتها محمد بن كعب القرظي، فقال: أبو حازم حدثك هذه؟ قلت: نعم، إن ثم لكيسا كثيرا، إنهم يا هذا أخفوا لله عملا فأخفى لهم ثوابا، فلو قد قدموا عليه أقر تلك الأعين
__________
(1) سورة: السجدة آية رقم: 16
(2) سورة: السجدة آية رقم: 17
(1/ 5)

صفة الجنة
(1/ 6)

4 - حدثنا علي بن الجعد، ثنا زهير بن معاوية، ثنا أبو مجاهد سعد الطائي ثنا أبو المدله، مولى أم المؤمنين أنه سمع أبا هريرة، يقول: قلت: يا رسول الله حدثنا عن الجنة، ما بناؤها؟ قال: «لبنة (1) من فضة، ولبنة من ذهب، وملاطها (2) المسك الأذفر (3)، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، من يدخلها ينعم لا يبؤس، ويخلد لا يموت، لا يبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه» حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، ثنا وكيع، عن سعدان الجهني، عن أبي مجاهد الطائي، عن أبي المدله، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد فيه: «ترابها الورس والزعفران»
__________
(1) اللَّبِنَة: واحدة اللَّبِن وهي التي يُبْنَى بها الجِدَار
(2) الملاط: الطين الذي يكون بين اللبنتين، أو التراب الذي يخالطه الماء
(3) أذفر: جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(1/ 7)

5 - حدثنا عبيد الله بن عمر، وإسحاق بن إسماعيل، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن الزبير بن موسى، عن جابر بن عبد الله، قال: «واحة الجنة خبزة بيضاء»
(1/ 8)

(40/2)


6 - حدثني محمد بن عباد بن موسى العكلي، أنه سمع الضحاك بن مزاحم، يحدث عن الحارث، عن علي، رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا (1) قال: قلت يا رسول الله، ما الوفد إلا راكب؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة عليها رحال (2) الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ، كل خطوة منها مد البصر فينتهون إلى باب الجنة ينبع (3) من أصلها عينان، فإذا شربوا من إحداهما جرت في وجوههم نضرة النعيم وإذا توضئوا من الأخرى لم تشعث شعورهم أبدا، فيضربون الحلقة ليفتحه فلو سمعت طنين الحلقة يا علي، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتستخفها العجلة فتبعث قيمها ليفتح له الباب فلولا أن الله عز وجل عرفه نفسه لخر ساجدا مما يرى من النور والبهاء، فيقول: أنا قيمك الذي وكلت بأمرك فيتبعه فيقفو أثره، فيأتي زوجته فتستخفها العجلة، فتخرج من الخيمة، فتعانقه وتقول: أنت حبي، وأنا حبك، وأنا الراضية فلا أسخط أبدا، وأنا الناعمة فلا أبؤس أبدا، وأنا الخالدة فلا أظعن أبدا، فيدخل بيتا من أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع مبنيا على جندل اللؤلؤ والياقوت، طرائق حمر، وطرائق خضر، وطرائق صفر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، فيأتي الأريكة فإذا عليها سرير على السرير سبعون فراشا، عليها سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة (4) يرى مخ (5) ساقيها من باطن الحلل (6)، يقضي جماعهن في مقدار ليلة، تجري من تحتهم الأنهار مطردة، أنهار من ماء غير آسن (7) صاف ليس فيه كدر، وأنهار من عسل مصفى لم يخرج من بطون النحل، وأنهار من خمر لذة للشاربين لم تعصرها الرجال بأقدامهم، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم يخرج من بطون الماشية فإذا اشتهوا الطعام جاءتهم طير بيض ترفع أجنحتها، فيأكلون من جوانبها من أي الألوان شاءوا، ثم تطير فتذهب وفيها ثمار متدلية إذا اشتهوها

(40/3)


انشعب الغصن إليهم فيأكلون من أي الثمار اشتهوا إن شاء قائما، وإن شاء متكئا، وذلك قول الله عز وجل وجنى الجنتين دان (8) وبين أيديهم خدم كأنهم اللؤلؤ»
__________
(1) سورة: مريم آية رقم: 85
(2) الرحل: ما يوضع على ظهر البعير للركوب
(3) ينبع: يتفجر ويخرج
(4) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(5) مخ الشيء: خالصه
(6) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(7) الآسن: ما تغيرت رائحته
(8) سورة: الرحمن آية رقم: 54
(1/ 9)

(40/4)


7 - حدثنا علي بن الجعد، ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، رضي الله عنه قال: «يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا، حتى إذا انتهوا إلى أول باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما كأنما أمروا بها فشربوا منها، فأذهبت ما في بطونهم من قذر، وأذى أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى فتطهروا فجرت عليهم نضرة النعيم، فلم تغير أبشارهم (1)، ولا تغير بعدها أبدا، ولم تشعث أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان، ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين (2)، ثم تلقاهم أو تلقتهم الولدان يطيفون بهم كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم من غيبته يقولون له: أبشر بما أعد الله لك من الكرامة، ثم ينطلق غلام من أهل أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين فيقولون: قد جاء فلان باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا، فيقولون: أنت رأيته؟ فيقول: أنا رأيته وهو ذا بأثري، فيستخف إحداهن الفرح حتى تقوم على أسقفة بابها، فإذا انتهى إلى منزله نظر أي شيء أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ وفوقه صرح أخضر وأصفر وأحمر ومن كل لون، ثم رفع رأسه فنظر إلى سقفه فإذا هو مثل البرق، فلولا أن الله عز وجل قد قدر له أن لا يذهب بصره لذهب، ثم طأطأ (3) رأسه فنظر إلى أزواجه، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، وزرابي مبثوثة، فنظر إلى تلك النعمة، ثم اتكئوا (4) وقالوا: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله (5) الآية، ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تظعنون أبدا، وتصحون، أراه قال: فلا تمرضون أبدا»، قال أبو إسحاق: هكذا أو نحوه
__________
(1) أبشار: جمع بشرة وهي جلد الإنسان
(2) سورة: الزمر آية رقم: 73
(3) طأطأ: خفض
(4) اتكأ: اضطجع متمكنا والاضطجاع الميل على أحد جنبيه
(5) سورة: الأعراف آية رقم: 43
(1/ 10)

(40/5)


8 - حدثنا أبو بكر بن أسلم، ثنا النضر بن شميل، ثنا شعيب، عن أبي إسحاق، قال: سمعت الأغر، قال: سمعت أبا هريرة، قال: «ينادى أهل الجنة تصحون فلا تمرضون أبدا، وتشبعون فلا تجوعون أبدا، لا تشعث أشعارهم، ولا تغير بشائرهم، ولا يلقون فيها بؤسا» حدثنا أبو بكر قال: كان بعض الحكماء من الواعظين إذا حدث بهذا الحديث قال: علمت أنه لذة أسماعهم في الغرف العدنية يديمه زجل الحبور، ومتع أبصارهم بالنظر إلى أحسن صرح الزبرجد في زهر رياض السرور، فلو توهمت مبدأ سرة المهرجان لهبوب رياح آجامها وارفضاض درة السحائب المرتشحات في قصور الملك بعرايش خيامها لعلمت أن القوم قد توسطوا نعيم مملكة لا تغير دوائر الأحداث على دوامها. أنعم بأسماع حاضرة وعد الله أن يأهل الجنة آن لكم أن تصحوا فلا تسقموا، وأن تشبوا فلا تهرموا، وتحيوا فلا تموتوا، وتنعموا فلا تبأسوا، فذلك قوله تعالى: ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون (1) انظر لو وجد ملك ترى تباشير الجمال في أسرار خده كما سمع فيها واسط عين الدعة حتى زهت به منابر النور في ذروة في درج علاليها، وحور على أرائك اليواقيت، ونظر إلى تلك النمارق المصفوفة بين يديه وبها رونق يضحك الرائي عند تلألؤ حسنها، فإذا سقفه لؤلؤ يكاد أن يخطف بصره التماع نوره كيف اكتحلت مقلته بالنظر إلى منزله. تأسيس بنيانه جنادل الدر، وصفائح اللجين، وسنابك العقيان، لولا قدرة التسخير التي جرت بالسلامة من مكروه لريب الزمان أولئك خلال شرف المنزل المحمود، والمتفكهون بالقوام المبرود، في قباب الخلود، يأهل الجنة ما أحسن اسم دار تبوأتم أسرة غرف علاليها، وأبهج مناظرها، وأقر عيون ساكنيها، وأدوم سرور من نجدت مقاصيره بوشي نمارقها، وبهجة عبقريها انعموا فهي الجنة حططتم فيها رحالكم لحفظ، وعدلا يهتدي فيها الزوال منها إليها
__________
(1) سورة: الأعراف آية رقم: 43
(1/ 11)

(40/6)


9 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، ثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، ثنا عبيد الله بن عمر، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ومن اتقى الله عز وجل ينعم فلا يبؤس، ويحيا فلا يموت، لا تبلى (1) ثيابه، ولا يفنى شبابه»
__________
(1) بَلِيَ الثوب: قَدُمَ ورثَّ وتلف
(1/ 12)

10 - حدثنا الفضل بن جعفر، ثنا عثمان بن سعيد المري، ثنا علي بن صالح، عن عمران بن ربيعة، عن الحسن، عن ابن عمر، رضى الله عنهما: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجنة فقال: «من يدخل الجنة يحيا فيها فلا يموت، وينعم فيها لا يبؤس، لا تبلى (1) ثيابه، ولا يفنى شبابه» قيل: يا رسول الله، كيف بناؤها؟ قال: «لبنة (2) من ذهب، ولبنة من فضة، ملاطها (3) المسك الأذفر (4)، ترابها الزعفران، حصباؤها (5) اللؤلؤ والياقوت (6)»
__________
(1) بَلِيَ الثوب: قَدُمَ ورثَّ وتلف
(2) اللَّبِنَة: واحدة اللَّبِن وهي التي يُبْنَى بها الجِدَار
(3) الملاط: الطين الذي يكون بين اللبنتين، أو التراب الذي يخالطه الماء
(4) الأذفر: ذو الرائحة القوية الفواحة
(5) الحصباء: الحجارة الصغيرة
(6) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(1/ 13)

11 - حدثنا يعقوب بن عبيد، ثنا يزيد بن هارون، ثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي أنزل الكتاب على محمد، إن أهل الجنة ليزدادون جمالا وحسنا، كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرما»
(1/ 14)

(40/7)


12 - حدثنا أحمد بن إبراهيم عن سيار، ثنا جعفر، قال: سمعت ثابت البناني، يقول: «لقد أعطي أهل الجنة خصالا لو لم يعطوها لم ينتفعوا بها: يشبون فلا يهرمون (1) أبدا، ويشبعون فلا يجوعون أبدا، ويكسون فلا يعرون أبدا، ويصحون فلا يسقمون (2) أبدا رضي عنهم، لا خلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحد، ويسبحون الله بكرة (3) وعشيا (4)»
__________
(1) الهرم: كِبر السّن وضعفه
(2) السقم: المرض
(3) البكرة: من البكور وهو أول النهار
(4) العشي: ما بين زوال الشمس إلى وقت غروبها
(1/ 15)

13 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة جردا (1)، مردا (2) بيضا، جعادا (3) مكحلين (4) أبناء ثلاث وثلاثين، على طول آدم، طوله ستون ذراعا (5) في عرض سبعة أذرع»
__________
(1) الأجرد: الذي لا شعر على جسده
(2) المرد: جمع أمرد وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته
(3) الجَعْد: في صِفات الرجال يكون مَدْحا وَذَمّا: فالمدْح مَعْناه أن يكون شَدِيد الأسْرِ والخَلْق، أو يكون جَعْدَ الشَّعَر أي خشنه، وأما الذَّم فهو القَصير المُتَردّد الخَلْق. وقد يُطْلق على البخِيل أيضا
(4) مكحّل: الذي في أجفان عينيه سواد خِلقة
(5) الذراع: وحدة قياس تقدر بطول ذراع الرجل
(1/ 16)

14 - حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أول زمرة (1) تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أحسن كوكب دري (2) في السماء إضاءة»
__________
(1) الزمرة: الجماعة من الناس
(2) الدري: الكوكب المتلألئ الضوء
(1/ 17)

(40/8)


15 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا رشدين بن سعد، قال: حدثني عمرو بن الحارث، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير ممن دخل الجنة يردون إلى بني ثلاث وثلاثين سنة في الجنة، لا يزيدون عليها أبدا، وكذلك أهل النار»
(1/ 18)

16 - حدثني يعقوب بن عبيد، ثنا يزيد بن هارون، أنا همام بن يحيى، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس»
(1/ 19)

17 - وحدثني المشرف بن أبان، سمعت صالح بن عبد الكريم، قال: قال لنا الفضيل بن عياض: «حسنت الجنة لأن عرش رب العالمين سقفها»
(1/ 20)

18 - حدثني محمد بن المثنى البزار، ثنا محمد بن زياد الكلبي، ثنا بشر بن حسين، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله عز وجل جنة عدن بيده، لبنة (1) من درة بيضاء، ولبنة من ياقوتة حمراء، ولبنة من زبرجدة (2) خضراء، ملاطها (3) المسك، حشيشها الزعفران، حصباؤها (4) اللؤلؤ، وترابها العنبر، ثم قال لها: «انطقي»، قالت: قد أفلح المؤمنون (5)، قال عز وجل: «وعزتي لا يجاورني فيك بخيل» ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون (6)
__________
(1) اللَّبِنَة: واحدة اللَّبِن وهي التي يُبْنَى بها الجِدَار
(2) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
(3) الملاط: الطين الذي يكون بين اللبنتين، أو التراب الذي يخالطه الماء
(4) الحصباء: الحجارة الصغيرة
(5) سورة: المؤمنون آية رقم: 1
(6) سورة: الحشر آية رقم: 9
(1/ 21)

(40/9)


19 - حدثني هارون بن عبد الله، أنا أبو داود الطيالسي، ثنا عمران القطان عن قتادة، عن شهر، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة جردا (1)، مردا (2)، مكحلين، بني ثلاثين، أو ثلاث وثلاثين سنة» وقال هو أحدهما
__________
(1) الأجرد: الذي لا شعر على جسده
(2) المرد: جمع أمرد وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته
(1/ 22)

20 - حدثنا العباس بن عبد الله، ثنا جعفر بن عمر، ثنا الحكم يعني ابن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: «إذا سكن أهل الجنة الجنة نور سقف مساكنهم نور عرشه»
(1/ 23)

21 - حدثنا يحيى بن كثير العنبري، ثنا مروان بن بكير، عن أشعث، عن الحسن، قال: «إنما سميت عدن لأنها العرش، ومنها تتفجر أنهار الجنة، وللحور العدنية الفضل على سائر الحور»
(1/ 24)

22 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: «ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم، وحلي حليهم، وأري أزواجه وخدمه، تأخذه سواري فرح، فلو كان ينبغي له أن يموت لمات من سواري فرحه، يقال له: أرأيت سواري فرحتك هذه، فإنها تأخذ لك أبدا»
(1/ 25)

23 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا رشدين بن سعد، أخبرني زهرة بن عبد القرشي، قال: «إن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم كأنهم اللؤلؤ»
(1/ 26)

24 - حدثنا حمزة، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا يحيى بن أيوب، حدثني عبيد الله بن زحر، عن محمد بن أبي أيوب المخزومي، عن أبي عبد الرحمن المعافري، قال: «إنه ليصف للرجل من أهل الجنة سماطان لا يرى طرفاهما من غلمانه حتى إذا مر مشوا وراءه»
(1/ 27)

(40/10)


25 - حدثنا حجاج بن يوسف، أنا أبو نعيم، ثنا أبو سلمة، عن الضحاك، قال: «إذا دخل المؤمن الجنة دخل أمامه ملك فأخذ به في سككها، فيقول له: انظر ما ترى؟ قال: أرى أكثر قصور رأيتها من ذهب وفضة، وأكثر أنيس فيقول له الملك: فإن هذا أجمع كله لك، حتى إذا دفع إليهم استقبلوه من كل باب ومن كل مكان نحن لك نحن لك، يقول: امش فيقول: ماذا ترى؟ فيقول أرى أكثر عساكر رأيتها من خيام رأيتها وأكثر أنيس، قال: فإن هذا أجمع كله لك فإذا دفع إليهم استقبلوه يقولون: نحن لك، نحن لك»
(1/ 28)

26 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، ثنا أبو بكر ابن أبي سبرة، عن عمر بن عطاء بن وراز، عن سالم أبي الغيث، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أرض الجنة بيضاء، عرصتها صخور الكافور (1)، وقد أحاط به المسك مثل كثبان (2) الرمل، فيها أنهار مطردة فليجتمع فيها أهل الجنة أدناهم وآخرهم فيتعارفون، فيبعث الله عز وجل ريح الرحمة فتهيج عليهم ريح ذلك المسك، فيرجع الرجل إلى زوجته وقد ازداد طيبا وحسنا، فتقول له: قد خرجت من عندي، وأنا بك معجبة وأنا بك الآن أشد عجبا»
__________
(1) الكافور: نبات طيب الرائحة مرّ الطعم
(2) الكَثِيب: الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
(1/ 29)

27 - حدثنا داود بن سليمان القرشي، ثنا الحسين بن علي الجعفي، عن فضيل بن عياض، عن ليث، عن مجاهد، قال: «خلق الله عز وجل جنة عدن بيده فاطلع فيها فقال: قد أفلح المؤمنون (1) ثم أغلقت فلم يدخلها إلا من شاء وهي تفتح كل سحر (2) فكانوا يرون أن البرد الذي يجيء سحرا منها»
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 1
(2) السحر: الثلث الأخير من الليل
(1/ 30)

28 - وحدثني إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، وفضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: «جنات عدن بطنان الجنة»
(1/ 31)

(40/11)


29 - حدثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، حدثني محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم خالد بن أبي زيد، حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن مسروق بن الأجدع، حدثنا عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم، قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء، ينتظرون فصل القضاء، قال: وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام (1) من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد من السماء: أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم، ورزقكم، وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، أن يولي كل إنسان منكم ما كان يتولاه ويعبد في الدنيا، أليس هذا عدلا من ربكم؟ فيقولون: بلى. قال: فينطلقون، ويمثل لهم ما كانوا يعبدون، فمنهم من ينطلق إلى الشمس، ومنهم من ينطلق إلى القمر، وإلى الأوثان (2) من الحجارة، وأشباه ما كانوا يعبدون. قال: ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته.

(40/12)


قال: فيأتيهم الرب عز وجل فيقول لهم: «مالكم لا تنطلقون كما انطلق الناس؟» قال: فيقولون: إن لنا إلها ما رأيناه بعد، فيقول: «وهل تعرفونه إن رأيتموه؟» فيقولون: بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناه، فيقول: «وما هي؟» فيقولون: يكشف عن ساق، قال: فيخر كل من كان لظهره طبق، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر، يريدون السجود فلا يستطيعون، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون، ثم يقول: «ارفعوا رءوسكم» قال: فيرفعون رءوسهم، فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك حتى يكون آخرهم رجلا يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة، فإذا أضاء قدمه مشى، وإذا انطفأ قام على الصراط، قال: والرب عز وجل أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره (3) كحد السيف دحض (4) مزلة، فيقول: «مروا»، فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرف العين ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كانقضاض السحاب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كمثل الرجل، حتى الرجل الذي نوره على قدر إبهام قدمه يحبو على وجهه ويديه ورجليه، يجر يدا ويعلق يدا، ويجر رجلا ويعلق رجلا، وتصيب جوانبه النار. قال: فلا يزال كذلك حتى يخلص، فإذا خلص، وقف عليها ثم قال: الحمد لله الذي نجاني لقد أعطاني الله عز وجل ما لم يعط أحدا، إذ نجاني منها بعد أن رأيتها.

(40/13)


قال فينطلق به إلى غدير عند باب الجنة فيغتسل منه، قال: فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم، قال: ويرى ما في الجنة من خلال الباب، فيقول: رب أدخلني الجنة، فيقول الله عز وجل له: «أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار؟» فيقول: رب اجعل بيني وبينها حجابا (5) لا أسمع حسيسها قال: فيدخل الجنة فيرى أو يرفع له منزل أمام ذلك كأن ما هو فيه إليه حلم، فيقول: رب أعطني ذلك المنزل، قال: فيقول له: «فلعلك إن أعطيتك تسأل غيره». قال: فيقول: وعزتك وجلالك لا أسألك غيره، وأي منزل يكون أحسن من هذا؟ قال: فيعطاه، فينزله، قال ويرى أمام ذلك منزلا كأن ما هو فيه إليه حلم قال: رب أعطني ذلك المنزل، قال: فيقول الله عز وجل له: «فلعلك إن أعطيتك تسأل غيره»، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، وأي منزل يكون أحسن منه، فيعطاه، فينزله، وقال: ويرى أو يرفع له أمام ذلك منزل آخر كأن ما هو فيه إليه حلم، فيقول: «رب أعطني ذلك المنزل»، قال: فيقول الله عز وجل له: «فلعلك إن أعطيتك تسأل غيره»، قال: لا وعزتك، وأي منزل يكون أحسن منه؟ فيعطاه فينزله، قال: ثم يسكت، فيقول الله عز وجل: «ما لك لا تسأل؟» فيقول: رب لقد سألتك حتى استحييتك وأقسمت لك حتى استحييتك، فيقول: «أما ترضى أن أعطيك مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافها»، فيقول: تستهزئ بي وأنت رب العالمين؟ قال: فيضحك الرب عز وجل من قوله فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك، قال: فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث بهذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان من هذا الحديث ضحكت، فقال ابن مسعود: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث بهذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى يبدو خير أضراسه قال: فيقول الرب عز وجل: «لا ولكني على ذلك قادر، سل» فيقول: رب ألحقني بالناس، فيقول: «الحق بالناس».

(40/14)


فينطلق، فيدخل الجنة حتى إذا دنا (6) من الناس رفع له قصر من درة مجوفة فيخر ساجدا، فيقال له ارفع رأسك ما لك؟ فيقول: رأيت ربي أو تراءى لي ربي، فيقال له: إنما هو منزل من منازلك، قال: ثم يلقى رجلا فيتهيأ ليسجد، فيقول له: ما لك؟ فيقول رأيت أنه ملك من الملائكة، فيقول: إنما أنا خازن من خزانك، عبد من عبيدك، تحت يدي ألف قهرمان (7) على مثل ما أنا عليه، قال: فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر، قال: وهو درة مجوفة (8) سواقفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها، فتستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء، كل جوهرة تفضي إلى جوهرة على غير لون الأخرى، في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف، أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة (9) يرى مخ (10) ساقها من وراء حللها (11)، كبدها مرآته وكبده مرآتها، إذا أعرض عنها إعراضة (12) ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك، فيقول لها: والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا، قال: فيقال له: أشرف (13) فيشرف، قال: فيقال له: ملك مسيرة مائة عام ينفذ بصرك قال: فقال عمر: ألا تسمع إلى ما يحدثناه ابن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلة؟ فكيف أعلاهم؟ فقال كعب: يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، إن الله عز وجل خلق لنفسه دارا فجعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة، ثم أطبقها، ثم لم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة.

(40/15)


قال: ثم قرأ كعب: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (14) قال: وخلق الله دون ذلك (15) جنتين زينهما بما شاء، وأراهما من شاء من خلقه، قال: فمن كان كتابه في عليين (16) نزل تلك الدار التي لم يرها أحد، حتى أن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيام الجنة إلا دخلها ضوء من ضوء وجهه، ويستبشرون بريحه، ويقولون: واها لهذه الريح الطيبة، وهذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه قال: فقال عمر: ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها. فقال كعب: والذي نفسي بيده إن لجهنم يوم القيامة زفرة (17) ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا يخر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الرحمن يقول: رب نفسي نفسي، وحتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أنك لا تنجو
__________
(1) الغمام: السحاب
(2) الأوثان: جمع وَثَن وهو الصنم، وقيل: الوَثَن كلُّ ما لَه جُثَّة مَعْمولة من جَواهِر الأرض أو من الخَشَب والحِجارة، كصُورة الآدَميّ تُعْمَل وتُنْصَب فتُعْبَد وقد يُطْلَق الوَثَن على غير الصُّورة، والصَّنَم: الصُّورة بِلا جُثَّة
(3) الأثر: بقية الشيء وعلامته
(4) الدحض: الدحض والمزلة بمعنى واحد. وهو الموضع الذي تَزَلُّ فيه الأقدام ولا تستقر
(5) الحجاب: الحاجز والمانع والساتر
(6) الدنو: الاقتراب
(7) القهرمان: الخازن الأمين المحافظ على ما في عهدته
(8) مجوفة: مفرغة
(9) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(10) مخ الشيء: خالصه
(11) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(12) الإعراض: الصد والانصراف
(13) أشرف: أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع
(14) سورة: السجدة آية رقم: 17
(15) دون ذلك: أقل منه
(16) عِلِّيُّون: اسم للسماء السابعة، وقيل: هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل: أراد أعْلَى الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.

(40/16)


(17) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(1/ 32)

30 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن آخر من يدخل الجنة لرجل يمشي على الصراط فينكب (1) مرة، ويمشي مرة، وتسفعه (2) النار مرة، فإذا جاوز الصراط التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك، لقد أعطاني الله عز وجل ما لم يعط أحدا من العالمين، فيرفع له شجرة فينظر إليها فيقول: يا رب أدنني (3) من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول: «أي عبدي، فلعلي إن أدنيتك (4) منها تسألني غيرها». قال: فيقول: لا يا رب، ويعاهده ألا يسأله غيرها، والرب عز وجل يعلم أنه يسأله لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن منها، فيقول: رب أدنني من هذه الشجرة، فيقول له كمثل ذلك، ويسمع أصوات أهل الجنة فقال: أي رب الجنة الجنة، فيقول: «أي عبدي ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها؟» فيقول: يا رب أدخلني الجنة، فيقول تبارك وتعالى اسمه: «ما يصريني (5) منك؟» قال أبو بكر: معناه يقطعني «عبدي أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟» فيقول: أتهزأ بي وأنت رب العزة؟ قال: فضحك عبد الله حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا تسألوني لم ضحكت؟ قالوا: لم ضحكت؟ قال: ضحك الرب تبارك وتعالى حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة «قال أبو بكر: وهذا الكلام أفهمنيه بعض أصحابنا عن أبي خيثمة
__________
(1) انكب: انقلب على وجهه
(2) تسفعه النار: تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرا
(3) أدنى: قرب
(4) الدنو: الاقتراب
(5) يصريني منك: يقطع مسألتك ويمنعك من سؤالي
(1/ 33)

31 - حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أدنى أهل الجنة، لمن يتمنى على الله عز وجل فيقال له لك ذلك ومثله معه»

(40/17)


(1/ 34)

32 - حدثنا ابن إسماعيل، ثنا يحيى بن علي الرملي، ثنا الأعمش، عن ثوير بن أبي فاختة، أراه عن ابن عمر: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل له ألف قصر بين كل قصرين مسيرة سنة يرى أقصاها كما يرى أدناها (1) في كل قصر من الحور العين والرياحين والولدان، ما يدعو بشيء إلا أتي به»
__________
(1) الأدنى: أدنى المكان أوله وأقربه
(1/ 35)

33 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن مطرف بن طريف، قال: سمعت الشعبي، قال: سمعت المغيرة بن شعبة، يقول: «سأل موسى ربه تبارك وتعالى قال: أي رب أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ قال: هو رجل يأتي بعدما أخذ الناس أخذاتهم (1) ونزلوا منازلهم، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: أي رب كيف أدخل وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم، فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك؟ فيقول: نعم، قال: فيقال: لك هذا وخمسة أمثاله، فيقول: رضيت يا رب وفزت، قال: فإن لك هذا وعشرة أمثاله، فيقول: قد رضيت. فيقال فإن لك ما اشتهت نفسك ولذت، فيقول: رضيت، قال: يا رب فمن أفضلهم منزلة؟ قال: أولئك الذين أردت وسأخبرك: غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها. فلم تر عين ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر مصداق ذلك في كتاب الله عز وجل فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (2)»
__________
(1) أخذاتهم: منازلهم وحظهم من النعيم والرضوان
(2) سورة: السجدة آية رقم: 17
(1/ 36)

34 - حدثنا حمزة بن العباس، أخبرنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا ابن عون، عن ابن سيرين، قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن يقال له تمن، ويذكره أصحابه فيقال له هو لك ومثله معه». قال محمد: وقال ابن عمر: «هو لك وعشرة أمثاله وعند الله المزيد»
(1/ 37)

(40/18)


35 - حدثنا خلف بن هشام، ثنا خالد بن عبد الله، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن كعب، قال: «لما نظر الله عز وجل إلى الجنة قال لها: طوبى (1) لأهلك، فتزداد ضعفا حتى يدخلها أهلها»
__________
(1) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(1/ 38)

36 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يزيد، ويعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن سعد الطائي، قال: «أخبرت أن الله عز وجل قال لها: تزيني فتزينت، ثم قال لها: تكلمي، فقالت: طوبى (1) لمن رضيت عنه»
__________
(1) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(1/ 39)

37 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا حجاج بن محمد، عن حسام بن مصك، عن قتادة، قال: «لما خلق الله عز وجل الجنة قال لها تكلمي، قالت: طوبى للمتقين»
(1/ 40)

38 - حدثنا علي بن الجعد، ثنا زهير بن معاوية، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله، قال: «إن الجنة سجسج، لا قر فيها ولا حر، ولهم فيها ما اشتهت أنفسهم»
(1/ 41)

39 - حدثنا محمد بن أبي معشر، عن عون بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن أخيه عبد الله بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن الحارث، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلق الله ثلاثة أشياء بيده: خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس الفردوس بيده، ثم قال: وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمر ولا الديوث قالوا: يا رسول الله قد عرفنا مدمن الخمر فما الديوث؟ قال: الذي يقر السوء في أهله
(1/ 42)

صفة شجر الجنة
(1/ 43)

40 - حدثنا شجاع بن الأشرس، ثنا ليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين سنة»
(1/ 44)

(40/19)


41 - حدثنا حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سعد، عن أبي الضحاك، قال: سمعت أبا هريرة، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة وهي شجرة الخلد»
(1/ 45)

42 - حدثني إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، ووكيع، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن زياد، مولى بني مخزوم، عن أبي هريرة، قال: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام، واقرءوا إن شئتم وظل ممدود (1)». قال: فبلغ ذلك كعبا، فقال: صدق والذي أنزل التوراة على لسان موسى عليه السلام والفرقان على لسان محمد صلى الله عليه وسلم لو أن رجلا ركب جذعة أو جذعا، ثم دار بأصل تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما، إن الله عز وجل غرسها بيده، ونفخ فيها، وإن أفنانها من وراء سور الجنة، ما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل تلك الشجرة، وقال وكيع: لو أن رجلا ركب جذعا أو حقة
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 30
(1/ 46)

43 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «الظل الممدود شجرة في الجنة على ساق قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها مائة عام في كل نواحيها». قال: «فيخرج إليها أهل الجنة، أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها، فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا، فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا»
(1/ 47)

44 - حدثنا الحسن بن محبوب الأنطاكي، ثنا أبو داود الحفري، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، قال: كنا مع عبد الله بالشام أو بعمان، فتذاكروا الجنة، فقال: «إن العنقود من عناقيدها من هاهنا إلى صنعاء»
(1/ 48)

(40/20)


45 - حدثنا أبو سعيد الأشج الكندي، ثنا زياد بن الحسن بن فرات القزاز، عن أبيه، عن جده، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما في الجنة شجرة إلا ساقها من ذهب»
(1/ 49)

46 - حدثنا علي بن الجعد، أخبرني المسعودي، عن عمرو بن مرة، قال: قال أبو عبيدة: «نخل الجنة نضيد (1) ما بين أصلها إلى فرعها، ثمرها كالقلال (2) كلما نزعت منها ثمرة عادت مكانها أخرى، أنهارها تجري في عين أخدود، العنقود منها اثنا عشر ذراعا». قال عمرو: فعجلت على الشيخ فقلت: من حدثك بهذا؟ فقال لي: أما إني لا أكذبك حدثنيه مسروق
__________
(1) نضيد: مركب بعضه فوق بعض
(2) القلال: جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
(1/ 50)

47 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمرو، أنا أسامة بن زيد، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، قال: «في الجنة نخل من ذهب، وسعفها كأحسن حلل (1) رأى الناس، وشماريخها وعراجينها ونقادها من ذهب، وثمرها مثل القلال (2) أشد بياضا من اللبن والفضة، وأطيب من المسك، وأحلى من السكر وألين من الزبد والسمن»
__________
(1) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(2) القلال: جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
(1/ 51)

48 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سفيان، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «نخل الجنة جذوعها من زمرد أخضر، وكربها من ذهب أحمر، وثمرها مثل القلال (1) والدلاء أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزبد، ليس فيه عجم»
__________
(1) القلال: جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
(1/ 52)

(40/21)


49 - حدثنا حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: «أرض الجنة من ورق (1)، وترابها مسك، وأصول أشجارها ذهب، وورق أفنانها من زبرجد (2) وياقوت والورق تحت ذلك، فمن أكل قائما لم يؤذه، ومن أكل جالسا لم يؤذه، ومن أكل مضطجعا لم يؤذه: وذللت قطوفها تذليلا (3)»
__________
(1) الورق: الفضة. والأورق: الأسمر.
(2) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
(3) سورة: الإنسان آية رقم: 14
(1/ 53)

50 - حدثنا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء بن عازب، في هذه الآية: قطوفها دانية (1) قال: «يأخذه أحدهم وهو نائم»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 23
(1/ 54)

باب شجرة طوبى
(1/ 55)

(40/22)


51 - حدثنا ابن موسى إسحاق بن موسى الهارون، ثنا القاسم بن زيد الجرمي الموصلي، ثنا أبو إلياس، ثنا محمد بن علي بن الحسين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة لشجرة يقال لها طوبى لو سخر الراكب الجواد أن يسير في ظلها لسار فيه مائة عام، وورقها وبسرها برود خضر، وزهرها رياط (1) صفر، وفناؤها سندس وإستبرق، وثمرها حلل، وصمغها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر، وكافورها أصفر، وحشيشها زعفران مونع، والألنجوج يتأججان من غير وقود، يتفجر من أصلها أنهار السلسبيل والعين والرحيق، وظلها مجلس من مجالس أهل الجنة، يألفونه متحدث يجمعهم، فبينما هم يوما في ظلها يتحدثون إذ جاءتهم الملائكة يقودون نجبا جبلت من الياقوت، ثم تنفخ فيها الروح مزمومة بسلاسل من ذهب كأن وجهها المصابيح نضارة وحسنا وبهاء، وبرها خز (2) أحمر ومرعزي أبيض مخلطان، لم ينظر الناظرون إلى مثلها حسنا ذلك من غير مهابة، نجب من غير رياضة، عليها رحايل ألواحها من الدر والياقوت (3) مفضضة باللؤلؤ والمرجان، صفائحها من الذهب الأحمر ملبسة بالعبقري والأرجوان، فأناخوا لهم تلك النجب ثم قالوا لهم: إن ربكم يقرئكم السلام ويستزيركم لينظر إليكم وتنظرون إليه وتكلمونه ويكلمكم ويزيدكم من فضله وسعته إنه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم، فيتحول كل رجل منهم على راحلته (4) ثم ينطلقون صفا معتدلا لا يفوت شيء منهم شيئا، ولا يفوت أذن ناقة أذن صاحبتها، فلا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا أتحفتهم من ثمرها ورحلت عن طريقهم كراهة أن يتثلم صفهم أو تفرق بين الرجل ورفيقه، فلما دفعوا إلى الجبار عز وجل سفر لهم عن وجهه الكريم وتجلى لهم في عظمته العظيمة يحييهم فيها بالسلام قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام ولك حق الجلال والإكرام، قال لهم ربهم: «إني أنا السلام ومني السلام ولي حق الجلال والإكرام فمرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي ورعوا عهدي وخافوني

(40/23)


بالغيب، وكانوا مني على كل حال مشفقين (5)»، قالوا: أما وعزتك وجلالك وعلو مكانك ما قدرناك حق قدرك ولا أدينا إليك كل حقك فائذن لنا في السجود. قال لهم ربهم: «إني وضعت عنكم مؤنة العبادة وأرحت لكم أبدانكم فطالما نصبتم لى الأبدان وأعنتم لي الوجوه، وأصمتم لي الأفواه، وأخمصتم لي البطون، فالآن أفضيتم إلى روحي ورحمتي وكرامتي، فاسألوني ما شئتم، وتمنوا علي أعطكم أمانيكم فإني لا أجزيكم اليوم بقدر أعمالكم ولكن بقدر رحمتي وطولي وجلالي وعلو مكاني وعظمة شأني»، فما يزالون في الأماني والمواهب والعطايا حتى إن المقصر منهم ليتمنى مثل جميع الدنيا منذ خلقها الله عز وجل إلى يوم أفناها، قال لهم ربهم: «لقد قصرتم في أمانيكم ورضيتم بدون ما يحق لكم فقد أوجبت لكم ما سألتم وتمنيتم وزدتكم على ما قصرت عنه أمانيكم، فانظروا إلى مواهب ربكم الذي وهب لكم»، فإذا قباب (6) في الرفيق (7) الأعلى وغرف مبنية من الدر والمرجان، وأبوابها من ذهب، وسررها من ياقوت، وفرشها من سندس (8) وإستبرق، ومنابرها من نور يثور من أبوابها ومن أعراضها نور كشعاع الشمس مثل الكوكب الدري (9) في النهار المضيء، وإذا قصور شامخة في أعلى عليين (10) من الياقوت يزهو نورها، فلولا أنه سخر لالتمع الأبصار، فما كان من تلك القصور من الياقوت الأبيض فهو مفروش بالحرير وما كان منها من الياقوت الأحمر فهو مفروش بالعبقري الأحمر، وما كان منها من الياقوت الأخضر فهو مفروش بالسندس الأخضر، وما كان منها من الياقوت الأصفر فهو مفروش بالأرجوان الأصفر مموه بالزبرجد الأخضر والذهب الأحمر والفضة البيضاء وقواعدها وأركانها من الياقوت، وشرفها قباب من اللؤلؤ، وبروجها غرف المرجان، فلما انصرفوا إلى ما أعطاهم ربهم عز وجل قربت لهم براذين من الياقوت الأبيض منفوخ فيها الروح، بجنبها الولدان المخلدون، بيد كل واحد منهم حكمة برذون (11) ولجمها وأعنتها من فضة بيضاء منظومة بالدر والياقوت

(40/24)


وسرجها (12) سرر موضونة مفروشة بالسندس والإستبرق (13)، فانطلقت بهم تلك البراذين تزف بهم وتبصر بهم رياض (14) الجنة، فلما انتهوا إلى منازلهم وجدوا فيها جميع ما تقول به ربهم عليهم مما سألوا أو تمنوا، فإذا على باب كل قصر من تلك القصور أربعة جنان: جنتان ذواتا أفنان، وجنتان مدهامتان، وفيها عينان نضاختان، وفيها من كل فاكهة زوجان، وحور مقصورات في الخيام، فلما تبوءوا (15) منازلهم واستقر بهم قرارهم قال لهم ربهم تعالى: «هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟» قالوا نعم رضينا فارض عنا، قال: «برضائي عنكم حللتم داري، ونظرتم إلى وجهي وصافحتم ملائكتي فهنيئا هنيئا عطاء غير مجذوذ ليس فيه تنغيص ولا تصريد»، فعند ذلك قالوا: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب (16) ولا يمسنا فيها لغوب إن ربنا لغفور شكور
__________
(1) رياط: جمع الريطة، الملاءة كلها نسج واحد وقطعة واحدة
(2) الخز: ثياب تنسج من صوف وحرير
(3) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(4) الراحلة: البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(5) المشفق: الخائف
(6) القبة: الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(7) الرفيق الأعلى: جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين
(8) السُّندس: ما رقَّ من الدِّيباج ورفع
(9) الدري: الكوكب المتلألئ الضوء
(10) عِلِّيُّون: اسم للسماء السابعة، وقيل: هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل: أراد أعْلَى الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(11) البرذون: يطلق على غير العربي من الخيل والبغال وهو عظيم الخلقة غليظ الأعضاء قوي الأرجل عظيم الحوافر
(12) السرج: ما يوضع على ظهر الدابة للركوب
(13) الإستبرق: نوع من الحرير السميك
(14) الرياض: جمع الروضة وهي البستان

(40/25)


(15) تبوءوا: اتَّخَذُوا
(16) النصب: التعب والمشقة
(1/ 56)

52 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا معمر، عن الأشعث بن عبد الله، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: «في الجنة شجرة يقال لها طوبى، يقول الله لها: تفتقي لعبدي عما شاء، فتفتق له عن فرس بلجامه (1) وسرجه (2) وهيئته كما شاء، وتتفتق له عن الراحلة (3) برحلها وزمامها وهيئتها كما شاء، وعن الثياب»
__________
(1) اللجام: الحديدة التي توضع في فم الفرس وما يتصل بها من سيور
(2) السرج: ما يوضع على ظهر الدابة للركوب
(3) الراحلة: البَعيرُ القويّ على الأسفار والأحمال، ويَقَعُ على الذكر والأنثى
(1/ 57)

53 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، عن منصور، عن حسان بن أبي الأشرس، عن مغيث بن سمي، قال: «طوبى شجرة في الجنة، لو أن رجلا ركب قلوصا (1) أو جذعا ثم دارها لم يبلغ المكان الذي ارتحل منه حتى يموت هرما (2)، وما من الجنة منزل إلا غصن من أغصان تلك الشجرة متدل عليهم، فإذا أرادوا أن يأكلوا من الثمرة تدلى عليهم فأكلوا منه ما شاءوا، قال: وتجيء الطير فيأكلون منه قديدا (3) وشواء ما شاءوا ثم تطير»
__________
(1) القلوص: الناقة الشابة القوية
(2) الهرم: كِبر السّن وضعفه
(3) القديد: اللحم المقطع والمملح المجفف في الشمس
(1/ 58)

54 - حدثنا هارون بن معروف، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن ابن أبي جرة، عن مجاهد، في قوله تعالى: طوبى (1) قال: «شجرة في الجنة فيها حمل أمثال ثدي النساء فيها حلل (2) أهل الجنة»
__________
(1) سورة: الرعد آية رقم: 29
(2) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(1/ 59)

(40/26)


55 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: «ذكر لنا أن نخل الجنة جذوعها ياقوت، وعشبها ذهب وسعفها حلل (1)، وثمرها أشد بياضا من الثلج وألين من الزبد وأحلى من العسل»
__________
(1) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(1/ 60)

56 - حدثنا هارون بن عبد الله، ثنا سيار، ثنا جعفر، قال: سمعت مالك بن دينار، يقول: «كم من أخ يحب أن يلقى أخاه يمنعه من ذلك شغل عسى الله أن يجمع بينهما في دار لا فرقة فيها». ثم يقول مالك: «وأنا أسأل الله يا إخوتاه أن يجمع بيني وبينكم في دار لا فرق فيها في ظل طوبى ومستراح العابدين»
(1/ 61)

57 - حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، عن ابن عباس، قال: «طوبى اسم الجنة بالحبشية»
(1/ 62)

58 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: «أرض الجنة من ورق (1) ترابها مسك، وأصول شجرها ذهب وياقوت، والورق والثمر تحت ذلك، من أكل جالسا لم يؤذه، ومن أكل قائما لم يؤذه، ومن أكل مضطجعا لم يؤذه: ذللت قطوفها تذليلا (2)»
__________
(1) الورق: الفضة. والأورق: الأسمر.
(2) سورة:
(1/ 63)

59 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا وكيع، ثنا شعبة، عن المغيرة بن مالك، عن رجل يقال له عبد الكريم أو يكنى أبا عبد الكريم قال: أقامني على رجل بخراسان فقال: حدثني هذا أنه، سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: «يوم تبدل الأرض غير الأرض (1) الأرض من فضة والجنة من ذهب»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 48
(1/ 64)

60 - حدثنا المثنى بن معاذ، ثنا أبي، عن شعبة، عن أبي الضحاك، قال: سمعت أبا هريرة، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة أو سبعين سنة، شعبة شك، شجرة الخلد»
(1/ 65)

(40/27)


61 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا إسماعيل بن عياش، عن حميد بن أبي سويد، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، قال: «الطلح المنضود: اللوز»
(1/ 66)

62 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون: وظل ممدود (1) قال: «مسيرة ألف سنة أنهار الجنة»
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 30
(1/ 67)

63 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يحيى بن سعيد، قال حميد: ثنا، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه (1) خيام اللؤلؤ فضربت بيدي في مجرى الماء فإذا مسك أذفر (2)، فقلت: يا جبريل ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك الله عز وجل»
__________
(1) الحَافة: ناحِية الموضع وجانبه
(2) أذفر: جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(1/ 68)

64 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، في قوله تعالى: إنا أعطيناك الكوثر (1) قال: «الكوثر نهر في الجنة حافتاه قصب الذهب مجراه على الدر والياقوت أشد بياضا من الثلج، وأشد حلاوة من العسل، وتربته أطيب من ريح المسك»
__________
(1) سورة: الكوثر آية رقم: 1
(1/ 69)

65 - حدثنا الحكم بن موسى، حدثني محمد بن ربيعة، عن أبي جعفر الرازي، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: «الكوثر نهر في الجنة، فمن أحب أن يسمع خريره فليضع إصبعيه في أذنيه»
(1/ 70)

66 - حدثني يعقوب بن عبيد، ثنا يزيد بن هارون، أنا الجريري، عن معاوية بن قرة، عن أنس بن مالك، قال: «لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض، لا والله إنها لسائحة على وجه الأرض، أحد حافتيها اللؤلؤ والأخرى الياقوت وطينه المسك الأذفر (1)»، قلت: ما الأذفر؟ قال: «الذي لا خلط له»
__________
(1) أذفر: جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(1/ 71)

(40/28)


67 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد الله بن وهب، ثنا سعيد بن أبي أيوب، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، أن ابن عباس، قال: «إن في الجنة نهرا يقال له البيدخ (1) عليه قباب (2) الياقوت تحته جوار نابتات، يقول أهل الجنة: انطلقوا بنا إلى البيدخ فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري، فإذا أعجبت رجلا منهم جارية مس معصمها فتبعته ونبت مكانها أخرى»
__________
(1) البيدج والبيدخ: نهر في الجنة
(2) القبة: الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(1/ 72)

68 - حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمان، عن أبي إسحاق، عن أبان، عن أنس: فيهما عينان نضاختان (1) قال: «بالمسك والعنبر ينضخان على دور أهل الجنة كما ينضخ المطر على دور أهل الدنيا»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 66
(1/ 73)

69 - حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد: فيهما عينان نضاختان (1) قال: «بالماء والفواكه»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 66
(1/ 74)

70 - حدثنا ابن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: «اللتان تجريان أفضل من النضاختين»
(1/ 75)

71 - حدثنا عون بن إبراهيم، حدثني عيسى بن يونس، ثنا ضمرة، عن ابن شوذب، عن شيخ، من أهل البصرة في قول الله يفجرونها تفجيرا (1) قال: «معهم قضبان الذهب حيثما مالوا مالت معهم»
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 6
(1/ 76)

72 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، أنه قرأ هذه الآية: إنا أعطيناك الكوثر (1) فقال صلى الله عليه وسلم: «أعطيت الكوثر فإذا هو نهر يجري ولم يشق شقا، وإذا حافتاه (2) قباب (3) اللؤلؤ فضربت بيدي إلى كربته فإذا مسكه ذفرة (4)، وإذا حصباؤها (5) اللؤلؤ»
__________
(1) سورة: الكوثر آية رقم: 1
(2) الحَافة: ناحِية الموضع وجانبه
(3) القبة: الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف

(40/29)


(4) أذفر: جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(5) الحصباء: الحجارة الصغيرة
(1/ 77)

73 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا همام، ثنا قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه (1) قباب (2) الدر، فقلت لجبريل عليه السلام: ما هذا؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك الله عز وجل فضرب جبريل بيده فيه فإذا طينه مسك أذفر (3)»
__________
(1) الحَافة: ناحِية الموضع وجانبه
(2) القبة: الخيمة الصغيرة أو البناء المستدير المقوس المجوف
(3) أذفر: جيد إلى الغاية رائحته شديدة
(1/ 78)

74 - حدثنا سويد بن سعيد، ثنا حفص بن ميسرة، ثنا زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن معاذ بن جبل، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض وإن أعلاها الفردوس، وإن العرش على الفردوس، وعنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتموه فاسألوه الفردوس»
(1/ 79)

75 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، أنا همام، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للجنة مائة درجة بين كل درجتين مائة عام، والفردوس أعلاها درجة ومنها تخرج الأنهار الأربعة والعرش فوقها فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس»
(1/ 80)

76 - حدثنا مجاهد بن موسى، ثنا معن بن عيسى، حدثني ابن أخي ابن شهاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر فقال: «نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور أعناقها كأعناق الجزور (1)» فقال عمر: إنها لناعمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكلها أنعم منها»
__________
(1) الجَزُور: البَعِير ذكرا كان أو أنثى، إلا أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة، تقول الجَزُورُ، وَإن أردْت ذكَرا، والجمْع جُزُرٌ وجَزَائر
(1/ 81)

(40/30)


77 - حدثنا عمر بن إسماعيل الهمداني، ثنا علي بن حفص المدايني، عن سليمان بن المغيرة، عن أبي المعتمر، قال: «نبئت أن في الجنة، نهرا ينبت الجواري الأبكار»
(1/ 82)

78 - حدثنا سعيد بن يحيى الأموي، ثنا أبي، ثنا محمد بن عمرو، ثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربعة أنهار فجرت من الجنة، نهران ظاهران ونهران باطنان، النيل والفرات، وسيحان وجيحان»
(1/ 83)

79 - حدثنا يعقوب بن عبيد، ثنا محمد بن عمر، أنا أسامة بن زيد الليثي، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن يزيد بن شجرة، عن أبي عبيدة بن الجراح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن عز وجل ومنها تفجر أنهار الجنة، فإذا سألتم الله عز وجل فاسألوه الفردوس»
(1/ 84)

80 - حدثنا أبو خيثمة، أنا يزيد بن هارون، أنا الجريري، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «في الجنة بحر اللبن، وبحر العسل، وبحر الماء، وبحر الخمر، ثم تشقق الأنهار منها بعد»
(1/ 85)

81 - حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا أبو قدامة الحارث بن عبيد الإيادي، ثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جنات الفردوس أربع: جنتان من ذهب حليتهما، وآنيتهما (1) وما فيهما من شيء، وثنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما من شيء، وليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه عز وجل في جنة عدن، وهذه الأنهار تشخب (2) من جنة عدن، ثم تصدع بعد ذلك أنهارا»
__________
(1) الآنية: الوعاء للطعام والشراب
(2) تشخب: تسيل
(1/ 86)

(40/31)


82 - حدثنا داود بن عمرو، ثنا عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير، قال: «لكل رجل سماعتان يسمعانه من تقديس الرحمن وتمجيده عز وجل بصوت لم يسمع الخلائق بمثله يقولون: نحن خيرات حسان، أزواج أقوام كرام، ينظرون إلى قرة (1) أعين طوبى (2) لمن كان لنا وطوبى (3) لمن كنا له»
__________
(1) قرة العين: هدوء العين وسعادتها ويعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان
(2) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(3) طوبى لهم: قيل إن معناه فرح وقرة عين أو غبطة لهم أو حسنى لهم أو خير لهم وكرامة أو دوام الخير وقيل الجنة وقيل شجرة في الجنة
(1/ 87)

83 - حدثنا بندار، ثنا ابن أبي عدي، ثنا إسماعيل المكي، عن الحسن، عن سمرة، قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن الفردوس هي أعلى الجنة وأرفعها وأحسنها الرؤية والزيادة»
(1/ 88)

84 - حدثنا محمد بن عبد الرحمن الأنطاكي، ثنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: «يا أهل الجنة»، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، فيقول: «هل رضيتم؟» فيقولون: ما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ قال: «ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟» قالوا: يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: «أحل عليكم رضواني فلا أسخط (1) عليكم بعده أبدا»
__________
(1) أسخط: أغضب
(1/ 89)

(40/32)


85 - حدثني الحسين بن علي بن يزيد الصدائي، أنه حدث عن عبد الله بن عبيد الله بن عاصم العباداني، عن الفضل بن عيسى، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يبعث الله عز وجل مناديا ينادي إلى أهل الجنة، فيناديهم بصوت يسمعهم أجمعين يقول: يا أهل الملك الدائم، والنعيم المقيم، والحياة التي لا موت فيها فيجيئون أجمعين، فيقول: ربكم يقول: «هل رضيتم عني؟» فيقولون سبحان ربنا قد رضينا عن ربنا الرضا كله. فيقول: يا أهل الجنة إن ربكم يقول لكم: «سأعطيكم خيرا مما أعطيتكم»، فيقولون: سبحان ربنا وأي شيء أفضل مما أعطانا ربنا؟ فيقول: يا أهل الجنة إن ربكم يقول: قد أعطيتكم رضواني ورضواني أكبر «فيعاظم أهل الجنة فيضعف كل شيء فيها أضعافا
(1/ 90)

86 - حدثنا محمد بن الحسين، ثنا الحسن بن سوار أبو العلاء، ثنا النضر بن عربي، قال: «يجيء جبريل عليه السلام إلى أهل الجنة فيقوم على ياقوتة من ياقوت الجنة ويقول: يا أهل الجنة إن ربكم يقرأ عليكم السلام ويجزيكم فيما أحببتم من حلي وحلل، فيقولون له: بلغ ربنا عنا السلام وقل له: إنا قد رضينا الثواب، وإنا نسأله رضوانه عنا»
(1/ 91)

87 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، وعبد العزيز بن يحيى، قال: حدثنا عفيف بن سالم، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن شقيق بن ثور، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي نعيم أهل الجنة أفضل؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «النظر إلى ذي العزة»
(1/ 92)

(40/33)


88 - حدثنا أبو خيثمة، وإسحاق، قالا: ثنا جرير، عن ليث، عن عثمان بن أبي حميد، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أتاني جبريل عليه السلام وفي كفه كالمرآة البيضاء، فيها كالنكتة السوداء، فقلت: ما هذا الذي في يدك؟ قال: الجمعة، قلت: وما الجمعة؟ قال: لكم فيها خير، قلت: وما لنا فيها؟ قال: تكون عيدا لك ولقومك من بعدك، وتكون اليهود والنصارى تبعا لك، قال: ولكم فيها ساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله عز وجل فيها خيرا هو له قسم إلا أعطاه إياه، ويتعوذ من شر ما هو عليه مكتوب إلا فك عنه من البلاء ما هو أعظم منه قال: وهو عندنا سيد الأيام، ونحن نسميه يوم القيامة يوم المزيد، قال: مم ذلك؟ قال: لأن الرب تبارك وتعالى اتخذ في الجنة واديا أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل عن كرسيه أو نزل من عليين على كرسيه، ثم حف الكرسي بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ثم يجيء النبيون حتى يجلسوا على تلك المنابر، ثم حفت تلك المنابر بكراس من نور، ثم جاء الصديقون والشهداء حتى يجلسوا على تلك الكراسي، ثم ينزل أهل الغرف حتى يجلسوا على تلك الكثب، ثم يتجلى لهم ربهم عز وجل فيقول:» أنا الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكم نعمتي وهذا محل كرامتي فاسألوني «، قال: فيسألونه الرضا فيشهدهم» أني قد رضيت عنكم «.

(40/34)


قال: فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم وفوق رغبتهم، قال: فيفتح ما لم يخطر على قلب بشر، ولم تسمعه أذن، ولم تره عين، قال: وذلك بمقدار منصرفهم يوم الجمعة، ثم يرتفع على كرسيه ويرتفع معه النبيون والصديقون والشهداء، ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وهي درة بيضاء لا فصم فيها ولا قصم قال ابن أبي الدنيا: الفصم الصدع الذي لم يبن، والقصم ما قد بان وياقوتة حمراء وزبرجدة (1) خضراء فيها أنهار مطردة وثمارها متدلية، وفيها غرفها وأبوابها وفيها أزواجها وخدمها فليس إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة لا يزدادون نظرا إلى ربهم إلا ازدادوا كرامة» حدثنا الحكم بن موسى، ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني عمر بن عبد الله، مولى غفرة بن شيبة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «جاءني جبريل عليه السلام في كفه كالمرآة البيضاء فيها كالنكتة السوداء، فذكر نحو المعنى
__________
(1) الزبرجد: حجر كريم من الجواهر وهو الزمرد
(1/ 93)

89 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يحيى بن كثير، ثنا المسعودي، عن المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: «سارعوا إلى الجمعة فإن الله عز وجل يبرز أهل الجنة في كل جمعة إلى كثيب من كافور أبيض فيكونون في القرب منه على قدر تسارعهم إلى الجمعات في الدنيا، فيحدث لهم من الكرامة ما لم يكن قبل ذلك»
(1/ 94)

90 - حدثني عمار بن نصر المروزي، ثنا يحيى بن يمان، عن شريك، عن أبي اليقظان، عن أنس بن مالك: ولدينا مزيد (1) قال: «يتجلى لهم كل جمعة»
__________
(1) سورة: ق آية رقم: 35
(1/ 95)

(40/35)


91 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا أبو بكر الهذلي، أنا أبو تميمة الهجيمي، قال: سمعت أبا موسى الأشعري، يخطب على منبر البصرة يقول: «إن الله عز وجل يبعث يوم القيامة ملكا إلى أهل الجنة فيقول: يا أهل الجنة هل أنجزكم الله ما وعدكم؟ فينظرون فيرون الحلي والحلل (1) والثمار والأنهار والأزواج المطهرة فيقولون: نعم، قد أنجزنا الله ما وعدنا، ثم يقول الملك: هل أنجزكم الله ما وعدكم ثلاث مرات، فلا يفقدون شيئا مما وعدوا فيقولون: نعم، فيقول: قد بقي لكم شيء إن الله عز وجل يقول: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (2) ألا إن الحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجهه الكريم»
__________
(1) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(2) سورة: يونس آية رقم: 26
(1/ 96)

92 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سليمان بن المغيرة، ثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، في قوله عز وجل: وزيادة (1)، قال: قيل له: أرأيت قوله: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، قال: «إن أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فأعطوا فيها ما أعطوا من الكرامة والنعيم نودوا: يا أهل الجنة، إن الله وعدكم الزيادة، فيتجلى (2) لهم عز وجل. قال ابن أبي ليلى: فما ظنك بهم حين ثقلت موازينهم، وحين صارت الصحف في أيمانهم، وحين جاوزوا (3) جسر جهنم ودخلوا الجنة وأعطوا ما أعطوا من الكرامة والنعيم، كأن ذا لم يكن شيئا رأوه»
__________
(1) سورة: يونس آية رقم: 26
(2) يتجلى: يظهر
(3) جاوز الشيء: مر عليه وعبره وتخطاه
(1/ 97)

93 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا أبو معاوية، عن عبد الملك بن أبجر، عن ثوير بن أبي فاختة، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أفضل أهل الجنة منزلة من ينظر إلى وجه الله عز وجل كل يوم مرتين»
(1/ 98)

(40/36)


94 - حدثني الحسين بن علي بن يزيد الصدائي، أنه حدث عن عبد الله بن عبيد الله أبي عاصم العباداني، ثنا الفضل بن عيسى، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فينظرون فإذا الرب عز وجل قد أشرف (1) عليهم من فوقهم فقال: «السلام عليكم يا أهل الجنة»، وذلك قوله عز وجل: سلام قولا من رب رحيم (2)، قال: فينظرون إليه لا يلتفتون إلى شيء من النعيم، فأداموا ينظرون إليه، ثم يبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم
__________
(1) أشرف: أطل وأقبل واقترب وعلا ونظر وتطلع
(2) سورة: يس آية رقم: 58
(1/ 99)

95 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا يحيى بن أيوب، حدثني عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: «إن أهل الجنة لا يتغوطون (1) ولا يتمخطون (2) ولا يمنون، إنما نعيمهم الذي هم فيه مسك يتحدر من جلودهم كالجمان، وعلى ألوانهم كثبان (3) من مسك يزورون الله عز وجل في الجمعة مرتين فيجلسون على كراس من ذهب مكللة باللؤلؤ والياقوت (4) والزبرجد ينظرون إلى الله عز وجل وينظر إليهم فإذا قاموا انقلب أحدهم إلى الغرفة من غرفة لها سبعون بابا مكللة باللؤلؤ والياقوت»
__________
(1) التغوُّط: التبرُّز
(2) التمخط: الاستنثار وإلقاء مخاط الأنف
(3) الكَثِيب: الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
(4) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(1/ 100)

96 - حدثني الفضل بن يعقوب، ثنا الفريابي، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أهل الجنة الجنة قال: «هل تشتاقون شيئا؟» قالوا: يا رب فما خير ما أعطيتنا؟ قال: «رضواني أكبر»
(1/ 101)

باب طعام أهل الجنة
(1/ 102)

(40/37)


97 - حدثنا الحسن بن داود الضبي، ثنا جابر بن نوح، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبي أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة يتزاورون على نجائب بيض كأنهن الياقوت (1)، وليس في الجنة من البهائم إلا الإبل (2) والطير»
__________
(1) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(2) الإبل: الجمال والنوق ليس له مفرد من لفظه
(1/ 103)

98 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، ثنا حميد، عن أنس، أن عبد الله بن سلام، سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما أول ما يأكل أهل الجنة؟ قال: «أول ما يأكل أهل الجنة زيادة كبد حوت»
(1/ 104)

99 - حدثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا حصين بن عمر الأحمسي، ثنا مخارق، عن طارق بن شهاب، عن عمر، قال: جاء ناس من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أفي الجنة فاكهة؟ قال: «فيها فاكهة ونخل ورمان» قالوا له: أفيأكلون منها كما يأكلون في الدنيا؟ قال «نعم، وأضعافا» قالوا: أفيقضون الحوائج؟ قال: «لا، ولكنهم يعرقون ويرشحون فيذهب الله عز وجل ما في بطونهم من أذى»
(1/ 105)

100 - حدثنا عبد الرحمن بن واقد، ثنا خلف بن خليفة، ثنا حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لتنظر إلى الطير يطير في الجنة فتشتهيه، فيخر بين يديك مشويا»
(1/ 106)

101 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن حسان بن الأشرس، عن مغيث بن سمى، قال: «إن الطير يجيء فيقع على الشجر فيأكلون من إحدى جنبيه شواء والآخر قديدا (1)»
__________
(1) القديد: اللحم المقطع والمملح المجفف
(1/ 107)

(40/38)


102 - حدثنا محمد بن الحسين، ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي، ثنا جعفر بن سليمان، عن سليمان، عن إبراهيم بن عيسى اليشكري، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: «إن العبد ليشتهي اللحم في الجنة فيجيء طائر فيقع الطائر بين يديه فيقول: يا ولي الله أكلت من الزنجبيل، وشربت من السلسبيل، ورتعت (1) بين العرش والكرسي فكلني»
__________
(1) رتعت: رعت كيف شاءت
(1/ 108)

103 - حدثنا عيسى بن مسلم، وإسحاق بن إبراهيم، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن عبيد الله بن الوليد، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة طائرا له سبعون ألف ريشة يجيء فيقع على صحفة (1) الرجل من أهل الجنة فينتفض فيقع من كل ريشة لون أبيض من الثلج، وألين من الزبد، وألذ من الشهد ليس فيها لون يشبه صاحبه ثم يطير»
__________
(1) الصحفة: إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف
(1/ 109)

104 - حدثنا أبو إبراهيم الترجماني، عن صالح بن مالك، قال: «إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم صحفتان (1)، واحدة من فضة وواحدة من ذهب، في كل صحفة لون ليس في الأخرى مثلها يأكل من آخره كما يأكل من أوله يجد لآخره من اللذة ما لا يجد لأوله ثم يكون ذلك برشح مسك وجشاء». لفظ صالح بن مالك
__________
(1) الصحفة: إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف
(1/ 110)

(40/39)


105 - حدثنا حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن المبارك، أنا صفوان بن عمر، عن سليم بن عامر، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون إن الله عز وجل لينفعنا بالأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابي يوما فقال: يا رسول الله، ذكر الله عز وجل في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى شجرة تؤذي صاحبها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما هي؟» قال: السدر، فإن لها شوكا مؤذيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أليس الله عز وجل يقول: في سدر مخضود (1) خضد الله عز وجل شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة فإنها لتنبت ثمرا تفتق الثمرة عن اثنين وسبعين لونا من طعام ما فيه لون يشبه الآخر» حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، ثنا محمد بن حرب، عن صفوان بن عمر، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة الباهلي، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 28
(1/ 111)

106 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، ثنا عبد الله بن وهب، ثنا ابن لهيعة، ثنا يزيد بن أبي حبيب، أن أبا الخير حدثه أن أبا العوام مؤذن إيليا أو رجل أذن بإيليا أنه، سمع كعبا يقول: «إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: ادخلوها إن لكل ضيف جزورا (1) وإني أجزركم اليوم فيؤتى بنون وحوت فيجزر لأهل الجنة»
__________
(1) الجَزُور: البَعِير ذكرا كان أو أنثى، إلا أنَّ اللَّفْظة مُؤنثة، تقول الجَزُورُ، وَإن أردْت ذكَرا، والجمْع جُزُرٌ وجَزَائر
(1/ 112)

(40/40)


107 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثمامة بن عقبة، عن زيد بن أرقم، قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فقال: يا أبا القاسم ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، وقال لأصحابه: إن أقر فيها خصمته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بلى والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل من المشرب والمطعم والشهوة والجماع» فقال له اليهودي: فإن الذي يشرب ويأكل تكون له الحاجة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حاجتهم عرق يفيض من جلودهم مثل ريح المسك فإذا البطن قد ضمر (1)»
__________
(1) ضمر البطن: خفَّ فصار لطيفا
(1/ 113)

108 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا عوف، عن قسامة بن زهير، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما أهبط الله عز وجل آدم من الجنة زوده من ثمارها، فثماركم هذه من ثمار الجنة إلا أن هذه تتغير وثمار الجنة لا تتغير»
(1/ 114)

109 - حدثنا بشر بن الوليد، أخبرتنا أم الضحاك مولاة خالد بن معدان، عن خالد بن معدان قال: «إن الرمانة، والأترجة، من فاكهة الجنة تأتي العبد فيأكل منها رمانا أو أترجا (1) ما اشتهى ثم ينقلب أي لون اشتهى»
__________
(1) الأترج: قيل هو التفاح، وقيل هو ثمر طيب الطعم والرائحة يشبه الليمون حامض يسكن شهوة النساء ويجلو اللون والكلف وقشره يمنع السوس
(1/ 115)

110 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، قال معمر: أنبأنا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وذللت قطوفها تذليلا (1) قال: إذا قام ارتفعت، وإذا بعد تدلت حتى يتناولها وإذا اضطجع تدلت فذلك تذليلها
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 14
(1/ 116)

(40/41)


111 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا شريك، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، في قوله عز وجل: ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا (1) قال: «أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة كيف شاءوا جلوسا ومضطجعين وكيف شاءوا»
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 14
(1/ 117)

112 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن يزيد، عن جرير، عن الضحاك: «وجنى الجنتين دان (1) قال: دان ثمارها»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 54
(1/ 118)

113 - حدثني محمد بن رزق الله، ثنا الربيع بن نافع، ثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام، قال: حدثني أبو أسماء الرحبي، عن ثوبان، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر (1) من أحبار (2) اليهود فقال: يا محمد، ما تحفتهم (3) يوم يدخلون الجنة؟ قال: «زيادة كبد النون (4)» قال: فما غذاؤهم في أثرها؟ قال: «ينحر (5) لهم ثور الجنة الذي يأكل من أطرافها» قال: فما شرابهم عليه؟ قال: «من عين فيها تسمى سلسبيلا (6)» قال: فصدقه
__________
(1) الحبر: العالم المتبحر في العلم
(2) الأحبار: جمع حِبْر وحَبْر، وهو العالم
(3) التُّحفة: طُرْفة الفاكهة وأحسنها، والجمع التحف ثم تُستعملُ في غير الفاكهةِ من الألْطاف والنَّعَص التي يُكَرمُ بها الأضياف وغيرهم
(4) النون: أي الحُوت، وجمعُه: نِينَانٌ
(5) النحر: الذبح
(6) سلسبيل: اسم عين في الجنة ماؤها عذب
(1/ 119)

114 - حدثني أحمد بن حميد، ثنا معتمر بن سليمان، عن شبيب بن عبد الملك، قال: حدثني مقاتل بن حيان، قال: «إن أهل الجنة إذا دعوا بالطعام قالوا: سبحانك اللهم قال: فيقوم على أحدهم عشرة آلاف خادم مع كل خادم منهم صحفة (1) من ذهب فيها طعام ليس في الأخرى فيأكل منهن كلهن»
__________
(1) الصحفة: إِناءٌ كالقَصْعَة المبْسُوطة ونحوها، وجمعُها صِحَاف
(1/ 120)

(40/42)


باب شراب أهل الجنة
(1/ 121)

115 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون ولا يتمخطون (1)، ولا يبولون» قال: فما بال الطعام؟ قال: «جشاء (2) ورشح كرشح (3) المسك، يلهمون (4) التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس»
__________
(1) التمخط: الاستنثار وإلقاء مخاط الأنف
(2) الجشاء: صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة
(3) كرشح المسك: رائحته مثل رائحة المسك
(4) الإلْهَام: أن يُلْقِيَ اللّهُ في النَّفْس أمْراً، يَبْعَثُه على الفِعْل أو التَّرْك، وهو نَوْع من الوَحْيِ يَخُصُّ اللّه به من يشاء من عِبَاده
(1/ 122)

116 - حدثنا أبو كريب، ثنا عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الجنة ليأكلون ويشربون ولا يتغوطون (1)، ولا يبولون، إنما طعامهم ذلك جشاء (2) ورشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس»
__________
(1) التغوُّط: التبرُّز
(2) الجشاء: صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة
(1/ 123)

117 - حدثنا العباس بن عبد الله، ثنا حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم يعني ابن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «الرمانة من رمان الجنة يجتمع حولها بشر كثير يأكلون منها فإن جرى على ذكر أحدهم شيء يريده وجده في موضع يده حيث يأكل»
(1/ 124)

118 - حدثنا العباس، ثنا ابن المغيرة، ثنا عبدة، قالت: سمعت أبي خالد بن معدان، يقول: «إن الرجل يريد أن يأكل من فاكهة الجنة فيأتي الشجرة فتسترخي له حتى يأخذ منها ما أراد ثم ترتفع»
(1/ 125)

(40/43)


119 - حدثت عن يحيى بن معين، عن القاسم بن مالك المزني، عن حصين بن شريك، قال: حدثني شيخ رأيت أنه يكنى أبا عبد الرحمن، عن ميمونة، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه (1) لم يصبه دخان ولم تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير»
__________
(1) الخوان: ما يوضع عليه الطَّعام عند الأكل
(1/ 126)

120 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: «المعين: الخمر»
(1/ 127)

121 - وبإسناده قال: «لا فيها غول، ولا فيها أذى»
(1/ 128)

122 - حدثنا عبيد الله بن عمر، ثنا عمران بن عيينة، عن ابن أبي خالد، عن أبي صالح: «ومزاجه من تسنيم، عينا يشرب بها المقربون (1) صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 27
(1/ 129)

123 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سفيان، عن منصور، عن مالك بن الحارث، في قوله: ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون (1) قال: «عينا يشرب بها المقربون ويمزج فيها لأصحاب اليمين»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 27
(1/ 130)

124 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا رجل، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: قال أبو الدرداء: «ختامه مسك (1) قال: هو شراب أبيض مثل الفضة يختمون به أشربتهم لو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل فيه يده ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد ريحها»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 26
(1/ 131)

125 - حدثني حمزة، ثنا عبد الله بن عثمان، أنبا ابن المبارك، عن سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن يزيد بن معاوية، عن علقمة بن قيس، عن ابن مسعود: «ختامه مسك (1) قال: خلطا، وليس بخاتم يختم به»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 26
(1/ 132)

(40/44)


126 - حدثني حمزة، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا معمر، عن رجل، عن أبي قلابة، قال: «يؤتون بالطعام والشراب فإذا كان في آخر ذلك أتوا بشراب الطهور فيشربون فتضمر لذلك بطونهم ويفيض عرق من جلودهم مثل ريح المسك، ثم قرأ: وسقاهم ربهم شرابا طهورا (1)»
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 21
(1/ 133)

127 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال سمعت النضر بن إسماعيل، في قوله: «كلوا واشربوا هنيئا (1) لا يموتون»
__________
(1) سورة: الطور آية رقم: 19
(1/ 134)

128 - حدثنا محمد بن عباد بن موسى، ثنا زيد بن الخباب، عن معاوية بن صالح، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، قال: «إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء الإبريق فيقع في يده فيشرب ثم يعود إلى مكانه»
(1/ 135)

129 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، ثنا ابن أبي سبرة، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عوف بن الحارث بن الطفيل ابن أخي عائشة، عن كعب في قوله: ومزاجه من تسنيم (1) قال: «نهر يتسنم على الغرف»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 27
(1/ 136)

130 - حدثنا داود بن عمرو، ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرة، قال: «الرحيق هي الخمر، والمختوم يجدون عاقبة ريح المسك»
(1/ 137)

131 - حدثنا داود بن عمرو، ثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مالك بن الحارث، في قوله: عينا يشرب بها المقربون (1) قال: «عينا في الجنة يشرب بها المقربون صرفا، ويمزج لسائر أهل الجنة»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 28
(1/ 138)

132 - حدثنا داود بن عمرو، ثنا إسماعيل بن علية، ثنا حميد الطويل، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة: كأسا دهاقا (1) قال: «دمادم»
__________
(1) سورة:
(1/ 139)

133 - حدثنا داود بن عمرو، ثنا الزغبي بن خالد، عن أبي نجيح: كأسا دهاقا (1) قال: «تباعا»
__________
(1) سورة:
(1/ 140)

(40/45)


134 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا محمد بن خازم، عن الأعمش، عن المنهال، عن قيس بن السكن، عن عبد الله، قال: «إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس فيشربها ثم يلتفت إلى زوجته فتقول: لقد زدت في عيني سبعين ضعفا حسنا»
(1/ 141)

135 - حدثنا أبو مسلم، ثنا سفيان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «لو أخذت فضة من فضة أهل الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم تر الماء من ورائها ولكن قوارير الجنة في بياض الفضة وصفاء القارورة»
(1/ 142)

136 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا الزنجي بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: «قوارير، قوارير من فضة في بياض الفضة وصفاء القوارير»
(1/ 143)

137 - حدثني محمد بن عباد بن موسى، ثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: كانت قواريرا قواريرا من فضة (1) قال: «كان ترابها فضة يصف الزجاج في بياض الفضة»
__________
(1) سورة:
(1/ 144)

138 - حدثنا محمد بن حبان الأزرق، قال: سمعت منصور بن عمار، ثنا أبو معاوية الضرير، ثنا الأعمش، عن المنهال بن عمرو، قال: قال عبد الله: «إن المرأة من الحور العين لتشرب الكأس فينظر إليها زوجها فيزداد في عينها سبعين ضعفا من الحسن»
(1/ 145)

139 - حدثنا مجاهد بن موسى، ثنا معن بن عيسى، قال: حدثني ابن أخي ابن شهاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر قال: «نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، فيه طيور أعناقها كأعناق الجزور»، فقال عمر: إنها لناعمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكلها أنعم منها»
(1/ 146)

(40/46)


140 - حدثنا سويد بن سعيد، ثنا عبد ربه بن بارق الحنفي، حدثني خالي، زميل بن سماك، أن سماكا سمع أباه، يحدث أنه لقي عبد الله بن عباس بالمدينة بعدما كف بصره فقال: يا ابن عباس ما أرض الجنة؟ قال: «مرمرة (1) كأنها مرآة» قلت: ما نورها؟ قال: «أما رأيت الساعة التي تكون قبل طلوع الشمس فذلك نورها إلا أنه ليس فيها شمس ولا زمهرير (2)»، قال: قلت: فما أنهارها؟ أفي أخدود؟ قال: «لا ولكنها تجري على أرض الجنة مستكنة لا تفيض هاهنا ولا هاهنا، قال الله عز وجل لها كوني فكانت». قلت: فما حلل الجنة؟ قال: «شجرة فيها ثمر كأنه الرمان، فإذا أراد ولي الله عز وجل منها كسوة انحدرت إليه من غصنها فانفلقت له عن سبعين حلة ألوانا بعد ألوان ثم تنطبق فترجع كما كانت»
__________
(1) المَرْمَر: وهو نوعٌ من الرُّخامِ صُلْبٌ
(2) الزَّمْهَرِير: شِدَّةُ البرْد وهو الذي أعدّه اللّه عَذاباً للكفَّار في الدَّار الآخرة
(1/ 147)

141 - حدثنا محمد بن سليمان الأسدي، ثنا إسماعيل بن زكريا، عن محمد بن عون، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله عز وجل: إنا أعطيناك الكوثر (1) وقال: هو «نهر في الجنة عمقه في الأرض سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، شاطئاه اللؤلؤ، والزبرجد والياقوت (2) خص الله عز وجل به نبيه صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء عليهم السلام»
__________
(1) سورة: الكوثر آية رقم: 1
(2) الياقوت: حجر كريم من أجود الأنواع وأكثرها صلابة بعد الماس، خاصة ذو اللون الأحمر
(1/ 148)

باب لباس أهل الجنة
(1/ 149)

(40/47)


142 - حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي، ثنا أبو عتبة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام الأسود، قال: سمعت أبا أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما منكم من أحد يدخل الجنة إلا انطلق به إلى طوبى (1)، فتفتح له أكمامها فيأخذ من أي ذلك شاء، إن شاء أبيض، وإن شاء أحمر، وإن شاء أخضر وإن شاء أسود مثل شقائق (2) النعمان وأرق وأحسن»
__________
(1) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(2) شقائق النعمان: نوع من الزهور أحمر ينسب إلى النعمان بن المنذر
(1/ 150)

143 - حدثنا أبو خيثمة ثنا الحسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، حدثني دراج أبو السمح أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد، أن رجلا، قال: يا رسول الله طوبى (1) لمن رآك وآمن بك، قال: «طوبى لمن رآني وآمن بي، وطوبى (2) ثم طوبى، ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني» فقال رجل «وما طوبى؟ قال:» شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها «
__________
(1) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(2) طوبى لهم: قيل إن معناه فرح وقرة عين أو غبطة لهم أو حسنى لهم أو خير لهم وكرامة أو دوام الخير وقيل الجنة وقيل شجرة في الجنة
(1/ 151)

144 - حدثني يعقوب بن عبيد، ثنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، قال: قال أبو هريرة «دار المؤمن في الجنة لؤلؤ، فيها أربعون ألف دار فيها شجرة تنبت الحلل (1) فيأخذ الرجل بإصبعيه، وأشار بالسبابة والإبهام سبعين حلة (2) منتظمة باللؤلؤ والمرجان»
__________
(1) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(2) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(1/ 152)

145 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا عبد الله بن المبارك، أنا صفوان بن عمرو، عن شريح بن عبيد، قال: قال كعب: «لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم»
(1/ 153)

(40/48)


146 - حدثني عمار بن نصر المروزي، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الحكم بن أبان، أنه سمع عكرمة، يقول: «إن الرجل من أهل الجنة ليلبس الحلة (1) فتتلون في ساعة سبعين لونا»
__________
(1) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(1/ 154)

147 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن بشير بن كعب، أو غيره قال ذكر لنا أن «الزوجة من أزواج الجنة لها سبعون حلة (1) هي أرق من شفكم هذا يرى مخ ساقها من وراء اللحم»
__________
(1) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(1/ 155)

148 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا مجالد بن سعيد، عن الشعبي، قال: أتى أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ثياب أهل الجنة؟ أنعملها بأيدينا؟ فضحك القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يضحككم من جاهل يسأل عالما، لا ولكنها ثمرات»
(1/ 156)

149 - أخبرنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك، أهدى أكيدر بن دومة إلى النبي صلى الله عليه وسلم جبة (1) من سندس (2) فتعجب الناس من حسنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لمناديل سعد في الجنة أحسن منها»
__________
(1) الجبة: ثوب سابغ واسع الكمين مشقوق المقدم يلبس فوق الثياب
(2) السُّندس: ما رقَّ من الدِّيباج ورفع
(1/ 157)

باب فراش أهل الجنة
(1/ 158)

150 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا الحسن بن موسى، أنا ابن لهيعة، ثنا دارج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وفرش مرفوعة (1) قال: «والذي نفسي بيده إن ارتفاعها كما بين السماء والأرض، وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمسمائة عام»
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 34
(1/ 159)

(40/49)


151 - حدثنا الفضل بن يعقوب، ثنا الفريابي، ثنا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن عبد الله في قوله: بطائنها من إستبرق (1) قال: «هذه البطائن قد خبرتم بها فكيف بالظهائر»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 54
(1/ 160)

152 - حدثنا محمد بن عبد الرحمن الخزاعي، ثنا شريك، عن سالم، عن سعيد: بطائنها من إستبرق (1) قال «ظواهرها من نور جامد»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 54
(1/ 161)

153 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: بطائنها من إستبرق (1) قال: «الديباج (2)»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 54
(2) الديباج: هو الثِّيابُ المُتَّخذة من الإبْرِيسَم أي الحرير الرقيق
(1/ 162)

154 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثني معاذ بن هشام الدستوائي، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده عن القاسم، عن أبي أمامة، في قول الله عز وجل: وفرش مرفوعة (1) قال: «لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا»
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 34
(1/ 163)

155 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا هشيم، عن أبي بسر، عن سعيد بن جبير، قال: «الرفرف: رياض (1) الجنة، والعبقري: عتاق الزرابي»
__________
(1) الرياض: جمع الروضة وهي البستان
(1/ 164)

156 - حدثني أبي، ثنا إسماعيل ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: «متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان (1) هي البسط،» قال: «أهل المدينة يقولون: هي البسط»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 76
(1/ 165)

157 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، قال: «الرفرف: المجالس» «
(1/ 166)

158 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا خالد بن ربيعة بن أبي هلال، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، قال: سمعت كعبا، يقول: «نحن معشر حمير نقول السرير عليه حجلة: أريكة»
(1/ 167)

(40/50)


159 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا هشيم، أنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، في قوله: موضونة (1) قال: «مرمولة بالذهب»
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 15
(1/ 168)

160 - حدثني حمزة بن عباس، أنا عبد الله بن المبارك، أنا جويبر، عن الضحاك، قال: «العبقري: الزرابي»
(1/ 169)

161 - حدثنا هارون بن يحيى، أنبأني محمد بن زياد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، أنه أنشده أبياتا قالها أعشى طرود وهم حي من جديلة قيس بن عدوان يذكر الجنة ويقول: «لباسهم فيها حرير وتحتهم أرائك لم يوجد لهم شبه خضر وحور حسان كلهن عقيلة عروب إذا أفضت إلى بعلها بكر وماء فرات طعمه غير آسن (1) مع الماء شرب النحل والمخض والخمر»
__________
(1) الآسن: ما تغيرت رائحته
(1/ 170)

162 - حدثنا سويد بن سعيد، ثنا عبد ربه بن بارق الحنفي، عن خاله زميل، سمع أباه، قال: قلت لابن عباس: ما حلل الجنة؟ قال: «فيها شجرة فيها ثمرة كأنه الرمان، فإذا أراد ولي الله عز وجل كسوة انحدرت إليه من غصنها فانفلقت له عن سبعين حلة (1) ألوان بعد ألوان ثم تنطبق كما كانت»
__________
(1) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(1/ 171)

163 - حدثنا أبي رحمه الله، أنا محمد بن يزيد، عن العوام بن حوشب، عن أبي روح الشامي، قال: مر معاوية على كعب وهو يحدث قال: ما هذه الأحاديث يا كعب ابن أم كعب؟ قال كعب: «نعم والله يا معاوية إن لله عز وجل لدارا فيها سبعون ألف دار على عمد واحد من ياقوت ما فيها صدع (1) ولا وصل، لا يسكنها إلا خمسة: نبي، أو صديق، أو شهيد، أو محتكم في نفسه، أو إمام مقسط (2)، فانطلق من أيهم أنت يا معاوية؟» فأدبر معاوية وهو يبكي وهو يقول: أنى لك يا معاوية بالعدل
__________
(1) الصدع: الشق
(2) المقسط: العادل
(1/ 172)

(40/51)


164 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا محمد بن أبي الوضاح، حدثني العلاء بن رافع، ثنا حبان بن خارجة، عن عبد الله بن عمرو، قال: جاء أعرابي جاف جريء فقال: يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة أتخلق خلقا أو تنسج نسجا؟ فضحك بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يضحككم من جاهل يسأل عالما؟؟» فأكب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال: «أين السائل عن ثياب أهل الجنة؟» قالوا: ها هو ذا يا رسول الله، قال: «لا، بل تشقق عنها ثمر الجنة»
__________
(1) أكب: أطرق
(1/ 173)

165 - حدثنا سعد بن زنبور، أنا إسماعيل بن مجالد بن سعيد، عن أبيه، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أرأيت ثيابنا في الجنة نعملها بأيدينا؟ فضحك القوم، فقال ما تضحكون؟ من رجل جاهل يسأل عالما؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «صدق، لا ولكنها ثمرات»
(1/ 174)

166 - حدثنا العباس بن عبد الله أبو محمد، أنا أبو المغيرة، ثنا عبدة، عن أبيها خالد بن معدان، قال: «إن المرأة من نساء أهل الجنة تلبس ثنتين وسبعين حلة (1) لها اثنان وسبعون لونا، إن أدنى لونها لون شقائق (2) النعمان تجمعها بين أصبعيك تقرأ في صدر زوجها أنت حبي، ويقرأ في صدرها أنت حبي وأنا صاحبك»
__________
(1) الحُلَّة: ثوبَان من جنس واحد
(2) شقائق النعمان: نوع من الزهور أحمر ينسب إلى النعمان بن المنذر
(1/ 175)

باب قصور الجنة
(1/ 176)

167 - حدثنا أبو بكر بن يزيد، أنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن سماك، عن عكرمة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة لقصرا من لؤلؤ ليس فيه صدع (1) ولا وهن أعده الله عز وجل لخليله إبراهيم صلى الله عليه وسلم»
__________
(1) الصدع: الشق
(1/ 177)

(40/52)


168 - أنا شجاع بن الأشرس، قال: سمعت عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن حميد، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخلت الجنة فإذا فيها قصر أبيض، قال: قلت لجبريل: لمن هذا القصر؟ قال:» لرجل من قريش «، فرجوت أن أكون إياه فقلت: لأي قريش؟ فقال:» لعمر بن الخطاب «
(1/ 178)

169 - حدثنا شجاع بن الأشرس، ثنا عبد العزيز بن سلمة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيتني دخلت الجنة فرأيت قصرا أبيض بفنائه جارية، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر بن الخطاب، فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك» فقال عمر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله عليك أغار
(1/ 179)

170 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا خالد الطحان، عن سفيان بن حسين، عن الحكم، أو عن رجل، عن مجاهد، قال: تلا عمر بن الخطاب جنات عدن (1) قال: «قصر في الجنة له أربعة آلاف مصراع (2) على كل باب خمسة وعشرون ألفا من الحور العين لا يدخله إلا نبي»، ثم قال: «هنيئا لك يا رسول الله، أو صديق ثم هنيئا لك يا أبا بكر، أو شهيد فأنى لعمر بالشهادة»، ثم قال: «إن الذي أخرجه من ضري إنه لقادر على أن يرزقه الشهادة»
__________
(1) سورة: التوبة آية رقم: 72
(2) المصراع: جانب الباب
(1/ 180)

171 - حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، ثنا عون بن موسى، عن الحسن، قال: «قصر من ذهب لا يدخله إلا نبي، أو صديق، أو حكم عدل يرفع بها صوته»
(1/ 181)

172 - حدثنا فضيل، ثنا شريك، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، قال: «بطنان الجنة»
(1/ 182)

173 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مصعب بن سمي، قال: «إن في الجنة قصورا من ذهب وقصورا من زبرجد (1)، جبالها المسك، وترابها الورس (2) والزعفران»
__________
(1) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
(2) الورس: نبت أصفر يُصبغ به
(1/ 183)

(40/53)


174 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبيد بن عمير، قال: إن أدنى أهل الجنة من له دار لؤلؤة واحدة منها غرفها وأبوابها
(1/ 184)

175 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنا عبد الواحد بن واصل أبو عبيدة، ثنا عباد بن ميسرة المنقري، قال: سمعت الحسن بن أبي الحسن، قال: قال عمر لكعب: يا كعب، أخبرني عن جنة عدن؟ قال: «يا أمير المؤمنين، مبنية من ذهب، شرفها در وياقوت، لا يدخلها إلا نبي، أو صديق، أو شهيد، أو حكم عدل»
(1/ 185)

176 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يونس بن محمد، ثنا الخزرج السعدي، ثنا أبو أيوب مولى لعثمان بن عفان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيد (1) سوط (2) أحدكم في الجنة خير من الدنيا ومثلها معها، ولنصيف (3) امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها»، قال: قلت: يا أبا هريرة، ما النصيف؟ قال الخمار
__________
(1) قيد: قدر أو مسافة
(2) السوط: أداة جِلْدية تستخدم في الجَلْد والضرب
(3) النصيف: الخمار يوضع على رأس المرأة
(1/ 186)

177 - حدثنا الفضل بن يعقوب، ثنا الحجاج بن محمد، أنا حسن بن أبي جعفر، عن الحسن، عن عمران بن حصين، وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية: ومساكن طيبة في جنات عدن (1) قال: «قصر في الجنة من لؤلؤ، في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء، في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، في كل بيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش امرأة من الحور العين في كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من الطعام، في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة فيعطي الله عز وجل المؤمن في غداة (2) واحدة ما يأتي على ذلك كله»
__________
(1) سورة: التوبة آية رقم: 72
(2) الغداة: ما بين الفجر وطلوع الشمس
(1/ 187)

باب درجات أهل الجنة
(1/ 188)

(40/54)


178 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا محمد بن فضيل، ثنا سالم يعني ابن أبي حفصة، وعبد الله بن أصبهاني، وكثير النواء، وابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الدرجات العلى من الجنة ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع من آفاق السماء ألا وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما»
(1/ 189)

179 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، قال: أخبرني سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة ليتراءون الغرفة كما تراءون الكوكب الدري الغربي يراه الشرقي، أو الشرقي يراه الغربي»
(1/ 190)

180 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد بن هارون، أنا شريك بن عبد الله، عن محمد بن جحادة، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام»
(1/ 191)

181 - حدثنا أبو خيثمة، أنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، رضي الله عنه قال: «إن الرجل لترتفع له الدرجة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقال له: باستغفار ولدك»
(1/ 192)

182 - حدثنا حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة ليتراءون (1) في الغرف كما تتراءون الكوكب الشرقي والكوكب الغربي في الأفق أو الطالع في تفاضل أهل الدرجات» قالوا: يا رسول الله أولئك النبيون، قال: «بلى والذي نفسي بيده، وأقوام آمنوا بالله ورسوله وصدقوا المرسلين»
__________
(1) تراءى: نظر ورأى
(1/ 193)

183 - حدثنا أبو خيثمة، أنا الحسن بن موسى، أنا ابن لهيعة، ثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «للجنة مائة درجة ولو أن العالمين اجتمعوا في واحدة لوسعتهم»
(1/ 194)

(40/55)


184 - حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا زيد بن حباب، ثنا عبد الرحمن بن شريح، ثنا أبو هانئ التجيبي، قال: سمعت أبا سعيد الخدري، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مائة درجة في الجنة ما بين الدرجتين ما بين السماء والأرض وأبعد مما بين السماء والأرض» قلت: يا رسول الله لمن؟ قال: «للمجاهدين في سبيل الله عز وجل»
(1/ 195)

185 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا جرير، عن هشام بن حسان، عن جبلة بن عطية، عن محيريز، قال: فضل الله عز وجل المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه قال: هي سبعون درجة ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر (1) سبعين عاما
__________
(1) المضمر: الذي ينقص علفه بعد سمنه ليخف لحمه ويزداد جريه
(1/ 196)

186 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، ثنا ابن المبارك، أنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: «بلغنا أن أهل الجنة، يزور الأعلى الأسفل ولا يزور الأسفل الأعلى»
(1/ 197)

187 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي، أنا أبو صالح كاتب الليث قال: حدثني الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: «لا يؤذن للأسفل بزيارة الأعلى إلا من كان يزور في الله عز وجل فإنه يؤذن له يزور من الجنة حيث شاء»
(1/ 198)

188 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب، قال: «رؤي في الجنة كهيئة البرق، فقيل: أفي الجنة برق؟ فقيل: لا ولكن رجل من عليين خرج من غرفة»
(1/ 199)

(40/56)


189 - حدثنا محمد بن جعفر، ثنا منصور، ثنا ابن لهيعة، عن زهرة بن معبد القرشي ع ن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: «إن المؤمن إذا دخل الجنة تلقاه ثمانون ألف خادم وإنه ليدخل الغرف من غرفة في الجنة من زبرجدة (1) خضراء فيأتيه أزواجه فيتراءين له من وراء الزبرجد فيتشوق إليهن فرحا، قال: فيقولون له: يا حبيبنا إنا لم نجاوز حائط الزبرجد إليك بعد وذلك من صفاء الزبرجدة وضوئها»
__________
(1) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
(1/ 200)

190 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: هم درجات عند الله (1) قال: «بعضهم أفضل من بعض فيرى الذي قد فضل به فضيلة ولا يرى الذي أسفل منه أنه فضل عليه أحد من الناس»
__________
(1) سورة: آل عمران آية رقم: 163
(1/ 201)

191 - حدثنا شريح بن يونس، قال: حدثني يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال: سمعت مجالدا، يقول: أشهد على أبي الدرداء أنه قال: أشهد على أبي سعيد أنه قال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة ليرون أهل عليين (1) كما ترون الكوكب الذي في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر لمنهما وأنعما» فقال إسماعيل بن أبي خالد وهو معه على الطنفسة: أشهد على عطية أنه شهد على أبي سعيد أنه شهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا حدثنا شريح، قال: أشهد على أبي إسماعيل المؤذن أنه حدثنا عن عطية، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا
__________
(1) عِلِّيُّون: اسم للسماء السابعة، وقيل: هو اسمٌ لدِيوَان الملائكة الحَفَظَة، تُرْفَع إليه أعمالُ الصالحين من العباد، وقيل: أراد أعْلَى الأمْكِنَة وأشْرَفَ المرَاتِب من اللّه في الدار الآخرة.
(1/ 202)

(40/57)


192 - حدثنا الهيثم بن خارجة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية، عن موسى بن وردان، عن أبي سعيد، قال: «الوسيلة درجة في الجنة ليس في الجنة درجة أعلى منها فأسأل الله عز وجل أن يؤتينيها على رءوس الخلائق»
(1/ 203)

باب ملك أهل الجنة
(1/ 204)

193 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا الزنجي بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (1) «عظيما فلا تدخل الملائكة عليهم إلا بإذن»
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 20
(1/ 205)

194 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا بقية بن الوليد، قال: حدثني أرطأة بن المنذر، قال: سمعت رجلا من مسجد الخيف يقال له أبو الحجاج قال: جلست إلى أبي أمامة قال: «إن المؤمن يكون متكئا على أريكته (1) إذا دخل الجنة وعنده سماطان من الخدم وعند طرف السماطين (2) باب مبوب، فيقبل الملك من ملائكة الله عز وجل يستأذن، فيقوم أدنى الخدم إلى الباب فإذا هو بالملك يستأذن، فيقول للذي يليه ملك يستأذن ويقول الذي يليه للذي يليه ملك يستأذن كذلك حتى يبلغ المؤمن فيقول: ائذنوا، ويقول الذي يليه للذي يليه ائذنوا كذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب فيفتح له فيدخل فيسلم ثم ينصرف»
__________
(1) الأريكة: كل ما اتكئ عليه من سرير أو فراش أو منصة
(2) السِّماط: الجماعةُ من الناس والنخل. والمرادُ به في الحديث الجماعةُ الذين كانوا جُلوسا عن جانِبَيْه.
(1/ 206)

(40/58)


195 - حدثني محمد بن الحسين، ثنا قبيصة، ثنا قيس بن سليم العنبري، عن الضحاك بن مزاحم، قال: «بينا ولي الله عز وجل في منزله إذ أتاه رسول من الله عز وجل فقال للآذن استأذن لرسول الله عز وجل على ولي الله فيدخل الآذن فيقول: يا ولي الله هذا رسول من الله عز وجل فيضع بين يديه تحفة فيقول: يا ولي الله إن ربك يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تأكل من هذه فيشبهه بطعام أكل آنفا فيقول: إني أكلت من هذا الآن فيقول: إن ربك يأمرك أن تأكل منها فيأكل منها فيجد طعم كل ثمرة في الجنة فذلك قوله تعالى: وأتوا به متشابها (1)»
__________
(1) سورة: البقرة آية رقم: 25
(1/ 207)

196 - حدثني حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا رجل، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه ذكر مراكبهم ثم قال: وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (1)
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 20
(1/ 208)

197 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن مرداس بن عبد الرحمن الجندعي، عن كعب، في قوله: وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا (1) قال: «يرسل إليهم ربهم الملائكة فتأتي فتستأذن عليهم»
__________
(1) سورة: الإنسان آية رقم: 20
(1/ 209)

198 - حدثنا الحسن بن محبوب، ثنا إسحاق بن سليمان الرازي، ثنا عمرو بن قيس، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قول الله عز وجل: وكان عرشه على الماء (1) قال: «اتخذ لنفسه جنة ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة، ثم قرأ: ومن دونهما جنتان (2) وهي التي قال الله عز وجل: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (3) وهي التي لا يعلم الخلائق ما فيها فيأتيهم كل يوم منها تحفة أو تفضل أو تحية»
__________
(1) سورة: هود آية رقم: 7
(2) سورة: الرحمن آية رقم: 62
(3) سورة: السجدة آية رقم: 17

(40/59)


(1/ 210)

199 - حدثنا الفضل بن يعقوب، أنا الهيثم بن جميل، ثنا الحارث بن عبيد، ثنا أبو قدامة، عن أبي عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أنهار الجنة تخرج من جنة عدن ثم تصدع بعدها أنهارها، وإن للمؤمن فيها لخيمة طولها ستون ميلا له فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضا»
(1/ 211)

200 - حدثني أبو نصر التمار، ثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن عمرو بن ميمون، أن ابن مسعود، حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يكون قوم في النار ما شاء الله أن يكونوا، ثم يخرجهم فيكونون في الجنة فيغتسلون في نهر الحياة فيسميهم أهل الجنة الجهنميون لو ضاف أحدهم أهل الدنيا لأطعمهم وسقاهم وفرشهم ولحفهم»، وأحسبه قال: «وزوجهم»
(1/ 212)

باب خدم أهل الجنة
(1/ 213)

201 - حدثني صالح بن مالك المزني، ثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أسفل أهل الجنة أجمعين درجة من يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم»
(1/ 214)

202 - حدثني محمد بن عباد بن موسى، أنا يزيد بن الحباب، عن أبي هلال الراسبي، أنا الحجاج بن عتاب العبدي، عن عبد الله بن معبد الزياني، عن أبي هريرة، قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة وليس فيهم دني (1) لمن يغدو (2) عليه كل يوم ويروح خمسة عشر ألف خادم، ليس منهم خادم إلا معه طرفة ليست مع صاحبه»
__________
(1) الدني: الخسيس الحقير
(2) الغُدُو: السير أول النهار
(1/ 215)

203 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، ثنا الفضل بن فضالة، عن زهرة بن معبد، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: «إن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم كأنهم اللؤلؤ»
(1/ 216)

(40/60)


204 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا محمد بن هلال، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة وما منهم دني لمن يغدو (1) عليه عشرة آلاف خادم، مع كل خادم طرفة ليست مع صاحبه»
__________
(1) الغُدُو: السير أول النهار
(1/ 217)

205 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبيد الله بن زحر، عن محمد بن أبي أيوب المخزومي، عن أبي عبد الرحمن المعافري، قال: إنه ليصف من أهل الجنة سماطين لا يرى طرفهما من غلمانه حتى إذا مر مشوا وراءه
(1/ 218)

206 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا الحسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنان وسبعون زوجة وينصب (1) له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد (2) كما بين الجابية إلى صنعاء»
__________
(1) نصب: أقام ورفع
(2) الزبرجد: حجر كريم من الجواهر وهو الزمرد
(1/ 219)

باب لسان أهل الجنة
(1/ 220)

207 - حدثنا هارون بن سفيان، أنا محمد بن عمر، أنا عبد الرحمن بن عبد العزيز، قال: سألت الزهري عن لسان، أهل الجنة فقال: «بلغني أنه عربي»
(1/ 221)

208 - حدثني هارون، ثنا محمد بن عمر، أنا سليمان بن داود بن الحصين، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: «لسان أهل الجنة عربي»
(1/ 222)

209 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا عبد الله بن المبارك، أنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: «لسان أهل الجنة عربي»
(1/ 223)

(40/61)


210 - حدثنا القاسم بن هاشم، ثنا صفوان بن صالح، قال: حدثني رواد بن الجراح العسقلاني، ثنا الأوزاعي، عن هارون بن رئاب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم عليه السلام ستون ذراعا بذراع الملك على حسن يوسف على ميلاد عيسى ثلاث وثلاثون سنة، وعلى لسان محمد صلى الله عليه وسلم جرد (1) مرد (2) مكحلون»
__________
(1) الأجرد: الذي لا شعر على جسده
(2) المرد: جمع أمرد وهو الشاب الذي لم تنبت لحيته
(1/ 224)

211 - حدثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة، عن عقيل، عن الزهري، قال: لسان أهل الجنة عربي
(1/ 225)

باب حلي أهل الجنة
(1/ 226)

212 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا حسين بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول، وإن عليهم لتيجانا أدنى لؤلؤة منها ما بين المشرق والمغرب»
(1/ 227)

213 - حدثنا محمد بن رزق الله، ثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني عنبسة بن سعيد، قاضي الري، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن شمر بن عطية، عن كعب الأحبار، قال: إن لله ملكا منذ يوم خلق يصوغ (1) حلي أهل الجنة إلى أن تقوم الساعة، ولو أن قلبه من حلي أهل الجنة أخرج لذهب بضوء شعاع الشمس فلا تسألوا بعدها عن حلي أهل الجنة
__________
(1) الصياغة: صنع الحلي
(1/ 228)

214 - حدثنا الحسن بن يحيى بن أبي كثير العنبري، ثنا أبي، عن أشعث، عن الحسن، قال: الحلي في الجنة على الرجال أحسن منه على النساء، وكان يقرأ: يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا (1) الآية
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 23
(1/ 229)

(40/62)


215 - حدثنا أحمد بن منيع، ثنا الحسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أن رجلا من أهل الجنة أطلع قيد سواره لطمس ضوؤه الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجم»
(1/ 230)

باب أبواب الجنة
(1/ 231)

216 - حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، ثنا شريك بن عبد الله، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي صادق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للجنة ثمانية أبواب»
(1/ 232)

217 - حدثنا الفضل بن الصباح، ثنا معن بن عيسى، ثنا خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «باب أمتي الذي يدخلون منه الجنة عرضه مسيرة الراكب ثلاثا، ثم إنهم ليضغطون عليه حتى تكاد مناكبهم تزول»
(1/ 233)

218 - حدثني أبي، أنا إسماعيل بن علية، ثنا أيوب بن حميد بن هلال، عن رجل، قال أيوب: أراد خالد بن عمير، قال: سمعت عتبة بن غزوان، يخطب فقال في خطبته، ولقد ذكر لي أن ما بين مصراعين (1) من مصاريع أهل الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليه يوم وهو كظيظ (2) من الزحام
__________
(1) المصراع: جانب الباب
(2) الكظيظ: الممتلئ
(1/ 234)

219 - حدثني الحسن بن محبوب، ثنا علي بن عاصم، قال: أخبرني الجريري، قال: حدثني حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بين كل مصراعين (1) من مصاريع الجنة مسيرة سبع سنين»
__________
(1) المصراع: جانب الباب
(1/ 235)

(40/63)


220 - حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن محمد القرشي، وأبو كريب قالا: حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن عبد السلام بن حرب، عن أبي خالد الدالاني، عن أبي يحيى، مولى جعدة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنة الذي يدخل منه أمتي» قال أبو هريرة: وددت يا رسول الله أني معك، فقال: «أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي»
(1/ 236)

221 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله عز وجل نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان» فقال أبو بكر الصديق: يا رسول الله هل على أحد من ضرورة من أيهما دعي؟ وهل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: «نعم وإني لأرجو أن تكون منهم»
(1/ 237)

222 - حدثني يحيى بن أيوب، وإسماعيل بن بسام، قالا: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «للصائمين باب يقال له: الريان لا يدخل أحد منه غيرهم فإذا دخل آخرهم أغلق فمن دخل منه شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا» وهذا لفظ إسماعيل بن إبراهيم
(1/ 238)

223 - حدثنا يعقوب بن القاسم، ثنا سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا أول من يأخذ بحلقة باب الجنة فيقعقعها»
(1/ 239)

(40/64)


224 - حدثنا أبو كريب، ثنا المحاربي، ثنا أمية بن زيد، عن أبي حازم، عن سالم بن عبد الله بن عمر، قال: رأيت في المنام كأن ثمانية أبواب الجنة فتحت إلا بابا واحدا قلت: ما شأن هذا الباب؟ فقيل: هذا باب الجهاد ولم تجاهد فأصبحت وأنا أشتري الظهر (1)
__________
(1) الظهر: الإبل تعد للركوب وحمل الأثقال
(1/ 240)

225 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا هاشم بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك»
(1/ 241)

226 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك، قال: كأني أنظر إلى يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «آخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها (1)»
__________
(1) أقعقعها: أحركها حتى تصدر صوتا
(1/ 242)

227 - حدثنا أبو يوسف بن موسى، ثنا عبد الرحمن بن مغراء، ثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن يوسف بن حباب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للجنة ثمانية أبواب منها باب المصلين، ومنها باب الصائمين، ومنها باب المجاهدين، ومنها باب المتصدقين، ومنها باب الواصلين فليس أسعد من هذه الخمسة يمر بخزنة الجنة كلهم يدعوه هلم إلينا يا عبد الله» قال أبو بكر: ما ترى من صاحب هؤلاء يا رسول الله؟ قال: «أنت هو»
(1/ 243)

228 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة، ثنا ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بأشد الناس كان بلاء في الدنيا من أهل الجنة فيقول الله عز وجل: اصبغوه صبغة في الجنة فيصبغ فيها صبغة فيقول الله عز وجل: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط وشيئا تكرهه قط؟ قال: لا وعزتك ما رأيت شيئا أكرهه قط»
(1/ 244)

(40/65)


229 - حدثني يحيى بن أيوب، قال: ثنا يوسف بن موسى، ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر الجنة يقول: «فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر»
(1/ 245)

230 - حدثنا يحيى بن أيوب، ثنا سعيد بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها»
(1/ 246)

231 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف متمسكون آخذ بعضهم بعضا لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على ضوء صورة القمر ليلة البدر»
(1/ 247)

232 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، قال: «إن أدنى أهل الجنة منزلة من يقال له سل فيقول بلسان طلق وعقل مجتمع أعطني كذا وكذا وأعطني كذا وكذا فيقال: لك هذا ومثله معه» قال أبو حازم: فحدثت بذلك النعمان بن عياش قال: أشهد على أبي سعيد الخدري قال: لك عشرة أمثاله
(1/ 248)

233 - حدثنا أبو نصر التمار، ثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمر، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لما خلق الله الجنة قال لجبريل: اذهب فانظر إليها، قال: فذهب فنظر إليها فقال: يا رب وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فحفها بالمكاره ثم قال: اذهب فانظر إليها فذهب فنظر فقال: وعزتك لقد خشيت ألا يدخلها أحد فلما خلق الله عز وجل النار قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها فذهب فنظر إليها فقال: يا رب وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفها بالشهوات، ثم قال: يا جبريل اذهب فانظر إليها فذهب فنظر إليها فقال: يا رب وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها»
(1/ 249)

باب تزاور أهل الجنة ومتنزهاتهم
(1/ 250)

(40/66)


234 - حدثني سلمة بن شبيب، ثنا سعيد بن دينار الدمشقي، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال: فيشتاق الإخوان بعضهم إلى بعض فيسير سرير ذا إلى سرير ذا، وسرير ذا إلى سرير ذا حتى يجتمعا فيبكي ذا ويبكي ذا يقول أحدهما لصاحبه تعلم متى غفر الله لنا، فيقول صاحبه: نعم يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله عز وجل فغفر لنا»
(1/ 251)

235 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفى بن ماتع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن من نعيم أهل الجنة أنهم يتزاورون على المطايا والنجب وأنهم يؤتون في يوم الجمعة بخيل مسرجة (1) ملجمة لا تروث ولا تبول فيركبونها حيث شاء الله عز وجل فتأتيهم مثل السحابة فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت فيقولون: أمطري علينا فما يزال المطر عليهم حتى ينتهي ذلك فوق أمانيهم، ثم يبعث الله عز وجل ريحا غير مؤذية فتنسف كثبانا من المسك على أيمانهم وعن شمائلهم فيأخذ ذلك المسك في نواصي خيولهم وفي معارفها (2) وفي رءوسهم ولكل رجل منهم جمة على ما اشتهت نفسه فيتعلق ذلك المسك في تلك الجمام، وفي الخيل، وفيما سوى ذلك من الثياب ثم يقبلون حتى ينتهوا إلى ما شاء الله عز وجل فإذا المرأة تنادي بعض أولئك: يا عبد الله ما لك فينا حاجة؟ فيقول: ما أنت؟ ومن أنت؟ فتقول: أنا زوجتك وحبك، فيقول: ما كنت علمت بمكانك، فتقول المرأة: أوما علمت أن الله قال: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (3) فيقول: بلى وربي فلعله يشتغل عنها بعد ذلك الموقف مقدار أربعين خريفا (4) لا يلتفت ولا يعود ما يشغله عنها إلا ما هو فيه من النعيم والكرامة»
__________
(1) أسرج الدابة: شد عليها السرج
(2) المعارف: شعر العرف

(40/67)


(3) سورة: السجدة آية رقم: 17
(4) الخَرِيف: الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
(1/ 252)

236 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا راشد بن سعد، قال: حدثني ابن أنعم، أن أبا هريرة، قال: «إن أهل الجنة ليتزاورون على العيس الجون عليها رحال الميس، تثير مناسمها غبار المسك، خطام أو زمام أحدهما خير من الدنيا وما فيها»
(1/ 253)

237 - حدثني محمد بن عبد الملك، ومحمد بن إدريس، قالا: أنا ابن اليماني، ثنا إسماعيل بن عياش، عن عمر بن محمد، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية: فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله (1) من الذي لم يشأ الله أن يصعقوا؟ قال: هم الشهداء يبعثهم الله متقلدين أسيافهم حول عرشه تتلقاهم ملائكة من المحشر بنجائب من ياقوت، أزمتها (2) الدر الأبيض برحال الذهب، أعنتها السندس والإستبرق (3)، وزمامها ألين من الحرير، مد خطاها مد أبصار الرجال يسيرون في الجنة على خيول، يقولون عند طول النزهة: انطلقوا بنا إلى ربنا تبارك وتعالى ننظر إليه كيف يقضي بين خلقه، يضحك الله إليهم، وإذا ضحك الله عز وجل إلى عبد في موطن فلا حساب عليه
__________
(1) سورة: الزمر آية رقم: 68
(2) الأزمة: جمع الزمام وهو الحبل الذي تقاد به الدابة
(3) الإستبرق: نوع من الحرير السميك
(1/ 254)

(40/68)


238 - حدثني الفضل بن جعفر، ثنا جعفر بن حسن، ثنا أبي، عن الحسن بن علي، عن علي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن في الجنة شجرة يخرج من أعلاها حلل (1)، ومن أسفلها خيل من ذهب مسرجة (2) ملجمة من ياقوت ودر، لا تروث ولا تبول، لها أجنحة خطوها مد بصرها فيركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا، فيقول الذي أسفل منهم درجة: يا رب ما بلغ عبادك هذه الكرامة؟ فيقال لهم: إنهم كانوا يصلون الليل وأنتم تنامون، وكانوا يصومون وكنتم تأكلون، وكانوا ينفقون وكنتم تبخلون، وكانوا يقاتلون وكنتم تجبنون»
__________
(1) الحلل: جمع الحُلَّة وهي ثوبَان من جنس واحد
(2) أسرج الدابة: شد عليها السرج
(1/ 255)

239 - حدثنا أبي رحمه الله، ثنا عمار بن محمد، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سابط: قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أفي الجنة خيل فإني أحب الخيل؟ قال: «إن أدخلك الله الجنة فما تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء لها جناحان تطير بك في الجنة حيث شئت» فقال الأعرابي: يا رسول الله أفي الجنة إبل؟ قال: «يا أعرابي، إن أدخلك الله الجنة فإن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك»
(1/ 256)

240 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا عبد المؤمن بن عبيد الله، قال: سمعت الحسن، وسأله رجل عن أهل الجنة، هل فيها خيل؟ قال لهم: فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين
(1/ 257)

241 - حدثني حمزة، أنا عبد الله بن عثمان، أنبا ابن المبارك، أنا همام، عن قتادة، عن عبد الله بن عمرو، قال: في الجنة عتاق الخيل وكرائم النجائب يركبها أهلها
(1/ 258)

242 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا (1) قال: على النجائب عليها الرحال
__________
(1) سورة: مريم آية رقم: 85
(1/ 259)

(40/69)


243 - حدثنا الحسن بن حماد الضبي، ثنا جابر بن نوح، عن واصل بن السائب، عن أبي سورة، عن أبى أيوب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن أهل الجنة يتزاورون على نجائب بيض كأنهم الياقوت وليس في الجنة شيء من البهائم إلا الإبل والطير»
(1/ 260)

باب سوق أهل الجنة
(1/ 261)

244 - حدثنا عمر بن محمد، ومحمد بن أبي سمينة، قالا: أنا أبو معاوية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في الجنة سوقا ما فيها بيع ولا شراء إلا الصور من الرجال والنساء، فإن اشتهى الرجل صورة دخل فيها، وإن فيها لمجتمعا للحور العين يرفعن أصواتا لم ير الخلائق مثلها يقلن: نحن الخالدات، فلا نبيد، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن الناعمات فلا نبأس، فطوبى لمن كان لنا وكنا له»
(1/ 262)

(40/70)


245 - حدثنا الحكم بن موسى، ثنا هقل بن زياد، عن الأوزاعي، قال: أنبئت أن سعيد بن المسيب، لقي أبا هريرة فقال: أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة. قال: فقال سعيد: يا أبا هريرة أوفيها سوق؟ قال: نعم، أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة إذا دخلوها ونزلوها بقدر أعمالهم فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون الله تعالى فيبرز لهم عرشه ويبدو لهم في روضة من رياض الجنة فيضع منابر من نور ومنابر من ياقوت، ومنابر من لؤلؤ، ومنابر من ذهب، ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم على كثبان (1) المسك، ما يرون أن أصحاب الكراسي أفضل منهم مجلسا. قال أبو هريرة: قلت: يا رسول الله هل نرى ربنا تبارك وتعالى؟ قال: نعم، هل تمارون في رؤية الشمس والقمر، قلنا: لا قال: فكذلك لا تمارون في رؤية ربكم، وحتى لا يبقى في ذلك المجلس إلا حاضره يقول: يا فلان ابن فلان هل عملت في يوم كذا وكذا؟ فيقول: يا رب ألم تغفر لي؟ فيقول: بمغفرتي لك بلغت منزلتك هذه، فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم وأمطرت عليهم مسكا لم يجدوا ريح شيء قط أطيب منه.؟ قال: ثم يقول الله عز وجل قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة، قال: فيأتون سوقا وقد حفت بهم ملائكة بما لم تنظر العيون ولم يخطر على القلوب ولم تسمعه الآذان، فتحمل ويحمل لنا ما اشتهينا وليس فيه أحد يبيع ولا يبتاع، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا فيلقى الرجل الرجل فيروعه (2) ما يرى عليه من اللباس فيما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحرف فيه، قال: ثم ننصرف إلى منازلنا فيلقانا أحباؤنا فيقولون: لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل ما فارقتنا عليه فنقول: إنا جالسنا الجبار تبارك وتعالى اليوم ونحق أن ننقلب بما انقلبنا به
__________
(1) الكَثِيب: الرَّمْل المسْتَطِيل المُحْدَوْدِب
(2) الروع: الفزع
(1/ 263)

(40/71)


246 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، قال: يقول أهل الجنة: انطلقوا بنا إلى السوق، فينطلقون إلى كثبان المسك، فإذا رجعوا إلى أزواجهم قالوا: إنا نجد لكم ريحا ما كان لكم إذ خرجنا من عندكم، فيقلن: لقد رجعتم بريح ما كان بكم إذ خرجتم من عندنا
(1/ 264)

247 - حدثني حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: إن في الجنة سوق كثبان مسك يخرجون إليها ويجتمعون إليها، فيبعث الله عز وجل ريحا فيدخلها بيوتهم فيقول لهم أهلوهم إذا رجعوا إليهم: قد ازددتم حسنا بعدنا فيقولون لأهليهم قد ازددتم أيضا حسنا عندنا
(1/ 265)

248 - حدثنا مجاهد بن موسى، ثنا معن بن عيسى، ثنا عبد الله بن يحيى، عن عطاء بن سليك، مولى عبد الله بن عباس قال: سمعت الزهري، يقول. . . الجنة التي. . . من كافور
(1/ 266)

باب غناء أهل الجنة
(1/ 267)

249 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا إسماعيل بن عمر، ثنا ابن أبي ذئب، عن ابن عبد الله بن رافع، عن بعض ولد أنس بن مالك، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الحور العين في الجنة يتغنين فيقلن: نحن الخيرات الحسان خبئنا لأزواج كرام»
(1/ 268)

250 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب، قال: قال رجل من قريش لابن شهاب: هل في الجنة من سماع فإنه حبب إلي السماع؟ قال: إي والذي نفس ابن شهاب بيده إن في الجنة لشجرا حمله اللؤلؤ والزبرجد تحته جوار ناهدات يتغنين بالقرآن يقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الخالدات فلا نموت، فإذا سمع ذلك الشجر صفق بعضه بعضا، فأجبن الجواري، فلا يدرى أصوات الجواري أحسن أم أصوات الشجر
(1/ 269)

(40/72)


251 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا عبد الله بن وهب، ثنا الليث بن سعيد، عن خالد بن يزيد، أن الحور العين، يغنين أزواجهن يقلن: نحن الخيرات الحسان أزواج شباب كرام، ونحن الخالدات فلا نموت، ونحن الناعمات فلا نبأس، ونحن الراضيات فلا نسخط، ونحن المقيمات فلا نظعن، في صدر إحداهن مكتوب: أنت حبي وأنا حبك انتهت نفسي عندك، فلا ترى عيناي مثلك
(1/ 270)

252 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، وداود بن عمرو، قالا: ثنا عامر بن يساف، قال: سمعت ابن أبي كثير، في قوله تعالى: في روضة يحبرون (1) قال: الحبر السماع واللذة
__________
(1) سورة: الروم آية رقم: 15
(1/ 271)

253 - حدثني دهثم بن الفضل القرشي، ثنا رواد بن الجراح، عن الأوزاعي، قال: بلغني أنه ليس من خلق الله عز وجل صوتا أحسن من صوت إسرافيل عليه السلام فيأمره تبارك وتعالى فيأخذ في السماع فما يبقى ملك مقرب في السماوات إلا قطع عليه صلاته فيمكث بذلك ما شاء الله أن يمكث فيقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لو يعلم العباد قدر عظمتي ما عبدوا غيري
(1/ 272)

254 - حدثني أبو مسلم الحراني، ثنا مسكين بن بكير، عن الأوزاعي، عن عبدة بن أبي لبابة: إن في الجنة شجرة ثمرها زبرجد (1) وياقوت ولؤلؤ فيبعث الله عز وجل ريحا فتصفق، فيسمع لها أصوات لم يسمع ألذ منها
__________
(1) الزبرجد: الزمرد وهو حجر كريم
(1/ 273)

255 - حدثنا أبو بكر بن يزيد، وإبراهيم بن سعيد، قالا: حدثنا أبو عامر العقدي، ثنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب في ظلها مائة عام فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا فيرسل الله عز وجل ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا
(1/ 274)

(40/73)


256 - حدثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا علي بن عاصم، ثنا سعيد بن أبي سعيد الحارثي، قال: حدثت أن: في الجنة شجرة آجامها من قصب من ذهب حملها اللؤلؤ، فإذا اشتهى أهل الجنة أن يسمعوا صوتا حسنا بعث الله عز وجل على تلك الآجام ريحا فتأتي بكل صوت يشتهون
(1/ 275)

257 - حدثني حمزة بن العباس، حدثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى بن أبي كثير: أن الحور العين، يتلقين أزواجهن عند أبواب الجنة فيقلن طالما انتظرناكم فنحن الراضيات فلا نسخط والمقيمات فلا نظعن، والخالدات فلا نموت، بأحسن أصوات سمعت. وتقول: أنت حبي وأنا حبك ليس دونك قصد ولا وراءك معدى
(1/ 276)

258 - حدثني داود بن عمرو الضبي، ثنا عبد الله بن المبارك، عن مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين الذين كانوا ينزهون أنفسهم وأسماعهم عن مجالس اللهو ومن مزامير الشيطان أسكنوهم رياض المسك، ثم يقول للملائكة: أسمعوهم تحميدي وتمجيدي
(1/ 277)

باب جماع أهل الجنة
(1/ 278)

259 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، ثنا عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عمارة بن راشد، عن أبي هريرة، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيمس أهل الجنة نساءهم؟ قال: «نعم، بذكر لا يمل وفرج لا يحفى، وشهوة لا تنقطع»
(1/ 279)

260 - حدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثني خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن خالد بن معدان، عن أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: هل يجامع أهل الجنة؟ قال: «نعم، دحاما دحاما ولكن لا مني ولا منية»
(1/ 280)

(40/74)


261 - حدثنا هارون بن عبد الله، ثنا أبو أسامة، قال: هشام بن حسان أخبرني عن زيد بن الحواري، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنة؟ قال: «والذي نفسي بيده إن الرجل منهم ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء» حدثنا هارون، قال: ثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال أبو موسى: فقلت للحسن: إن أبا أسامة ثنا عن هشام، عن زيد بن الحواري، عن ابن عباس قال: هكذا ثنا زائدة ولم يرجع
(1/ 281)

262 - حدثني محمد بن إدريس، ثنا أبو عتبة، ثنا إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام الأسود، قال: سمعت أبا أمامة، قال: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل ينكح أهل الجنة ويأكلون ويشربون؟ قال: «نعم، والذي نفس محمد بيده» فقالوا: أين يذهب رجيع طعامهم؟ قال: إنهم لا يهرقون ولا يتخمون ولكن يخرج من جلودهم عرق مسك ينحدر من جلودهم «
(1/ 282)

263 - حدثنا هارون بن أبي داود الطيالسي، ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليعطى في الجنة كذا» قالوا: أونطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: «ويعطى قوة مائة»
(1/ 283)

264 - حدثنا محمد بن حميد الرازي، ثنا يعقوب القمي، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود، في قوله عز وجل: إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون (1) قال: في افتضاض العذارى
__________
(1) سورة: يس آية رقم: 55
(1/ 284)

265 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: طول الرجل من أهل الجنة سبعون ميلا، وطول المرأة ثلاثون ميلا، ومقعدها مبذر جريب أرض، وإن شهوته تجري في جسدها سبعون عاما تجد اللذة
(1/ 285)

(40/75)


266 - حدثنا أبو كريب، ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: إن الرجل من أهل الجنة ليتزوج خمسمائة حوراء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب وما منهن واحدة إلا يعانقها مثل عمر الدنيا لا يزاحم كل منهما صاحبه وإنه ليؤتى بعدا فما يقضي نهمته منه مثل عمر الدنيا كلها وإنه ليؤتى بإناء فيوضع في كفه فما يقضي منه لذته عمر الدنيا كلها
(1/ 286)

267 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن عامر الأحول، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة كما يشتهيه»
(1/ 287)

268 - حدثنا عبيد الله بن عمر، وزيد بن الحسن الطائي، قالا: أنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن حلاس، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «للمؤمن زوجتان يرى مخ ساقيهما من فوق ثيابهما»
(1/ 288)

269 - حدثنا عبيد الله بن عمر، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، قال: سمعت إبراهيم النخعي، قال: أهل الجنة نكاحهم ما شاءوا، ولا ولد، ينظر إليها فينشأ نشأة، ثم ينظر إليها نظرة أخرى فينشأ نشأة
(1/ 289)

270 - حدثنا أبو كريب، ثنا ابن فضيل، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، قال: إن الرجل من أهل الجنة ليأتيه الملك بتحية من ربه عز وجل وبين إصبعيه مائة حلة وسبعون حلة فيقول: ما أتاني من ربي شيء أعجب إلي من هذا، فيقول الملك: ويعجبك هذا؟ فيقول: نعم فيقول: لأدنى الشجر يا شجرة تلوني لفلان من هذا ما اشتهته نفسه
(1/ 290)

(40/76)


271 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا الحسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول، ثم تأتيه امرأة فتضرب على منكبيه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد السلام ويسألها من أنت؟ تقول: أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون ثوبا أدناها من النعماء من طوبى (1) فينفذ بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك وإن عليهم لتيجان أدنى لؤلؤة فيه تضيء ما بين المشرق والمغرب»
__________
(1) طوبى: اسم الجنة، وقيل هي شجرة فيها
(1/ 291)

272 - حدثنا شجاع بن الأشرس، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو طلعت امرأة من نساء أهل الجنة على أهل الأرض لأضاءت ما بينهما وملأت ما بينهما بريحها ولنصيفها (1) على رأسها خير من الدنيا وما فيها»
__________
(1) النصيف: الخمار يوضع على رأس المرأة
(1/ 292)

273 - حدثني حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا راشد بن سعد، عن ابن أنعم، عن حبان بن أبي جبلة، قال: إن نساء أهل الدنيا من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا
(1/ 293)

274 - حدثني سريج بن يونس، ثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن موسى بن عبيدة الربذي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن المنشآت اللاتي في قول الله عز وجل: إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا (1) هن العجائز اللاتي كن في الدنيا عمشا (2) رمصا (3)
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 35
(2) عمشا: جمع عمشاء، والعمش هو ضعف البصر مع سيلان دمع العينين في أغلب الأوقات

(40/77)


(3) الرَّمَص: هو البياض والوسخ الذي تَقْطَعه العين ويجتمع في زوايا الأجفان وموق العين، والرمص: الرطْب منه والغمص الجاف
(1/ 294)

275 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، عن يزيد بن أبان، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت من السماء لسد ضوؤها ضوء الشمس ولوجد ريحها من بين الخافقين ولنصيفها (1) خير من الدنيا وما فيها»
__________
(1) النصيف: الخمار يوضع على رأس المرأة
(1/ 295)

276 - حدثنا أحمد بن منيع، ثنا الحسن بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن داود بن عامر بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن ما يقل ظفر من الجنة بدا لتزخرف ما بين الخوافق والسماوات والأرض»
(1/ 296)

277 - حدثني حمزة بن العباس، ثنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: إن الرجل من أهل الجنة يرى وجهه في وجه صاحبته وترى وجهها في ساعده، ويرى وجهه في نحرها وترى وجهها في نحره، ويرى وجهه في معصمها وترى وجهها في ساعده، ويرى وجهه في ساقها وترى وجهها في ساقه، وتلبس حلة تلون في ساعة سبعين لونا. حدثني عمار بن نصر، ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، نحوه
(1/ 297)

278 - حدثني حمزة، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، نا ابن جريج، عن مجاهد: ولهم فيها أزواج مطهرة (1) قال: مطهرة من الحيض والغائط والبول والنخام والمخاط والبزاق والولد
__________
(1) سورة: البقرة آية رقم: 25
(1/ 298)

باب الحور العين
(1/ 299)

279 - حدثني إسماعيل بن إبراهيم، قال: حدثني صالح المري، عن موسى بن يسار، عن الكلبي، قال: بلغني: أن المؤمن، يزوج في الجنة أربعة آلاف بكر، وثمانية آلاف ثيب، وخمسمائة حور
(1/ 300)

(40/78)


280 - حدثنا محمد بن يزيد العجلي، ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي، عن عامر الأحول، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمر، قال: المؤمن كلما أراد زوجته في الجنة وجدها عذراء
(1/ 301)

281 - حدثنا إسماعيل بن يزيد، ثنا فضيل بن عياض، عن هشام بن حسان، عن يزيد الرقاشي، قال: حدثني من، سمع كعبا، قال: لو أن امرأة، من الحور بدا معصمها لذهب ضوء الشمس
(1/ 302)

282 - حدثنا أزهر بن مروان الرقاشي، ثنا جعفر بن سليمان، عن شيخ، من أهل البصرة، عن شهر بن حوشب، قال: إن الرجل من أهل الجنة ليتكئ اتكاءة واحدة قدر سبعين سنة يحدث بعض نسائه، ثم يلتفت الالتفاتة فتناديه الأخرى فدانا لك أما لنا فيك نصيب؟ فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من الذين قال الله عز وجل: ولدينا مزيد (1) قالوا: فيتحدث معها، ثم يلتفت الالتفات فتناديه الأخرى: أما إنا لك أما لنا فيك نصيب فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من الذين قال الله: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين (2)
__________
(1) سورة: ق آية رقم: 35
(2) سورة: السجدة آية رقم: 17
(1/ 303)

283 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا سلام بن مسكين، قال: سمعت ثابتا، قال: إن الله عز وجل يحاسب عبده يوم القيامة ونساؤه في الجنة متشرفات فإذا رجع الرعيل الأول يستشرفنه يا فلانة هذا والله زوج فلانة هذا والله زوجي
(1/ 304)

284 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا سليمان بن المغيرة، ثنا ثابت، قال: صاحب الجنة يتكئ سبعين سنة اتكاءة لذة عند أزواجه وخدمه فإذا أزواج له لم يكن يراهن فيقلن له: يا فلان لك أن يكون لنا منك نصيب
(1/ 305)

285 - حدثنا الحسن بن حماد الضبي، ثنا فضيل، عن محمد بن سعد الأنصاري، عن أبي طيبة الكلاعي، قال: إن السحابة لتظل السرب من أهل الجنة فتقول: ماذا أمطركم؟ فما أحد يريد شيئا إلا أمالته عليهم حتى إن بعضهم ليقول: أمطرينا كواعب أترابا
(1/ 306)

(40/79)


286 - حدثنا عباس بن عبد الله، ثنا حفص بن عمر العدني، ثنا الحكم يعني ابن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لو أن امرأة، من أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر لكانت تلك الأبحر أحلى من العسل
(1/ 307)

باب صفة الحور العين
(1/ 308)

287 - حدثنا محمد بن حسان الأزرق، ثنا هاشم بن القاسم، ثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن عبدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام: «يا جبريل قف بي على الحور العين» فأوقفه عليهن فقال: «من أنتن؟» قلن: نحن جواري قوم حلوا فلم يظعنوا (1)، وشبوا فلم يهرموا، ونقوا فلم يدرنوا «
__________
(1) الظعن: الارتحال والسفر
(1/ 309)

288 - حدثنا عمار بن نصر المروزي، ثنا عطاء بن جبلة، عن ليث، عن مجاهد، قال: «الحور العين خلقن من الزعفران»
(1/ 310)

289 - حدثني محمد بن جعفر، ثنا منصور بن عمار، ثنا محمد بن زيد، عن عبد الله بن عمر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: ما من غدوة من غدوات الجنة - قيل: وللجنة غدوات؟ قال: نعم - إلا يزف إلى ولي الله فيها عروس لم يلدها آدم ولا حواء، إنما هي إنشاء خلقت من زعفران
(1/ 311)

290 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، في قوله تعالى: بحور عين (1)
__________
(1) سورة: الدخان آية رقم: 54
(1/ 312)

291 - حدثنا أبو كريب، ثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا سفيان، ثنا أصحابنا، عن مجاهد: الحور يحار فيها الطرف من رقة الحلل وصفاء اللون
(1/ 313)

292 - حدثنا إسحاق، ثنا سفيان، عن رجل، عن الحسن، قال: الحور الشديدة البياض بياض العين والشديدة السواد سواد العين
(1/ 314)

293 - حدثني إسحاق بن إبراهيم، أنا محمد بن يزيد الواسطي، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: لشعر المرأة من الحور العين أطول من جناح النسر
(1/ 315)

(40/80)


294 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي غياث، قال: كنا مع كعب يوما فقال: لو أن يدا من الحور دليت من السماء ببياضها وخواتيمها لأضاءت لها الأرض كما تضيء الشمس لأهل الدنيا. قال: قلت: يدها فكيف بالوجه بياضه وحسنه وجماله وتاجه بياقوته ولؤلؤه وزبرجده
(1/ 316)

295 - حدثني عمار بن نصر، ثنا بقية بن الوليد، عن يحيى بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة الحضرمي، قال: إن من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة فتقول: ما تشاءون أن أمطركم؟ فلا يسألون شيئا إلا مطرتهم، فقال كثير بن مرة: لئن أشهدنا الله ذلك المشهد لأقولن أمطرينا جواري مزينات
(1/ 317)

296 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة الحضرمي، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك
(1/ 318)

297 - حدثني هارون بن سفيان، ثنا محمد بن عمر، أنا أسامة بن زيد بن أسلم، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحور العين أكثر عددا منكن يدعون لأزواجهن يقلن: اللهم أعنه على دينك وأقبل بقلبه على طاعتك، وبلغه إلينا بقوتك يا أرحم الراحمين»
(1/ 319)

298 - حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير العنبري، ثنا العلاء بن عبيد الله، عن موسى بن حصين، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن ابن مسعود، قال: إن في الجنة حوراء يقال لها: اللعبة، كل حور الجنان يعجبن بها يضربن بأيديهن على كتفها ويقلن طوبى لك يا لعبة لو يعلم الطالبون لك لجدوا، بين عينيها مكتوب: من كان يبتغي أن يكون له مثلي فليعمل برضاء ربي عز وجل
(1/ 320)

(40/81)


299 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثني محمد بن صالح الضبي، قال: قال عطاء السلمي لمالك بن دينار: يا أبا بحير شوقنا فقال له مالك: في الجنة حوراء يتباهى بها أهل الجنة من حسنها لولا أن الله عز وجل كتب على أهل الجنة أن لا يموتوا لماتوا عن آخرهم من حسنها فلم يزل عطاء يذكر قول مالك أربعين عاما
(1/ 321)

300 - حدثنا الحسن بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثني جعفر بن محمد، قال: لقي حكيم حكيما بالموصل فقال له: تشتاق إلى الحور العين؟ قال: لا. قال: فاشتق إليهن فإن نور وجوههن من نور الله عز وجل فغشي عليه فحمل إلى منزله فأقمنا نعوده شهرا
(1/ 322)

301 - حدثني إبراهيم بن سعيد، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا ربيعة بن كلثوم، قال: نظر إلينا الحسن ونحن حوله شباب فقال: يا معشر الشباب أما تشتاقون إلى الحور العين؟
(1/ 323)

302 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثني الحضرمي، قال: نمت أنا وأبو حمزة القياني على سطح فجعلت أنظر إليه يتقلب على فراشه إلى الصباح، فقلت: يا أبا حمزة ما رقدت الليلة، قال: إني لما اضطجعت تمثلت لي حوراء حتى كأني حسست بجلدها قد مس جلدي، فحدثت به أبا سليمان فقال: هذا رجل كان مشتاقا
(1/ 324)

303 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري، عن أبي سليمان، قال: قال ابني سليمان: يا أبه قد مثل لي رأس حوراء قلت له: بني أبيت، لعله يتمثل لك كلها
(1/ 325)

304 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: سمعت أبا سليمان، يقول: ينشأ خلق الحور إنشاء فإذا تكامل خلقهن ضربت الملائكة عليهن الخيام
(1/ 326)

305 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا هشام بن علي، عن أبي خالد، عن أبي صالح: حور مقصورات في الخيام (1) قال: عذارى الجنة
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(1/ 327)

(40/82)


306 - حدثنا إسحاق، ثنا وكيع، ثنا سفيان، عن جابر، عن القاسم بن أبي بزة، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله، قال: لكل مسلم خيرة، ولكل خيرة خيمة، ولكل خيمة أربعة أبواب، تدخل عليها كل يوم من كل باب تحفة وهدية وكرامة لم تكن قبل ذلك، لا مراحات، ولا ذفرات، ولا سخرات، ولا طماحات حور عين كأنهن بيض مكنون
(1/ 328)

307 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، ثنا يحيى بن يمان، عن القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير: كأنهن بيض مكنون (1) قال: بطون البيض
__________
(1) سورة: الصافات آية رقم: 49
(1/ 329)

308 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا يزيد بن زريع، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله عز وجل: كأنهن الياقوت والمرجان (1) قال: صفاء الياقوت في بياض المرجان
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 58
(1/ 330)

309 - حدثنا فضيل، ثنا هشيم، عن منصور، عن الحسن، قال: اللؤلؤ الكبار والمرجان الصغار
(1/ 331)

310 - حدثنا أبو خيثمة، ثنا يزيد، وعبد الصمد، قالا: ثنا همام، عن أبي عمران الجوني، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الخيمة درة مجوفة طولها في السماء سبعون ميلا في كل زاوية منها أهل للمؤمن لا يراهم الآخرون»
(1/ 332)

311 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني، عن، أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه، قال: الخيمة في الجنة لؤلؤة واحدة في كل ناحية منها أهل للمؤمن يطوف عليهم
(1/ 333)

312 - حدثنا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، قال: سمعت أبا الأحوص، يحدث عن عبد الله بن مسعود، في قوله عز وجل: حور مقصورات في الخيام (1) قال: در مجوف
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(1/ 334)

(40/83)


313 - حدثنا الحسن بن عيسى، أنا ابن المبارك، أنا سليمان التيمي، عن قتادة، عن خليد العصري، عن أبي الدرداء، ولا يجاوز خليدا قال: الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا كلها من در
(1/ 335)

314 - حدثنا حمزة بن العباس، أنا عبد الله بن عثمان، أنا ابن المبارك، أنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: الخيمة درة مجوفة فرسخ في فرسخ لها أربعة آلاف مصراع (1) من ذهب
__________
(1) المصراع: جانب الباب
(1/ 336)

315 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا شريك، عن منصور، عن مجاهد: حور مقصورات في الخيام (1) قال: مقصورات الأعين والأنفس إلا على أزواجهن لا يردن بهم بدلا هي خيام اللؤلؤ، قال مجاهد: الخيمة لؤلؤة واحدة
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(1/ 337)

316 - حدثنا فضيل، ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: مقصورات (1) قال: محبوسات
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(1/ 338)

317 - حدثنا فضيل، ثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: فيهن خيرات حسان (1) قال: أزواج: لم يطمثهن (2) قال: لم يمسهن
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 70
(2) سورة: الرحمن آية رقم: 74
(1/ 339)

318 - حدثنا محمد بن جعفر، ثنا منصور، ثنا يوسف بن الصباح الفزاري، عن أبي صالح، عن ابن عباس: حور مقصورات في الخيام (1) قال: الخيمة من درة مجوفة طولها فرسخ وعرضها فرسخ ولها ألف باب من ذهب حوله سرادق دوره خمسون فرسخا يدخل عليه من كل باب منها ملك بهدية من عند الله عز وجل فذلك قوله عز وجل: والملائكة يدخلون عليهم من كل باب (2)
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(2) سورة: الرعد آية رقم: 23
(1/ 340)

319 - حدثنا إسحاق، أنا يحيى بن يمان، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي: مقصورات (1)، قال: محبوسات في الحجال
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(1/ 341)

(40/84)


320 - حدثنا هاشم بن القاسم الحراني، ثنا عبد الله بن وهب، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طير الجنة أمثال البخت (1) من النعم»
__________
(1) البُخْتِية: الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق
(1/ 342)

321 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح، ثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، ثنا حصين، أن نافع المزني، قال: تلا الحسن هذه الآية: ولحم طير مما يشتهون (1) ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طير الجنة» قال أبو بكر: يا رسول الله إن تلك الطير لناعمة، قال: أكلها أنعم منها والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تأكل منها يا أبا بكر، فقال الحسن: والله ليأكلن منها ولا يخيب الله رجاء نبيه صلى الله عليه وسلم
__________
(1) سورة: الواقعة آية رقم: 21
(1/ 343)

322 - حدثنا محمد بن عبد الله المديني، ثنا خلف بن خليفة، عن حميد الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا»
(1/ 344)

(40/85)


323 - حدثني أزهر بن مروان، ثنا عبد الله بن عرادة الشيباني، ثنا القاسم بن المطيب، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتاني جبريل عليه السلام، وفي كفه مرآة كأحسن المرائي وأضوئها وإذا في وسطها لمعة سوداء فقلت: لمن هذه اللمعة التي أرى فيها؟ قال: هذه الجمعة. قلت: وما الجمعة؟ قال: يوم من أيام ربك تعالى عظيم، وأخبرك بفضله وشرفه في الدنيا وما يرجى فيه لأهله وأخبرك باسمه في الآخرة، وأما شرفه وفضله في الدنيا فإن الله عز وجل جمع فيه أمر الخلق، وأما ما يرجى فيه لأهله فإن فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم أو أمة مسلمة يسألان الله عز وجل فيها خيرا إلا أعطاهما إياه. وأما شرفه وفضله في الآخرة واسمه فإن الله عز وجل إذا صير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار جرت عليهم هذه الأيام وهذه الليالي ليس فيها ليل ولا نهار فأعلم الله عز وجل مقدار ذلك وساعاته فإذا كان يوم الجمعة حين يخرج أهل الجمعة إلى جمعتهم نادى أهل الجنة مناد يا أهل الجنة اخرجوا إلى وادي المزيد، قال: ووادي المزيد لا يعلم سعته وطوله وعرضه إلا الله عز وجل فيه كثبان المسك رءوسها في السماء يعني الذي. . . قال: فيخرج غلمان الأنبياء صلوات الله عليهم، بمنابر ويخرج غلمان المؤمنين بكراسي من ياقوت فإذا وضعت لهم وأخذ القوم مجالسهم بعث الله عز وجل من تحت ثيابهم. . . . .

(40/86)


وتخرجه من وجوههم وأشعارهم تلك الريح اعلم كيف تصنع بذلك المسك من امرأة أحدكم لو دفع إليها كل طيب على وجه الأرض فقيل لها: لا يمنعك فيه قلة كانت تلك الريح أعلم بما تصنع بذلك المسك من تلك المرأة لو دفع إليها من ذلك الطيب، قال: ثم يوحي الله عز وجل إلى حملة عرشه فوضعوه بين أظهرهم فيكون أول ما يسمعون منه أين عبادي الذين أطاعوني بالغيب ولم يروني، وصدقوا رسلي واتبعوا أمري فسألوني فهذا يوم المزيد؟ فيجتمعون على كلمة واحدة ربنا رضينا عنك فارض عنا ويرجع الله عز وجل إليهم أن يا أهل الجنة لو لم أرض عنكم لم أسكنكم دياري فما تسألوني؟ فهذا يوم المزيد فيجتمعون على كلمة واحدة رب وجهك ننظر إليه فيكشف الله عز وجل عن تلك الحجب فيتجلى لهم فيغشاهم من نوره شيء لولا أنه قضى أنهم لا يحترقون لاحترقوا مما يغشاهم من نوره، ثم يقول لهم: ارجعوا إلى منازلكم فيرجعون إلى منازلهم وقد أعطى كل واحد منهم الضعف على ما كانوا فيه فيرجعون إلى أزواجهم وقد خفوا عليهن وخفين عليهم مما غشيهم من نوره فإذا رجعوا فلا يزال النور حتى يرجعوا إلى صورهم التي كانوا عليها فيقول لهم أزواجهم: لقد خرجتم من عندنا على صورة ورجعتم في غيرها فيقولون: ذلك أن الله عز وجل تجلى لنا فنظرنا منه، قال إنه والله ما أحاط به خلق ولكنه أراهم من عظمته وجلاله ما شاء أن يريهم فذكر قوله: فنظرنا منه، قال: وهم يتقلبون في مسك الجنة ونعيمها في كل سبعة أيام الضعف على ما كانوا فيه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:» فذلك قول الله عز وجل: فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (1)
__________
(1) سورة: السجدة آية رقم: 17
(1/ 345)

(40/87)


324 - حدثني أزهر بن مروان، ثنا عبد الله بن عرادة الشيباني، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن صيفي اليماني، قال: سألت عبد العزيز بن مروان، عن وفد، أهل الجنة قال: إنهم يفدون إلى الله عز وجل في كل يوم خميس فيوضع لهم أسرة كل إنسان منهم أعرف بسريره منك بسريرك هذا الذي أنت عليه، قال: وأقسم صيفي على ذلك فإذا قعدوا عليه وأخذ القوم مجالسهم قال تبارك وتعالى: عبادي عبادي وخلقي وجيراني ووفدي أطعموهم قال: فيؤتون بطير بيض أمثال البخت فيأكلون منها ما شاءوا ثم يقول: عبادي وخلقي وجيراني ووفدي قد طعموا اسقوهم فيؤتون بآنية من ألوان شتى مختمة فيسقون منها، ثم يقول: عبادي وخلقي وجيراني ووفدي قد طعموا وشربوا فكهوهم فيجيء ثمرات شجر مدلى فيأكلون منها ما شاءوا، ثم يقول: عبادي وخلقي وجيراني ووفدي قد طعموا وشربوا وفكهوا اكسوهم فتجيء ثمرات شجر أصفر وأخضر وأحمر وكل لون لم تنبت إلا الحلل وأقسم صيفي ما أنبتت غيرها فتنشر عليهم حللا وقمصا، ثم يقول: عبادي وخلقي وجيراني ووفدي قد طعموا وشربوا وفكهوا وكسوا طيبا ولأتجلين لهم حتى ينظروا إلي فإذا تجلى لهم عز وجل فنظروا إليه نظرت وجوههم، ثم يقال لهم: ارجعوا إلى منازلكم فيقول لهم أزواجهم: خرجتم من عندنا على صورة ورجعتم على غيرها فيقولون ذلك أن الله عز وجل تجلى لنا فنظرنا إليه فنظرت وجوهنا
(1/ 346)

325 - حدثنا خالد بن خداش، ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أنه تلا هذه الآية: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1). قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة أعطوا فيها ما سألوه وما شاءوا فيقول الله عز وجل لهم: إنه قد بقي من حقكم شيئا لم تعطوه فيتجلى لهم عز وجل فلا يكون ما أعطوا عند ذلك شيئا فالحسنى الجنة والزيادة النظر إلى الله عز وجل ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة بعد نظرهم إلى ربهم حدثنا هاشم بن الوليد، ثنا حماد بن واقد الصفار، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، مثله

(40/88)


__________
(1) سورة: يونس آية رقم: 26
(1/ 347)

326 - حدثنا محمد بن عبد الله بن موسى القرشي، ثنا عبد الحميد بن صالح، ثنا أبو شهاب الخياط، عن خالد بن دينار، عن حماد بن جعفر، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا أخبركم بأسفل أهل الجنة درجة؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «رجل يدخل الجنة من باب الجنة فيتلقاه غلمانه فيقولون مرحبا بسيدنا قد آن لك أن تزورنا قال: فتمد له الزرابي أربعين سنة ثم ينظر عن يمينه وعن شماله فيرى الجنان فيقول: لمن هذا؟ فيقال لك حتى إذا انتهى رفعت له ياقوتة حمراء وزبرجدة خضراء لها سبعون شعبا في كل شعب سبعون غرفة في كل غرفة سبعون بابا فيقولون اقرأ وارقه، فيرقى حتى إذا انتهوا إلى سرير ملكه اتكأ عليه سعته ميل في ميل له فيه فصول فيسعى إليه بسبعين صحفة من ذهب ليس فيها صحفة من لون أختها يجد لذة آخرها كما يجد لذة أولها ثم يسعى عليه بألوان الأشربة فيشرب منها ما اشتهى ثم يقول الغلمان: اتركوه وأزواجه فينطلق الغلمان ثم ينظر فإذا حوراء من الحور العين جالسة على سرير ملكها عليها سبعون حلة ليس منها حلة من لون صاحبتها فيرى مخ ساقها من وراء اللحم والدم والعظم والكسوة فوق ذلك فينظر إليها فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا من الحور العين من اللاتي خبئن لك فينظر إليها أربعين سنة لا يصرف بصره ثم يرفع بصره إلى الغرف فوقه فإذا أخرى أجمل منها فتقول: أما آن لك أن يكون لنا فيك نصيب فيرتقي إليها أربعين سنة لا يصرف بصره عنها حتى إذا بلغ النعيم منهم كل مبلغ وظنوا أن لا نعيم أفضل منه تجلى لهم الرب عز وجل فينظرون إلى وجه الرحمن تبارك وتعالى فيقول: يا أهل الجنة هللوني فيتجاوبون بتهليل الرحمن، ثم يقول: يا داود قم فمجدني كما كنت تمجدني في الدنيا فيمجد داود عليه السلام ربه عز وجل»
(1/ 348)

(40/89)


327 - حدثنا محمد بن الحسين، ثنا عبد الله بن أبي بكر، ثنا جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، في قوله تعالى: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب (1) قال: إذا كان يوم القيامة أمر بمنبر رفيع من الجنة ثم نودي: يا داود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في دار الدنيا فيقول: يا رب كيف وقد سلبته، فيقول إني راده فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة فذلك قوله تعالى: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
__________
(1) سورة: ص آية رقم: 25
(1/ 349)

328 - حدثنا أبو عبد الله العجلي، ثنا سويد الكلبي، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، وحجاج الأسود، عن شهر بن حوشب، قال: إن الله عز وجل يقول للملائكة: إن عبادي كانوا يحبون الصوت الحسن في الدنيا فيدعونه من أجلي فأسمعوا عبادي فيأخذون بأصوات من تهليل وتسبيح وتكبير لم يسمعوا بمثلها قط
(1/ 350)

329 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد البلخي، عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، قال: «الزيادة النظر إلى وجه الله تعالى». حدثنا فضيل، ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن يزيد، عن حذيفة، مثله حدثنا فضيل، ثنا جرير، عن ليث، عن ابن سابط، مثله
(1/ 351)

330 - حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: سمعت نعيم بن حماد، قال: سمعت ابن المبارك، قال: ما حجب الله عز وجل أحدا عنه إلا عذبه، ثم قرأ: إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، ثم إنهم لصالو الجحيم، ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون (1) قال: بالرؤية
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 15
(1/ 352)

331 - حدثنا هارون بن سفيان، ثنا يعقوب بن محمد الزهري، ثنا أنس بن عياض، ثنا يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أنس بن مالك، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دخلت الجنة فإذا فيها جنابذ (1) اللؤلؤ ترابها المسك»
__________
(1) الجنابذ: جمع جنبذة، وهو ما ارتفع من الشيء واستدار كالقبة

(40/90)


(1/ 353)

332 - حدثنا أبو الأحوص، أنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن سعيد بن جبير، قال: أرض الجنة فضة
(1/ 354)

333 - حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي زرعة، ثنا النضر بن شميل، أنا أبو بكر الهذلي، قال: سمعت أبا تميمة الهجيمي، قال: سمعت أبا موسى الأشعري، على هذا المنبر في قوله: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة (1) قال: الزيادة النظر إلى وجه ربهم عز وجل وقال بعض الحكماء في موعظة ذكر الجنة وأهلها: أكرم بأبلج زاهر ظفر بالجنة الناظرة وصار إلى زوج درج مقاصيه الآخرة، وأبكار لها ثمنا فأعطي أكثر من الآمال وفوق المنى قد تهدلت في خيام اللؤلؤ لهدايف ثمارها وتسلسلت متسنمة عليه من الغرف غصون أشجارها وتزينت في الحجال العدنية قواصر أبكارها وأشرفت منازله المبنية بخالص عقيانها وضحكت سبحات وجهه إلى نظرة وجوه مكانها فهو الملك المحبور وألذ الملاهي لذة الحبور رياض من الفراديس لا يهرم شبابها ولا تغلق على أهل خاصة الله من الأولياء أبوابها، ولا تعدو الأسقام على صحتها ولا تطرق الآفات بالغير كيف نعمتها، قد ارتفع في فسحة الملك المقيم، وتبوأ خلد قرار دار النعيم، وهل أحسن من منعم قد اتكأ في جنة عدن على أسرة عرضها، وعانق مفترجة كلت لفاكهات المرتجلين عن حسن وضعها، قرير عين يخط في حللها ورحاب قصورها، وقد أمدته كرامة النظر إلى وجه الله عز وجل دائمة سرورها، وبالله قد سمي جيران الله في درجات الملك والحبورة: وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور (2) مسترشد رغدا في نعمة ضحكت إليه فيها بما قد كان يهواه عليه تاج جلال فوق مفرقه منعم في جنان الخلد مثواه له أساور من درة عسجدة عمت ضحكات بها للحسن كفاه لباسه فيها سندس سجة وشربه الخمر واللذات سراه معانق خلة في صدر خيمتها ما إن يمل لذ تقبيلها فاه طوبى له ثم طوبى يوم حل بها أذكرت نفسه ما قد تمناه أكرم به ملكا في جنة بهيجة بالملك والخلد فيها جاره الله
__________

(40/91)


(1) سورة: يونس آية رقم: 26
(2) سورة: فاطر آية رقم: 34
(1/ 355)

334 - حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثني موسى بن عيسى، قال: حدثني بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، قال: حدثت أن الحور العين إذا زوجن تزين وتطيبن ونزلن حتى يكن كالصفوف قال: فتقول لصواحباتها: أما ترين زوجي وأزواجكن؟ فإن حمل عليها فإن كشف استحيت وغطت وجهها وقالت: واسوأتاه واه. . . أخذته فلم تدع قطرة من دمه إلا جعلته في كفها ثم ضمته إلى نحرها
(1/ 356)

335 - حدثنا الحسن بن يحيى بن كثير العنبري، ثنا علي بن بكار، عن أبي إسحاق الفزاري، عن رجل، عن مكحول، قال: والذي يحلف به إن سرير الحوراء لعلى طرف سنان العجل فمن شاء منكم أن يقدم فليقدم قال: وبكى بكاء شديدا
(1/ 357)

336 - حدثنا محمد بن الحسين، ثنا أبو غسان الهذلي، ثنا عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله، قال: بلغني أنه يقول، يعني الولي في الجنة: أشتهي العين، فيقال له: أفإنهن حور عين، فيقول: أشتهي البياض، فيقال: إنهن كأنهن بيض مكنون، فيقول: أخشى أن يكون في وجهها كلف، فيقال له: كأنهن الياقوت والمرجان (1)، فيقول: أخشى أن تكون خفيفة، فيقال له: حور مقصورات في الخيام (2)، فيقول: إني غيور، فيقال: لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان (3). قال: قال ابن عباس: تسنيم، وماء التسنيم يشربها المقربون صرفا، وتمزج لأصحاب اليمين
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 58
(2) سورة: الرحمن آية رقم: 72
(3) سورة: الرحمن آية رقم: 74
(1/ 358)

337 - حدثنا أبو عبد الله التميمي، عن روح بن عبد المؤمن، ثنا رباح القيسي، قال: سمعت مالك بن دينار، يقول: جنات النعيم بين جنان الفردوس وجنان عدن، وفيها جوار خلقن من ورد الجنة، قيل: ومن يسكنها؟ قال: الذين لا يهمون بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني، والذين أنبتت من خشيتي.
(1/ 359)

(40/92)


338 - حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري: الوصيف من وصائفها، فتقول: ويحك، اذهب فانظر ما فعل بولي الله تعالى، فتستبطئه فتبعث وصيفا آخر، فتستبطئهما فتبعث وصيفا آخر، فيأتي الأول فيقول: تركته عند الميزان، ويأتي الثاني فيقول: تركته عند الصراط، ويأتي الثالث فيقول: قد دخل الجنة، فيستقبلها الفرح، فتقوم على باب الجنة، فإذا أتى اعتنقته، فيدخل خياشيمه (1) من ريحها ما لا يخرج أبدا.
__________
(1) الخيشوم: أقصى الأنف من الداخل
(1/ 360)

339 - حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثني عبيد الله بن عمر، عن يسار، قال: سمعت رباح القيسي، يقول: شغلتك حشيشة بحاظية عن حور، مرضية.
(1/ 361)

340 - حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد بن أبي الحواري، قال: قال أبو سليمان: يخرج أهل الجنة من قصورهم إلى شاطئ تلك الأنهار. قال أبو سليمان: والحور فيهن جالسة على كرسي، ميل في ميل، قد خرجت عجيزتها من جانب الكرسي، فكيف أن يكون في الدنيا من يريد افتضاض الأبكار على شاطئ الأنهار.
(1/ 362)

(40/93)


341 - حدثنا الحسين بن عبد الرحمن، عن أحمد، قال: سمعت أبا سليمان، قال: كان شاب بالعراق يتعبد، فخرج مع رفيق له إلى مكة، فكان إذا نزلوا فهو يصلي، وإن أكلوا فهو صائم، فصبر عليه رفيقه ذاهبا وجائيا، فلما أراد أن يفارقه قال له: يا أخي، أخبرني ما الذي يهيجك (1) إلى ما رأيت؟ قال: رأيت في النوم قصرا من قصور الجنة، فإذا لبنة من ذهب، ولبنة من فضة، فلما تم البناء فإذا شرفة من زبرجد، وشرفة من ياقوت، وبينهما حور من الحور العين مرخية شعرها، عليها ثوب من فضة ينثني معها كلما تثنت، فقالت: يا شهاوية، جد إلى الله عز وجل في طلبي فقد والله جددت في طلبك، فهذا الاجتهاد الذي يراد في طلبها. فقال أبو سليمان: هذا في طلب حوراء، فكيف الذي يريد ما هو أكثر منها.

(40/94)


قال بعض الحكماء: ما أخرك أيها التعب في طلب عيش لا يدوم بقاؤه ولا يصفو من الأحداث والغير أقذاؤه، عما ندبك إليه القرآن، وهتك لك عنه حجاب الملوك؛ لعله تغنيك عن ذلك نظرك في وجنة ميتة تزيد الأمراض غضارة كمالها، وتتبرها الأحداث شكل جمالها، ويبلى في التراب غض جدتها، ويعفر البلى رونق صورتها أفيها كلفت، وقنعت بالنظر إليها أم بدار خلقت جدة بدنك في نفس رواقها وجهدت نفسك وتعبت في تزويقها وستور تعفرها الرياح والأيام موكلة بتمزيقها اعتضت بهذا وليس يساق لك من دار الحياة ومحله نفيت عنها المنون ودواير الغير وحجبها بدوام النعيم عن التنغص والخدم وحشاها بأنواع سرور لا يبور، ويحك فأجب ربك تبارك وتعالى إذا دعاك إلى جواره، وارغب إليه لترافق أولياءه في داره في عرضة حفت بالنعيم وخص أهلها بالإكرام وسماها ربك عز وجل إذ بناها بيده دار سلام وملأها من طواطئ القلوب فظفر بسؤال أهلها من الله عز وجل باختصاصها وأنزل منى الشهوات عن أكناف عرصاتها، دار وافقت جزاء الأبرار الذين خلعوا له الراحة ووفوا بالميثاق، ودار أسسها بالذكر إذ بناها ورفع بالدر والياقوت شرف ذراها، وكسا كثبان المسك الأذفر والعنبر الأشهب في قبابها ونجدها بالزرابي من خيامها وبسط العبقري في بطن رحابها وزينها برقاق إستبرقها بالديباج بنمارقها وكساها جلبابا من نور عرشه فأزهرت وما فيها فلو يسفر الشمس طست تلألئها ولو برزت هذه تبغي أن تباهيها لانكدرت وأظلمت في نور علاليها وصفقت في صدور تلك الخيام أسرر مكللة بالجوهر موصلة بقضبان اللؤلؤ والياقوت الأحمر تسير بأولياء الله عز وجل مع الخفرات الأوانس في أروقة اللؤلؤ بين تلك الحلل
__________
(1) يهيج: يثير
(1/ 363)

(40/95)




















==============صفة النار














































[ فهرس الكتاب - فهرس المحتويات ]





كتب ابن أبي الدنيا ت فاضل الرقي

التعوذ بالله من النار بسم الله الرحمن الرحيم
(1/ 2)

1 - حدثنا أبو عثمان محمد بن أحمد بن إبراهيم بن. . . . قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر العبدي، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، قال: حدثنا عبد الله بن داود، عن. . . ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر النار في صلاة غير مكتوبة فقال: «تعوذوا بالله من النار. ويل (1) لأهل النار»
__________
(1) الويل: الحزن والهلاك والعذاب وقيل وادٍ في جهنم
(1/ 3)

2 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثني أيوب بن شبيب الصنعاني، قال: فيما عرضنا على رباح بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن بحير، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد، يقول: سمعت ابن عمر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول: «لا تنسوا العظيمتين» قلنا: وما العظيمتان؟ قال: «الجنة والنار» فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر، ثم بكى حتى جرج وائل دموعه جانبي لحيته، ثم قال: «والذي نفس محمد، بيده لو تعلمون من علم الآخرة ما أعلم، لمشيتم إلى الصعيد (1)، فلحثيتم على رؤوسكم التراب»
__________
(1) الصعيد: الأرض الواسعة المستوية
(1/ 4)

3 - حدثني إبراهيم بن سعيد، قال: حدثنا سفيان، عن مسعر، عن عبد الأعلى، قال: «ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الجنة والنار إلا قالت الملائكة: أغفلوا العظيمتين»
(1/ 5)

4 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن مسعر، عن عبد الأعلى، قال: «إن الجنة والنار لقنتا السمع من ابن آدم، فإذا قال الرجل: أعوذ بالله من النار، قالت النار: اللهم أعذه، وإذا قال: أسأل الله الجنة، قالت الجنة: اللهم بلغه»
(1/ 6)

(41/1)


5 - حدثنا إسماعيل بن خالد، قال: حدثنا يعلى بن الأشدق، قال: حدثني كليب بن حزن الجرمي - وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن النار لا ينام هاربها، وإن الجنة لا ينام طالبها. اطلبوا الجنة جهدكم، واهربوا من النار جهدكم»
(1/ 7)

أبواب جهنم
(1/ 8)

6 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لسرادق (1) النار أربعة جدر (2)، كثف (3) كل جدار مسيرة أربعين سنة»
__________
(1) السرادق: كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء أو خيمة
(2) الجدر: الحوائط
(3) كثف: غلظ
(1/ 9)

7 - حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو شهاب الحناط، عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: «إن أبواب جهنم هكذا بعضها فوق بعض» وأومأ (1) أبو شهاب بأصابعه 000 هذا عن هذا
__________
(1) الإيماء: الإشارة بأعضاء الجسد كالرأس واليد والعين ونحوه
(1/ 10)

8 - حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: حدثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: قوله: (لها سبعة أبواب (1)) قال: «أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير (2)، ثم سقر (3)، ثم الجحيم (4) - وفيه أبو جهل - ثم الهاوية»
__________
(1) سورة: الحجر آية رقم: 44
(2) السعير: النار شديدة التوقد
(3) سقر: اسم عجميٌّ عَلَم لنارِ الآخِرَة، لا يَنْصرف للعُجْمة والتَّعْريف.
(4) الجحيم: اسم من أسماء جهنم
(1/ 11)

9 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد أبو عبد الله، عن الوليد بن مسلم، عن يزيد بن سعيد العنسي، عن يزيد بن أبي مالك الهمداني، قال: «لجهنم سبعة نيران تأتلق، ليس منها نار إلا وهى تنظر إلى التي تحتها مخافة أن تأكلها»
(1/ 12)

(41/2)


10 - حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا. . . محمد بن يزيد، عن جهضم، قال: سمعت عكرمة، في قوله تعالى: (لها سبعة أبواب (1)) قال: «لها سبعة أطباق»
__________
(1) سورة: الحجر آية رقم: 44
(1/ 13)

11 - حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عمرو بن حمران، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (لكل باب منهم جزء مقسوم (1)) قال: «هي والله منازل بأعمالهم»
__________
(1) سورة: الحجر آية رقم: 44
(1/ 14)

باب صفة جهنم وسعتها
(1/ 15)

12 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب، عن أبي بكر بن أبي موسى، عن أبيه أبي موسى، قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن حجرا قذف به في جهنم لهوى سبعين خريفا (1) قبل أن يبلغ قعرها»
__________
(1) الخَرِيف: الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
(1/ 16)

13 - حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعنا وجبة (1)، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ما هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفا (2) انتهى في قعر جهنم»
__________
(1) الوجبة: السقطة مع هدة وصدمة، وتطلق على وقوع الشيء أو الحدث بغتة
(2) الخَرِيف: الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
(1/ 17)

14 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن حجرا كسبع خلفات (1) شحومهن وأولادهن ألقي في جهنم، لهوى سبعين عاما لا يبلغ قعرها»
__________
(1) الخلفة: الناقة الحامل العشراء
(1/ 18)

(41/3)


15 - حدثنا خالد بن مرداس السراج، قال: حدثنا حماد بن يحيىلأبح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: لما أسري (1) بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجبريل عليه السلام مع النبي صلى الله عليه وسلم، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم هدة، فقال: «يا جبريل ما هذه الهدة؟» قال: حجر أرسله الله من شفير (2) جهنم، فهو يهوي فيها منذ سبعين عاما، فبلغ قعرها الآن، فما ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتبسم تبسما
__________
(1) الإسراء: السير ليلا
(2) الشفير: الحرف والجانب والناحية
(1/ 19)

16 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم دويا (1)، فقال: «يا جبريل ما هذا؟» قال: هذا حجر ألقي في جهنم منذ سبعين عاما، فالآن استقر في قعرها
__________
(1) الدوي: صوت ليس بالعالي كصوت النحل وغيره
(1/ 20)

17 - حدثنا الفضل بن إسحاق، قال: حدثنا شبابة بن سوار، قال: أخبرني الوليد بن حصين الشامي، قال: أخبرني لقمان بن عامر، عن أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي، قال: أتيته فقلت: يا أبا أمامة، حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا لي بطلاء، فشربته، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أن صخرة زنة عشرة عشروات قذف بها من شفير (1) جهنم ما بلغت سبعين خريفا (2) ثم ينتهي إلى غي وأثام» قلت: وما غي وأثام؟ قال: «بئران يسيل فيهما صديد أهل النار، وهما اللتان ذكر الله في كتابه: (فسوف يلقون غيا (3)) وفي الفرقان: (يلق أثاما (4))»
__________
(1) الشفير: الحرف والجانب والناحية
(2) الخَرِيف: الزَّمَانُ المَعْرُوفُ من فصول السَّنّة ما بين الصَّيف والشتاء ويطلق على العام كله
(3) سورة: مريم آية رقم: 59
(4) سورة: الفرقان آية رقم: 68
(1/ 21)

(41/4)


18 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا عنبسة بن سعيد، عن حبيب بن أبي عمرة، عن مجاهد، قال: قال ابن عباس: «أتدري ما سعة جهنم؟» قلت: لا. قال: «أجل والله ما تدري، إن بين شحمة (1) أذن أحدهم وبين عاتقه (2) مسيرة سبعين خريفا، يجري فيها أودية القيح والدم» قلت له: أنهارا؟ قال: «لا، بل أودية»
__________
(1) الشحمة: ما لان من أسفل الأذن ويعلق فيه القرط
(2) العاتق: ما بين المنكب والعنق
(1/ 22)

19 - ثم قال: أتدري ما سعة جهنم؟ قلت: لا. قال: أجل والله ما تدري، حدثتني عائشة، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالىعما يشركون (1)): فأين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال: «على جسر جهنم»
__________
(1) سورة:
(1/ 23)

20 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي ظبيان، عن سلمان، قال: (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها (1)) قال: «النار سوداء لا يضيء جمرها ولا لهبها»
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 22
(1/ 24)

21 - حدثنا محمد بن الصباح الدولابي، قال: حدثنا ريحان بن سعيد، عن عباد بن منصور، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضرس الكافر مثل أحد، وفخذه مثل ورقان - قال أبو عصمة: جبل - وعرض جلده أربعون ذراعا»
(1/ 25)

22 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن بن صالح، عن هارون بن سعد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضرس الكافر - أو ناب الكافر - مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث»
(1/ 26)

(41/5)


23 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مقعد الكافر من النار ثلاثة أيام، وكل ضرس له مثل أحد، وفخذه مثل ورقان، وجلده - سوى لحمه وعظامه - أربعون ذراعا»
(1/ 27)

24 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي، قال: حدثنا مالك بن مغول، عن أبي يحيى بياع القت، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «ضرس الكافر مثل جبلة» ثم قال: «تدري ما جبلة؟» قلت: لا. قال: «جبل باليمن. هل رأيت أحدا؟» قلت: نعم. قال: «هو مثله. إنه ليسيل منه القيح والدم ما يجري به الأودية، وإن يده لمغلولة إلى حلقه إلى آخر يوم من الأبد»
(1/ 28)

25 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا الحكم بن ظهير، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله: (وإذا الجحيم سعرت (1)) قال: «سعرت ألف سنة حتى ابيضت، ثم ألف سنة حتى احمرت، ثم ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة»
__________
(1) سورة: التكوير آية رقم: 12
(1/ 29)

26 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي، قال: أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا زكريا بن أبي مريم الخزاعي، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: «إن ما بين شفير (1) جهنم إلى قعرها مسيرة سبعين خريفا من حجر يهوي - أو قال: صخرة تهوي - عظمها كعشر عشراوات عظام سمان» فقال له مولى لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد: هل تحت ذاك شيء يا أبا أمامة؟ قال: «نعم، غي وأثام»
__________
(1) الشفير: الحرف والجانب والناحية
(1/ 30)

(41/6)


27 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: بلغنا أن معاذ بن جبل، كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده، إن ما بين شفير (1) النار وقعرها كصخرة زنة سبع خلفات (2) بشحومهن ولحومهن وأولادهن، تهوي من شفة (3) النار قبل أن تبلغ قعرها سبعين خريفا»
__________
(1) الشفير: الحرف والجانب والناحية
(2) الخلفة: الناقة الحامل العشراء
(3) الشفة: الحرف أو الجانب
(1/ 31)

(41/7)


28 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، قال: حدثني المنهال بن عيسى العبدي، قال: حدثنا حوشب، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه كان إذا ذكر يوم القيامة ومقامهم (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (1)) محزونين نادمين، قد اسودت وجوههم، وازرقت أبصارهم، وقلوبهم عند حناجرهم، يبكون الدموع، وبعد الدموع الدم، حتى لو أرسلت السفن المواقير في دموعهم لجرت، قد عظموا لجهنم مسيرة ثلاثة أيام ولياليها للراكب الجواد، وإن ناب أحدهم لمثل الجبل العظيم، وأن دبره (2) لمثل الشعب (3)، مغللة أيديهم إلى أعناقهم، قد جمع بين نواصيهم وأقدامهم، يضربون بالمقامع وجوههم وأدبارهم، يساقون إلى جهنم. فيقول العبد للملك: ارحمني فيقول: كيف أرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين؟ وجهنم يحمى عليها من أول الدهر إلى يوم القيامة على طعامها وشرابها وأغلالها (4)، فلا يفنى حرها ولا. . . حماها؟ ولو أن غلا منها وضع على جبال الدنيا لرضرضها. ولو أن عذاب الله كان بينه وبين جبل مسيرة خمسمائة سنة لذاب ذاك الجبل. طعامهم من نار، تحذى لهم نعال من النار، وخفاف من النار في سردان. وأطول عذاب النار في الأجساد أكلا أكلا، وصهرا صهرا (5)، وحطما حطما، بدن لا يموت 000 حجر موصد، وإنهم في السلسلة من آخرهم فتأكلهم النار، وتبقى الأرواح في الحناجر تصرخ، تدعو بالويل والحسرة والندامة، وإنها لتأكل لهم كل يوم سبعين ألف جلد، فنعوذ بالله من النار»
__________
(1) سورة: المعارج آية رقم: 4
(2) الدبر: الاست والمؤخرة
(3) الشعب: الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
(4) الأغلال جمع الغُل: وهو طوق من حديد أو جلد يجعل في عنق الأسيرأو المجرم أو في أيديهما
(5) صهر الشيء بالنار ونحوها: أذابه
(1/ 32)

جبال النار وأوديتها
(1/ 33)

(41/8)


29 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: (سأرهقه صعودا (1)) قال: «جبل في النار»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 17
(1/ 34)

30 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الصعود: جبل من نار، يتصعد فيه الكافر سبعين خريفا، ثم يهوي به كذلك فيه أبدا»
(1/ 35)

31 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن عمار الدهني، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: «إن صعودا صخرة في جهنم، إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت، وإذا رفعوها عادت، اقتحامها: (فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة (1))»
__________
(1) سورة: البلد آية رقم: 13
(1/ 36)

32 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ويل: وادي في جهنم، يهوي (1) فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره»
__________
(1) يهوي: يسقط
(1/ 37)

33 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: «الويل: وادي في جهنم، لو سيرت فيه الجبال لماعت من حرها»
(1/ 38)

34 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن زياد بن فياض، عن أبي عياض، قال: «ويل: فسيل (1) في أصل جهنم»
__________
(1) الفسيلة: النخلة الصغيرة
(1/ 39)

(41/9)


35 - حدثني حمزة، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله، قال: سمعت أبي، قال: سمعت أبا هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في جهنم واديا يقال له لملم، إن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره»
(1/ 40)

36 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الأزهر بن سنان، قال: حدثنا محمد بن واسع، قال: دخلت على بلال بن أبي بردة فقلت له: يا بلال، إن أباك حدثني، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في جهنم واديا يقال له هبهب، حقا على الله أن يسكنه كل جبار، فإياك يا بلال أن تكون ممن يسكنه»
(1/ 41)

37 - حدثني أبي رحمه الله، قال: أخبرنا روح بن عبادة، عن هشام، عن محمد بن واسع، قال: قلت لبلال - وأرسل إلي -: إنه بلغني «أن في النار بئرا يقال له جب الحزن، يؤخذ المتكبرون فيجعلون في توابيت من نار، ثم يجعلون في تلك البئر، ثم تطبق عليهم جهنم من فوقهم» فبكى بلال
(1/ 42)

(41/10)


38 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني ثعلبة بن مسلم، عن أيوب بن بشير، عن شفي بن ماتع الأصبحي، قال: «في جهنم جبل يدعى صعودا، يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه، قال الله عز وجل: (سأرهقه صعودا (1)). وإن في جهنم قصرا يقال له: هوى، يرمى الكافر من أعلاه، فيهوي في جهنم أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله. قال الله جل وعز: (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى (2)). وإن في جهنم واديا يدعى غيا، يسيل قيحا ودما، فهو لمن خلق له. قال: (فسوف يلقون غيا (3)) وإن في جهنم واديا يدعى أثاما، فيه حيات وعقارب، في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة سم، والعقرب منهن مثل البغلة (4) المؤكفة، تلدغ الرجل فلا يلهيه (5) ما يجد من حر جهنم حموة لدغتها فهو لمن خلق له. وإن في جهنم سبعين داء، كل داء مثل جزء من أجزاء جهنم»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 17
(2) سورة: طه آية رقم: 81
(3) سورة: مريم آية رقم: 59
(4) البغلة: المتولدة من بين الحمار والفرس، وهي عقيمة
(5) يلهيه: يشغله
(1/ 43)

39 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: في قوله: (فسوف يلقون غيا (1)) قال: «واد في جهنم، يقذف فيه الذين اتبعوا الشهوات»
__________
(1) سورة: مريم آية رقم: 59
(1/ 44)

40 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، قال: (فسحقا لأصحاب السعير (1)) قال: «واد في جهنم يقال له سحق»
__________
(1) سورة: الملك آية رقم: 11
(1/ 45)

41 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا حسن الأشيب، عن ابن لهيعة، عن محمد بن عجلان، عن أبي عبيد، مولى سليمان بن عبد الملك، عن كعب، قال: (الفلق (1)): «بيت في النار، إذا فتح صاح منه جميع أهل النار من شدة حره»
__________

(41/11)


(1) سورة: الفلق آية رقم: 1
(1/ 46)

42 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن السدي، قال: (الفلق (1)) «جب (2) في جهنم»
__________
(1) سورة: الفلق آية رقم: 1
(2) جب: واد في جهنم تستعيذ جهنم مما فيه من العذاب
(1/ 47)

43 - حدثني أبي، رحمه الله، قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو، قال: «إن في جهنم سجنا أرضه نار، وسقفه نار، وجدرانه نار، فإذا أدخلوا قيل بالنيران على أفواههم، لا يدخله إلا شر الأشرار»
(1/ 48)

44 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني: (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا (1)) قال: «سجنا»
__________
(1) سورة: الإسراء آية رقم: 8
(1/ 49)

45 - حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثني إبراهيم بن أبي سويد، قال: حدثنا النعمان بن عبد السلام، قال: حدثنا مغلس أبو علي، عن أيوب بن يزيد، عن عمرو بن عبسة، قال: (الفلق (1)): «بيت في جهنم، إذا سعرت جهنم فمنه تسعر (2). وإن جهنم لتأذى منها كما يتأذى (3) بنو آدم من جهنم»
__________
(1) سورة: الفلق آية رقم: 1
(2) تسعر: توقد ويحمى عليها
(3) التأذي: التضرر
(1/ 50)

46 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا أبو عتبة الحسن بن علي بن مسلم السكوني، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن عطاء بن يسار، قال: «إن في النار سبعين ألف واد، في كل واد سبعون ألف شعب (1)، في كل شعب سبعون ألف جحر، في كل جحر حية تأكل وجوه أهل النار»
__________
(1) الشعب: الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
(1/ 51)

(41/12)


47 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا سليمان بن حيان الأحمر، عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر المتكبرون يوم القيامة ذرا في مثل صور الرجال، يعلوهم كل شيئ من الصغار، ثم يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بولس، يعلوهم نار الأنيار، يسقون من طين الخبال، عصارة أهل النار»
(1/ 52)

48 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا عوف، عن أبي المنهال الرياحي، أنه بلغه: «أن في النار أودية في ضحضاح (1) من النار، في تلك الأودية حيات أمثال أجوان الإبل، وعقارب كالبغال الخنس، فإذا سقط إليهن شيء من أهل النار أنشأن به لسعا ونشطا، حتى يستغيثوا بالنار فرارا منهن، وهربا منهن»
__________
(1) الضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض إلى نحو الكعبين واستعير في النار
(1/ 53)

49 - حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن مسلم، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن أبي المثنى الأملوكي، قال: «إن في النار أقواما يربطون بنواعير من نار، تدور بهم تلك النواعير، ما لهم فيها راحة ولا فترة (1)»
__________
(1) الفتور: الكسل والضعف
(1/ 54)

50 - حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، قال: «إن في جهنم لآبارا من ألقي فيها تردى (1) سبعين عاما قبل أن يبلغ القرار. ثم نزع بهذه الآية: ف (اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين (2))»
__________
(1) التردي: السقوط من مكان عال
(2) سورة: الجاثية آية رقم: 34
(1/ 55)

(41/13)


51 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زحر، عن أبي يسار، قال: «الظلة من جهنم فيها سبعون زاوية، في كل زاوية صنف من العذاب ليس في الأخرى»
(1/ 56)

52 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا علي بن هاشم بن يزيد، قال: قال: قال صالح بن حي: «الغل: اليد الواحدة المشدودة إلى العنق. والصفد: اليدين جميعا إلى العنق»
(1/ 57)

53 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا علي بن هاشم، قال: قال الأعمش: «الصفد: القيد، في قوله: (مقرنين في الأصفاد (1)): القيود»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 49
(1/ 58)

54 - حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: حدثنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن هارون، قال: قال رجل لابن مسعود: حدثنا عن النار كيف هي؟ قال: «لو رأيتها لزال قلبك من مكانه»
(1/ 59)

باب مقامع أهل النار وسلاسلها وأغلالها
(1/ 60)

55 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن مقمعا (1) من حديد وضع في الأرض فأجمع أهل الأرض، ما أقلوه من الأرض»
__________
(1) المقمع: سِياط تعمل من حديد، رُؤوسها مُعْوَجَّة
(1/ 61)

56 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو ضرب بمقمع من حديد الجبل لتفتت، ثم عاد كما كان»
(1/ 62)

57 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: ثنا سيار بن حاتم، حدثنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت مالك بن دينار، قال: بلغنا «أنه إذا. . . . . . أهل النار في النار بضرب المقامع، انغمسوا في جبل من الحميم (1) سنة كما يفرق الرجل في الدنيا. . . . .»
__________
(1) الحميم: الماء الحار
(1/ 63)

(41/14)


58 - حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن نعيم بن ميسرة، عن عيينة بن الغصن، قال: قال الحسن: «إن الأغلال لم تجعل في أعناق أهل النار لأنهم أعجزوا الرب، ولكنهم إذا طفا بهم اللهب أرسبتهم» ثم أجفل الحسن مغشيا عليه
(1/ 64)

59 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن معين، عن يحيى بن ضريس، عن أبي سنان، قال: تلا الحسن: (إن لدينا أنكالا (1)) قال: «قيودا» ثم قال: «أما وعزته ما قيدهم مخافة أن يعجزوه، ولكن قيدهم لترسابهم النار»
__________
(1) سورة: المزمل آية رقم: 12
(1/ 65)

60 - حدثني أبي، قال: أخبرنا عبد العزيز القرشي، عن سفيان، عن نسير، عن نوف الشامي: في قوله: (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا (1)) قال: «الذراع سبعون باعا (2)، والباع من هاهنا إلى مكة» وهو يومئذ في دار البريد بالكوفة
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 32
(2) البُوع والبَاعُ سواء: وهو قَدْر مَدّ اليَديْن وما بينهما من البَدن
(1/ 66)

61 - حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن أبي صالح: (في عمد ممددة (1)) قال: «القيود الطوال»
__________
(1) سورة: الهمزة آية رقم: 9
(1/ 67)

62 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل، من بني تميم، قال: كنا عند أبي العوام، فتلا هذه الآية: (وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر (1))، فقال: «ما تسعة عشر؟ تسعة عشر ألف ملك، أو تسعة عشر ملكا؟» قال: فقلت: لا، بل تسعة عشر ملكا؟ قال: «وأنى (2) تعلم ذلك؟» قلت: لقول الله: (وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا (3)). قال: «صدقت» قال: «فهم تسعة عشر ملكا، بيد كل ملك مرزبة (4) من حديد لها شعبتان (5)» قال: «فيضربهم الضربة فيهوي بها سبعين ألفا»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 27
(2) أنى: من أين

(41/15)


(3) سورة: المدثر آية رقم: 31
(4) المرزبة: المطرقة الكبيرة تكسر بها الحجارة
(5) الشعبة: الفرع
(1/ 68)

63 - حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا منصور بن عمار، عن بشير بن طلحة، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن منية، قال: «ينشئ الله سحابة لأهل النار سوداء مظلمة، فيقال: يا أهل النار، أي شيء تطلبون؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا، فيقولون: نسأل بارد الشراب. فتمطرهم أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم، وجمرا تلتهب النار عليهم»
(1/ 69)

64 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن مقمعا من حديد ألقي في الدنيا ما أقله الثقلان (1)»
__________
(1) الثقلان: الإنس والجن
(1/ 70)

65 - حدثنا الحسن بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى مثل الجمجمة - أرسلت من السماء إلى الأرض - وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها»
(1/ 71)

66 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن أبي هاشم: في قول الله عز وجل: (ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون (1)) قال: «يجعل لهم أوتاد في جهنم فيها سلاسل، فتلقى في أعناقهم» قال: «فتزفرهم جهنم زفرة (2)، فتذهب بهم مسيرة خمسمائة سنة، ثم تجيء بهم في يوم. فذلك قوله: (وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون)»
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 47
(2) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(1/ 72)

(41/16)


67 - حدثنا. . . قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجوني: في قوله: (إن لدينا أنكالا وجحيما (1)) قال: «قيودا لا تحل والله أبدا»
__________
(1) سورة: المزمل آية رقم: 12
(1/ 73)

68 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا سيار، قال: حدثنا جعفر، عن أبي عمران الجوني، قال: بلغنا «أنه إذا كان يوم القيامة أمر الله بكل جبار عنيد، وبكل شيطان، وبكل من كان يخاف الناس شره في الدنيا، فأوثقوا (1) في الحديد، ثم أمر بهم إلى النار، ثم أوصد عليهم - أي أطبعها - ولا والله لا تستقر أقدامهم على قرار أبدا، ولا والله لا ينظرون إلى أديم (2) السماء أبدا، ولا والله ما تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبدا، ولا والله لا يذوقون فيها برد شراب أبدا، ولا والله ولا واه، ثم يقال لأهل الجنة: فتحوا الأبواب، ولا تخافوا شيطانا ولا جبارا، وكلوا اليوم: (واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية (3))» فقال: أبو عمران الجوني: «هي والله أيامكم هذه»
__________
(1) أوثق: ربط
(2) أديم السماء: ما يظهر من السماء
(3) سورة: الحاقة آية رقم: 24
(1/ 74)

69 - حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن حميد، عن يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، وهارون بن عنترة، عن سعيد بن جبير، قال: «إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم، فأكلوا منها، فاختلست (1) جلود وجوههم، فلو أن مارا يمر بهم لعرف جلود وجوههم فيها. ثم يصب عليهم العطش، فيستغيثوا فيغاثون (2) بماء كالمهل، وهو الذي قد انتهى حره. فإذا أدني من أفواههم انشوى من حره لحم وجوههم التي سقطت عنها الجلود، و (يصهر به ما في بطونهم (3))، فيمشون تسيل أمعاؤهم، وتساقط جلودهم، ثم يضربون بمقامع من حديد، ويسقط كل عضو على حياله، يدعون بالثبور (4)»
__________
(1) اختلست: أسقطت
(2) الإغاثة: المساعدة والنجدة والمؤازرة
(3) سورة: الحج آية رقم: 20
(4) الثبور: الهلاك والخسران
(1/ 75)

(41/17)


70 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا يحيى بن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، قال: «لو انقلب (1) رجل من أهل النار بسلسلة لزالت الجبال»
__________
(1) الانقلاب: الرجوع أو الإياب
(1/ 76)

71 - حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثني أحمد بن أبي الحواري، قال: حدثني الطيب أبو الحسن الخشني، قال: «ما في جهنم دار ولا مغار، ولا غل، ولا قيد، ولا سلسلة إلا اسم صاحبه عليها مكتوب» قال أحمد: فحدثت به أبا سليمان، فبكى، ثم قال لي: «ويحك فكيف به لو قد جمع هذا كله عليه؟ فجعل الغل في عنقه، والقيد في رجله، والسلسلة في رقبته، ثم أدخل النار، وأدخل المغار؟»
(1/ 77)

72 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن إسحاق، عن ابن المبارك، عن رجل، عن الحسن: (يصهر به ما في بطونهم (1)) قال: «يقطع به ما في بطونهم. (ولهم مقامع من حديد (2)) بأيدي الزبانية. وذلك أن النار تصهر بهم بلهبها فترفعهم، حتى إذا كانوا في أعلاها ضربوا بمقامع، فهووا سبعين خريفا. ولذلك سميت الهاوية لأنهم لا يستقرون ساعة، وإذا انتهوا إلى أسفلها ضربهم زفير لهبها، والزفير زفير اللهب، والشهيق بكاؤهم، (كلما أرادوا أن يخرجوا (3)) يقول: رجوا أن يخرجوا»
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 20
(2) سورة: الحج آية رقم: 21
(3) سورة: الحج آية رقم: 22
(1/ 78)

73 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، في قوله: (فاسلكوه (1)) قال: «بلغنا أنها تدخل في دبره (2) حتى تخرج من فيه»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 32
(2) الدبر: الاست والمؤخرة
(1/ 79)

الحميم والصديد والمهل والغسلين شراب أهل النار وطعامهم
(1/ 80)

(41/18)


74 - حدثنا الحسن بن عيسى النيسابوري، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الله بن بسر، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في قوله: (ويسقى من ماء صديد يتجرعه (1)). قال: «يقرب إليه فيتكرهه، فإذا أدني منه شوى وجهه، ووقع فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى تخرج من دبره (2)». يقول الله عز وجل: (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم (3)). ويقول الله: (وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب (4))
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 16
(2) الدبر: الاست والمؤخرة
(3) سورة: محمد آية رقم: 15
(4) سورة: الكهف آية رقم: 29
(1/ 81)

75 - حدثنا الحسن بن عيسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الحميم (1) ليصب على رءوسهم، فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه، فيسلب ما في جوفه حتى يخرق قدميه، وهو الصهر، ثم يعاد كما كان»
__________
(1) الحميم: الماء الحار
(1/ 82)

76 - حدثني الحسن بن الصباح، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، قال: حدثنا تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أن غربا من ماء جهنم جعل في وسط الأرض لأذاب نتنه وشدة ريحه ما بين المشرق والمغرب، ولو أن شررة من شرر جهنم بالمشرق لوجد حرها من بالمغرب»
(1/ 83)

77 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في قوله: (كالمهل (1)) قال: «كعكر الزيت، إذا أدناه إلى وجهه سقطت فروة وجهه»
__________
(1) سورة: الكهف آية رقم: 29
(1/ 84)

(41/19)


78 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، قال: حدثني دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لو أن دلوا (1) من غساق (2) يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا»
__________
(1) الدلو: إناء يُستقى به من البئر ونحوه
(2) الغساق: بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم، وقيل الزمهرير
(1/ 85)

79 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «لو أن دلوا (1) من غساق (2) يهراق (3) في الدنيا لأنتن أهل الدنيا»
__________
(1) الدلو: إناء يُستقى به من البئر ونحوه
(2) الغساق: بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار وغسالتهم، وقيل الزمهرير
(3) يهراق: يُسالُ ويُراقُ ويسكب
(1/ 86)

80 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الدنيا لأفسدت على الناس معايشهم»
(1/ 87)

81 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن هشام، عن الحسن، قال: «لو أن دلوا (1) من صديد جهنم صب في الأرض ما بقي أحد على وجه الأرض إلا مات»
__________
(1) الدلو: إناء يُستقى به من البئر ونحوه
(1/ 88)

82 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (غسلين (1)) قال: «هو الضريع، شجرة يأكل منها أهل النار»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 36
(1/ 89)

83 - حدثنا فضيل، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: (شجرة الزقوم (1)) قال: «شجرة في أسفل سقر (2)»
__________
(1) سورة: الصافات آية رقم: 62
(2) سقر: اسم عجميٌّ عَلَم لنارِ الآخِرَة، لا يَنْصرف للعُجْمة والتَّعْريف.
(1/ 90)

(41/20)


84 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو عاصم، عن رجل، عن عكرمة، عن ابن عباس: (وطعاما ذا غصة (1)) قال: «الشوك يأخذ بالحلق، لا يدخل ولا يخرج»
__________
(1) سورة: المزمل آية رقم: 13
(1/ 91)

85 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن شهر بن حوشب، عن أبي الدرداء، قال: «يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب» قال: «فيستغيثون، فيغاثون بالضريع الذي (لا يسمن ولا يغني من جوع (1))» قال: «فيستغيثون، فيغاثون (2) بطعام ذي غصة»، قال: «فيذكرون أنهم يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب» قال: «فيرفع إليهم الحميم (3) بكلاليب (4) الحديد، فإذا دنا (5) من وجوههم شوى وجوههم، وإذا دخل بطونهم قطع ما في بطونهم، فيقولون: كلموا خزنة النار، فيقولون: (ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب (6))، فيجيبونهم: (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعوا الكفرين إلا في ضلال (7)). فيقولون: كلموا مالكا فيقولون: (يا مالك ليقض علينا ربك (8)) فيجيبهم: (إنكم ماكثون). فيقولون: ادعوا ربكم، فإنه ليس أحد خيرا لكم من ربكم. فيقولون: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون (9))» قال: «فيجيبهم: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (10))» قال: «فعند ذلك ييأسون من كل خير، ويأخذون في الشهيق والويل (11) والثبور (12)»
__________
(1) سورة: الغاشية آية رقم: 7
(2) الإغاثة: المساعدة والنجدة والمؤازرة
(3) الحميم: الماء الحار
(4) الكلّوب: حديدة معوجة الرأس، والجمع كلاليب
(5) الدنو: الاقتراب
(6) سورة: غافر آية رقم: 49
(7) سورة: غافر آية رقم: 50
(8) سورة: الزخرف آية رقم: 77
(9) سورة: المؤمنون آية رقم: 107
(10) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(11) الويل: الحزن والهلاك والعذاب وقيل وادٍ في جهنم
(12) الثبور: الهلاك والخسران
(1/ 92)

(41/21)


86 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا يحيى بن يمان، قال: حدثنا سفيان، عن عطاء، عن أبي الحسن، عن ابن عباس، (ونادوا يا مالك (1)) قال: «يمكث عنهم ألف سنة ثم يجيبهم: (إنكم ماكثون)»
__________
(1) سورة: الزخرف آية رقم: 77
(1/ 93)

87 - حدثنا إسحاق، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن حمران بن أعين، أن النبي صلى الله عليه وسلم «قرأ هذه الآية: (وطعاما ذا غصة (1)) فصعق (2)»
__________
(1) سورة: المزمل آية رقم: 13
(2) صعق: غشي عليه
(1/ 94)

88 - حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا عمرو بن حمران، عن سعيد، عن قتادة: (ويسقى من ماء صديد (1)) قال: «ماء يسيل من لحمه وجلده»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 16
(1/ 95)

89 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مغيث بن سمي، قال: «إذا جيء بالرجل إلى النار قيل: انتظر حتى نتحفك» قال: «فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والأساود، إذا أدناها (1) من فيه ميزت اللحم على حدة، والعظم على حدة»
__________
(1) أدنى: قرب
(1/ 96)

90 - حدثني علي بن الحسن، عن حاتم بن عبيد الله، عن ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن كعب، قال: «يسلط على أهل النار الجوع، فيستغيثون بالخزنة، فيأتونهم بطعام، فلا يستكرهون أكله من شدة حره، فيلقونه في أفواههم، فيتساقط معه لحمان وجوههم. ثم يشتد بهم الجوع فيسلطون على أكل أيديهم، فيبدؤون بأكفهم فيأكلونها إلى سواعدهم من شدة الجوع الذي سلط عليهم، ثم يستقبلون سواعدهم فيأكلونها إلى مرافقهم، ثم يستقبلون مرافقهم فيأكلونها إلى أكتافهم، فإذا أفنوها بقيت زورة المناكب منحسفة، ثم ينوطون بعراقيبهم بكلاليب (1) من حديد إلى شجر الزقوم، فيناط منهم سبعون ألف شجر في شعبة كلاب واحد منكسين يضرب النار الوجوه والخدود. فذلك ما بهم إلى ما شاء ربك»
__________
(1) الكلّوب: حديدة معوجة الرأس، والجمع كلاليب
(1/ 97)

(41/22)


91 - حدثنا عبد الله بن عون الخراز، قال: حدثنا عمار بن محمد، عن منصور، عن مجاهد: (وغساق (1))، قال: «ما يقطع من جلودهم»
__________
(1) سورة: ص آية رقم: 57
(1/ 98)

92 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا الحسن بن علي بن مسلم، عن إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، عن أبي يحيى عطية الكلاعي، أن كعبا، كان يقول: «هل تدرون ما (وغساق (1))؟» قالوا: لا. قال: «عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة (2) من حية أو عقرب أو غير ذلك، فيستنقع، فيؤتى بالآدمي فيغمس (3) فيه غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده عن العظام، وتعلق جلده ولحمه في كعبيه، فيجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه»
__________
(1) سورة: ص آية رقم: 57
(2) الحُمَةُ أو الحُمَّة: السُّمُّ
(3) غمس: غمر وأدخل
(1/ 99)

الحيات والعقارب
(1/ 100)

93 - يونس بن عبد الرحيم العسقلاني، قال: حدثنا عثمان بن صالح، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن دراج، أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن في النار لحيات كأعناق البخت (1)، تلسع أحدهم اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفا. وإن في النار لعقارب كالبغال المؤكفة، تلسع أحدهم اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة»
__________
(1) البُخْتِية: الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق
(1/ 101)

94 - حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله، في قوله: (زدناهم عذابا فوق العذاب (1))، قال: «عقارب أنيابها كالنخل الطوال»
__________
(1) سورة: النحل آية رقم: 88
(1/ 102)

95 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، قال: حدثني غير واحد، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله: (ضعفا من النار (1))، قال: «أفاعي»
__________
(1) سورة: الأعراف آية رقم: 38
(1/ 103)

(41/23)


96 - حدثنا شجاع بن الأشرس، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، قال: قلت لكعب: من ساكن الأرض الخامسة؟ قال: «حيات جهنم» قلت: وإن لها لحيات؟ قال: «نعم، والذي نفسي بيده كأمثال الأودية» قلت: فمن ساكن الأرض السادسة؟ قال: «عقارب جهنم» قلت: وإن لها لعقارب؟ قال: «إي والذي نفسي بيده، كأمثال القلال (1)، وإن لها لأذنابا كأمثال الرماح، تلقى إحداهن الكافر فتلسعه اللسعة، فيتناثر لحمه على قدميه»
__________
(1) القلال: جمع القلة وهي الجرة الكبيرة
(1/ 104)

97 - حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا منصور بن عمار، قال: حدثنا محمد بن زياد، قاضي شمشاط، عن عبد العزيز بن أبي رواد، يبلغ به حذيفة قال: أسر إلي النبي صلى الله عليه وسلم حديثا قال: «يا حذيفة، إن الله إذا قال لأهل النار: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (1)) عادت وجوههم قطع لحم ليس فيها أفواه ولا مناخر، يتردد النفس في أجوافهم. وإنه لتسقط عليهم حيات من نار وعقارب من نار، لو أن حية منها نفخت من المشرق لاحترق من بالمغرب، ولو أن عقربا منها ضربت أهل الدنيا لاحترقوا من آخرهم، وإنها لتسلط عليهم فتكون بين لحومهم وجلودهم، وإنه ليسمع لها هنالك جلبة (2) كجلبة الوحش في الغياض»
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(2) الجلبة: اختلاط الأصوات وارتفاعها
(1/ 105)

(41/24)


98 - حدثني محمد بن إدريس الحنظلي، قال: حدثنا محمد بن عثمان أبو الجماهر، عن إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، قال: حدثني الحجاج بن عبد الله الثمالي - وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وحج معه حجة الوداع - أن سفيان بن مجيب حدثه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقدمائهم -: «أن في جهنم سبعين ألف واد في كل واد سبعون ألف شعب (1)، في كل شعب سبعون ألف دار، في كل دار سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف شق، في كل شق سبعون ألف ثعبان، في شدق كل ثعبان سبعون ألف عقرب، لا ينتهي الكافر والمنافق حتى يواقع ذلك كله»
__________
(1) الشعب: الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
(1/ 106)

99 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن عثمان، عن إسماعيل بن عياش، عن فلان بن حيان، قال: سمعت شهر بن حوشب، يقول: «إن في جهنم لواديا يقال له غساق، فيه ثلاثمائة وثلاثون شعبا (1)، في كل شعب ثلاثون وثلاثمائة قصر، في كل قصر ثلاثون وثلاثمائة بيت، في كل بيت أربع زوايا، في كل زاوية شجاع، في رأس كل شجاع ثلاثون وثلاثمائة عقرب، في رأس كل عقرب ثلاثون وثلاثمائة قلة سم، لو أن عقربا منها نضحت أهل الدنيا لأوسعتهم»
__________
(1) الشعب: الطريق في الجبل أو الانفراج بين الجبلين
(1/ 107)

100 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «إن لجهنم جباب حيات كأمثال أعناق البخت (1)، وعقارب كأمثال البغال الدلم» قال: «فيهرب أهل جهنم من تلك الحيات، فتأخذ تلك الحيات والعقارب بشفاههم، فتكشط (2) ما بين الشعر إلى الظفر» قال: «فما ينجيهم منها إلا الهرب إلى النار»
__________
(1) البُخْتِية: الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق
(2) كشط: كشف وأزال
(1/ 108)

(41/25)


101 - حدثنا بشر بن الوليد الكندي، قال: حدثنا سعيد بن زربي، عن حميد بن هلال، عن أبي الأحوص، قال: قال ابن مسعود: «أي أهل النار أشد عذابا؟» فقال رجل: المنافقون، قال: «صدقت. فهل تدري كيف يعذبون؟» قال: لا. قال: «يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم، ثم يجعلون في الدرك (1) الأسفل من النار في تنانير أضيق من زج يقال له جب الحزن، تطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد»
__________
(1) الدَّرَكُ بالتحريك، وقد يُسَكَّن: واحدُ الأدْراك، وهي مَنازل في النار. والدَّرَكُ إلى أسفل
(1/ 109)

102 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا مسعر، عن عثمان، عن عمرو بن ميمون، قال: «إنه ليسمع بين جلد الكافر ولحمه من جلبة (1) الهود كجلبة الوحش»
__________
(1) الجلبة: اختلاط الأصوات وارتفاعها
(1/ 110)

103 - حدثنا علي بن مسلم، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا أبي، قال: سمعت الأعمش، يحدث عن مجاهد: «إن في النار لزمهريرا يعذبون به، فيهربون منها إلى ذاك الزمهرير، فإذا وقعوا حطم عظامهم حتى تسمع لها نقيضا (1)»
__________
(1) النقيض: الصوت
(1/ 111)

104 - حدثنا سريج بن يونس، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن يونس بن خباب، قال: قال عبد الله بن مسعود: «إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من حديد فيها مسامير من حديد، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد فيها مسامير من حديد، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من حديد فيها مسامير من حديد، فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره» ثم قرأ عبد الله لهم: (لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون (1))
__________
(1) سورة: الأنبياء آية رقم: 100
(1/ 112)

(41/26)


105 - حدثنا سريج، قال: أخبرنا مروان بن معاوية، عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، وخيثمة بن عبد الرحمن، قالا: قال عبد الله: «أي أهل النار أشد عذابا؟» قالوا: اليهود، والنصارى، والمجوس، فقال: «المنافقون في الدرك (1) الأسفل من النار، في توابيت من نار مبهمة عليهم، ليس لها أبواب»
__________
(1) الدَّرَكُ بالتحريك، وقد يُسَكَّن: واحدُ الأدْراك، وهي مَنازل في النار. والدَّرَكُ إلى أسفل
(1/ 113)

106 - حدثنا سريج، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن العلاء بن المسيب، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، قال: «إن أشد أهل النار عذابا رجل قتل نبيا، أو قتله نبي، أو مصور»
(1/ 114)

107 - حدثني أبي، رحمه الله، قال: حدثنا شاذان، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (كلما خبت (1)) قال: «كلما طفئت أوقدت»
__________
(1) سورة: الإسراء آية رقم: 97
(1/ 115)

108 - حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الله بن أسيد الأخنسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح: (إنها عليهم مؤصدة (1)) قال: «مطبقة ليس لها أبواب»
__________
(1) سورة: الهمزة آية رقم: 8
(1/ 116)

109 - حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل، عن أبي صالح: (في عمد ممددة (1)) قال: «القيود الطوال»
__________
(1) سورة: الهمزة آية رقم: 9
(1/ 117)

(تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون (1))
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 104
(1/ 118)

110 - حدثنا الحسن بن عيسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سعيد بن يزيد أبو شجاع، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وهم فيها كالحون (1)) قال: «تشويه النار فتقلص (2) شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته»
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 104
(2) تقلص: تدانى وانضم
(1/ 119)

(41/27)


111 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، أو غيره: (تلفح وجوههم النار (1)) قال: «لفحتهم لفحة ما أبقت لحما على عظم إلا ألقته على أعقابهم»
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 104
(1/ 120)

112 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، عن ثابت بن يزيد، عن عاصم، عن أبي منصور، مولى سليم، أن ابن عباس، قال: (يسحبون في الحميم (1)) قال: «فيسلخ كل شيء عليهم، من جلد ولحم وعرق، حتى يصير في عقبه، حتى إن لحمه قدر طوله، وطوله ستون ذراعا. ثم يكسى جلدا آخر، ثم يسجر (2) في الحميم (3)»
__________
(1) سورة: غافر آية رقم: 71
(2) يسجر: يوقد ويشعل
(3) الحميم: الماء الحار
(1/ 121)

113 - حدثنا أزهر بن مروان، قال: حدثنا مسكين أبو فاطمة، عن حوشب، قال: بلغنا «أن أهل جهنم يضربهم موج من أمواجهم، فلا يبقى لهم عظم ولا لحم ولا عرق إلا أكلته، حتى تبقى الأرواح معلقة بالسلاسل، يدعون بالويل والثبور (1)»
__________
(1) الثبور: الهلاك والخسران
(1/ 122)

114 - حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: (وهم فيها كالحون (1)) قال: «مثل رأس النضيج»
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 104
(1/ 123)

115 - حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا قبيصة، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: «ككلوح الرأس المشيط، قد بدت (1) أسنانهم، وتقلصت شفاههم»
__________
(1) بدا: وضح وظهر
(1/ 124)

116 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين: (لواحة للبشر (1)) قال: «تدع جلده أشد سوادا من الليل»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 29
(1/ 125)

(41/28)


117 - حدثنا محمد بن عباد المكي، قال: سمعت فضيل بن عياض، سئل عن قوله: (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها (1)) فقال هشام: عن الحسن: «تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة، كلما أكلتهم وأنضجتهم قيل لهم: عودوا، فيعودون كما كانوا»
__________
(1) سورة: النساء آية رقم: 56
(1/ 126)

118 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف، عن هشام، عن الحسن: في قوله: (كلما نضجت جلودهم (1)) قال: بلغنا «أنه ينضج لأهل النار كل يوم سبعون ألف جلد»
__________
(1) سورة: النساء آية رقم: 56
(1/ 127)

119 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو همام الأهوازي، عن هشام بن حسان، عن الحسن: في قوله: (لابثين فيها أحقابا (1)) قال: «أما الأحقاب فلا يدرى كم هي، ولكن الحقب الواحد سبعون ألف عام، واليوم (كألف سنة مما تعدون (2))»
__________
(1) سورة: النبأ آية رقم: 23
(2) سورة: الحج آية رقم: 47
(1/ 128)

120 - حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا زهير بن معاوية، عن طارق بن عبد الرحمن، قال: كنت بمكة، فناداني رجل - أو صاحب لي -: يا طارق، أتكتب أو تقرأ؟ قلت: نعم. قال: فصعدت إلى عرفة، فإذا كتاب في الحائط مثل الإصبع: (لابثين فيها أحقابا (1)) «الحقب: أربعون سنة، والسنة اثنا عشر شهرا، والشهر ثلاثون يوما، ويوم (عند ربك كألف سنة مما تعدون (2))» قال: وفي البيت شيخ، فقلت: من كتب هذا الكتاب؟ فقال الشيخ: أو ما دخلت هذا البيت على علم؟ قال: قلت: لا. قال: هذا بيت كان ينزله عبد الله بن عمرو، قلت: هو كتب هذا الكتاب؟ قال: نعم قلت لطارق: ترى هذا الشيخ أدركه؟ قال: «نعم»
__________
(1) سورة: النبأ آية رقم: 23
(2) سورة: الحج آية رقم: 47
(1/ 129)

(41/29)


121 - حدثنا أبو عمرو القرشي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن خليد بن دعلج، عن قتادة، قال: «ما زال أهل النار يأملون الخروج لقول الله: لابثين فيها أحقابا حتى نزلت: فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا فهم في مزيد أبدا»
(1/ 130)

ألوان العذاب
(1/ 131)

122 - حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا منصور، قال: حدثنا سعيد بن أبي توبة، عن عبد الرحمن بن الجهم، بلغ به حذيفة بن اليمان، قال: أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا في النار، فقال: «يا حذيفة، إن في جهنم لسباعا من نار، وكلابا من نار، وكلاليب (1) من نار، وسيوفا من نار، وإنه يبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب بأحناكهم، ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا، ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب، كلما قطعوا عضوا عاد مكانه غضا جديدا»
__________
(1) الكلوب: الخطاف أو الحديدة المنحنية الطرف
(1/ 132)

123 - حدثني علي بن الحسن، عن حاتم بن عبيد الله، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل، عن عبد الله بن عمرو، قال: «أهل النار مكبلون بأصفاد النار، معلقون بشجر في النار، منكسون. . . . . الحميم من أسفلهم. . . . . . . في بطونهم، ويخرج من أفواههم. . . . . . وعيونهم، وإن جلودهم لتقطر بصهارة الحميم (1)، خالدين فيها، لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب عظيم. ولو أن رجلا أخرج من أهل النار إلى الدنيا، لمات أهل الدنيا من وحشة منظره ونتن ريحه» ثم بكى عبد الله بن عمرو بكاء شديدا
__________
(1) الحميم: الماء الحار
(1/ 133)

(41/30)


124 - حدثني علي بن الحسن، عن محمد بن جعفر المدائني، قال: حدثنا بكر بن خنيس، عن أبي سلمة الثقفي، عن وهب بن منبه، قال: «إن أهل النار الذين هم أهلها، فهم في النار لا يهدؤون ولا ينامون ولا يموتون، يمشون على النار، ويجلسون على النار، ويشربون من صديد أهل النار ويأكلون من زقوم النار، لحفهم نار، وفرشهم نار، وقمصهم نار وقطران، (وتغشى وجوههم النار (1))» قال: «وجمع أهل النار في سلاسل بأيدي الخزنة أطرافها، يجذبونهم مقبلين ومدبرين (2)، فيسيل صديدهم إلى حفر في النار، فذلك شرابهم» قال: ثم بكى وهب بن منبه حتى سقط مغشيا عليه. قال: وغلب بكر بن خنيس البكاء حتى قام، ولم يقدر أن يتكلم. وبكى محمد بن جعفر بكاء شديدا
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 50
(2) الإدبار: الرجوع
(1/ 134)

125 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «يلقى على أهل النار الجرب، فيحتكون حتى تبدو العظام، فيقولون: ربنا بم أصابنا هذا؟ قال: بأذاكم المؤمنين»
(1/ 135)

126 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا علي بن ثابت، عن موسى بن عبيده، عن محمد بن كعب القرظي: (لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش (1)) قال: «المهاد: الفرش، والغواشي: اللحف»
__________
(1) سورة: الأعراف آية رقم: 41
(1/ 136)

127 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا هشيم، عن العوام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي: (ويأتيه الموت من كل مكان (1)) قال: «حتى من مواضع الشعر»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 17
(1/ 137)

128 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «إن أهون أهل النار عذابا رجل له نعلان وشراكان (1) من نار، أضراسه جمر، ومسامعه جمر، وأشفار عينيه من لهب النار، تخرج أحشاؤه من قدميه، وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير وهي تفور»
__________
(1) الشراك: السير الذي يكون في النعل على ظهر القدم

(41/31)


(1/ 138)

129 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين: (إنها لإحدى الكبر (1)) قال: «هي جهنم» (نذيرا للبشر (2)) قال: «يقول: إني لكم منها نذير»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 35
(2) سورة: المدثر آية رقم: 36
(1/ 139)

130 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن: (وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة (1)) قال: «لم تخشع لله في الدنيا، فأخشعها وأنصبها في النار، فذلك عملها» (تسقى من عين آنية (2)) قال: «تدرون ما (آنية)؟ قد أنى حرها، قد اجتمع. . . . . . أوقدت عليها جهنم منذ خلقت، فدفعوا إليها وردا، أي عطاشا. . . . .»
__________
(1) سورة: الغاشية آية رقم: 2
(2) سورة: الغاشية آية رقم: 5
(1/ 140)

131 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا أبو المحياة التيمي، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (شواظ من نار (1)) قال: «قطعة من نار» (ونحاس) قال: «صفر (2) يذاب، ثم يصب على رءوسهم»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 35
(2) الصُّفر: النحاس الأصفر
(1/ 141)

132 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: سمعت شريكا، في قوله: (يصهر (1))، قال: «ينضج»
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 20
(1/ 142)

133 - حدثنا فضيل، قال: سمعت فضيل بن عياض، في قوله: (تكاد تميز من الغيظ (1)) قال: «تقطع»
__________
(1) سورة: الملك آية رقم: 8
(1/ 143)

134 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن السدي: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين (1)) قال: «لا تنالهم»
__________
(1) سورة: المدثر آية رقم: 48
(1/ 144)

135 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن ابن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس: (لا يحزنهم الفزع الأكبر (1)) قال: «إذا أطبقت جهنم على أهلها»
__________
(1) سورة: الأنبياء آية رقم: 103
(1/ 145)

(41/32)


136 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: (نزاعة للشوى (1)) قال: «نزع الجلد واللحم عن العظم»
__________
(1) سورة: المعارج آية رقم: 16
(1/ 146)

137 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا سيار، عن جعفر، قال: سمعت ثابتا البناني، يقول: في قول الله عز وجل: (نزاعة للشوى (1)) قال: «لمكارم وجه ابن آدم»
__________
(1) سورة: المعارج آية رقم: 16
(1/ 147)

138 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا بكار بن عبد الله، أنه سمع ابن أبي مليكة، يحدث أن كعبا، قال: «إن حلقة السلسلة التي قال الله: (ذرعها سبعون ذراعا (1)) أن حلقة منها مثل جميع حديد الدنيا»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 32
(1/ 148)

139 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا سفيان، عن نسير بن ذعلوق، أنه سمع نوفا، يقول: في قوله: (في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا (1)) قال: «كل ذراع سبعون ذراعا، كل باع (2) سبعون باعا، كل باع أبعد مما بينك وبين مكة، وهو يومئذ في مسجد الكوفة»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 32
(2) البُوع والبَاعُ سواء: وهو قَدْر مَدّ اليَديْن وما بينهما من البَدن
(1/ 149)

140 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا رشدين بن سعد، قال: حدثني ابن أنعم، عن خالد بن أبي عمران، بسنده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن النار تأكل أهلها، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم يعود كما كان، ثم يستقبله أيضا فيطلع على فؤادهم، فهو كذلك أبدا» فذلك قول الله: (نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة (1))
__________
(1) سورة: الهمزة آية رقم: 6
(1/ 150)

(41/33)


141 - حدثنا ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب: (التي تطلع على الأفئدة (1)) قال: «تأكله حتى تبلغ فؤاده، فإذا بلغت فؤاده انبرى الحلق»
__________
(1) سورة: الهمزة آية رقم: 7
(1/ 151)

142 - حدثنا محمد بن عمرو بن سليمان، قال: سمعت سفيان بن عيينة، يقول: «خلقت النار رحمة يخوف بها عباده لينتهوا»
(1/ 152)

143 - حدثنا يوسف بن موسى بن راشد، ومحمد بن إدريس، قالا: حدثنا عمر بن حفص بن غياث، قال: حدثنا أبي، عن العلاء بن خالد، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام (1)، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها» وهذا لفظ محمد بن إدريس
__________
(1) الزمام: ما تُشَدُّ به رءوسها من حبل وسير
(1/ 153)

144 - حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، قال: حدثنا الحسين بن واقد، قال: أخبرنا عاصم، عن شقيق: (وجيء يومئذ بجهنم (1)) قال: «جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام (2)، كل زمام بيد سبعين ألف ملك»
__________
(1) سورة: الفجر آية رقم: 23
(2) الزمام: ما تُشَدُّ به رءوسها من حبل وسير
(1/ 154)

145 - حدثنا يوسف، قال: أخبرنا هوذة، قال: حدثنا عوف، عن الحسن: (يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى (1)) قال: «علم والله أنه صادف هناك حياة طويلة لا موت فيها آخر ما عليه»
__________
(1) سورة: الفجر آية رقم: 23
(1/ 155)

146 - حدثنا يوسف، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: «يريد التوبة، وأنى (1) له التوبة؟ (يقول يا ليتني قدمت لحياتي (2)) يقول: يا ليتني عملت في الدنيا لحياتي في الآخرة»
__________
(1) أنى: كيف
(2) سورة: الفجر آية رقم: 24
(1/ 156)

(41/34)


147 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل، عن هشام بن حسان، عن محمد بن شبيب، عن جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو كان في هذا المسجد مائة ألف أو يزيدون، وفيهم رجل من أهل النار، فتنفس، فأصابهم نفسه، لاحترق المسجد ومن فيه»
(1/ 157)

148 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سليمان بن الحكم بن عوانة، عن الأعمش، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «لو أن النار أبرزت لم يبق أحد إلا مات»
(1/ 158)

149 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن شيبان، عن فراس، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، لكل جزء منها حرها»
(1/ 159)

150 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «ناركم هذه تعوذ (1) من نار جهنم»
__________
(1) تعوذ: لجأ إلى الله وطلب التحصن والاعتصام والحماية والحفظ
(1/ 160)

151 - حدثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن أبي عمران، قال: بلغنا أن عبد الله بن عمرو، سمع صوت النار، فقيل له: ما هذا؟ فقال: «والذي نفسي بيده إنها لتستجير من النار الكبرى أن تعاد إليها»
(1/ 161)

152 - حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم العلائي، قال: حدثنا خلف بن عثمان، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، أنه سمع عبد الملك بن عمير، يذكر قال: «لو أن أهل النار كانوا في نار الدنيا لقالوا فيها» ولقد بلغني «أن أهل النار سألوا خازنها أن يخرجهم إلى جبانها» قال: «فأخرجوا إليه، فقتلهم البرد والزمهرير حتى رجعوا إليها، فدخلوها مما وجدوا من البرد»
(1/ 162)

(41/35)


153 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: أخبرنا جرير، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: «يستعيذ أهل النار من الحر، فيغاثون (1) بريح بارد يصدع العظم بردها، فيسألون الحر»
__________
(1) الإغاثة: المساعدة والنجدة والمؤازرة
(1/ 163)

154 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا ابن إدريس، سمع ليثا يذكر، عن مجاهد، قال: «الزمهرير: الذي لا يستطيعون أن يذوقوه من برده»
(1/ 164)

155 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى ربها فقالت: رب أكل بعضي بعضا. فجعل لها نفسان، فنفسها في الحر السموم، ونفسها في الشتاء الزمهرير»
(1/ 165)

156 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا يعلى بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن نفيع أبي داود، عن أنس بن مالك، قال: «ناركم هذه جزء من سبعين من نار جهنم، ولو أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها، وإنها لتدعوالله أن لا يعيدها في تلك»
(1/ 166)

157 - حدثني أبو الفضل، مولى بني هاشم قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا شريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة»
(1/ 167)

(41/36)


158 - حدثنا إبراهيم بن راشد أبو إسحاق، قال: حدثنا الحكم بن مروان الضرير، قال: حدثنا سلام بن سلم، عن الأجلح بن عبد الله، عن عدي بن عدي الكندي، قال: قال عمر بن الخطاب: جاء جبريل صلى الله عليه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غير حينه الذي كان يأتيه، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «يا جبريل، ما لي أراك متغير اللون»؟ قال: يا محمد، ما جئتك حتى أمر الله بمنافخ النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خوفني بالنار وانعت لي جهنم». قال جبريل عليه السلام: إن الله أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها. والذي بعثك بالحق لو أن قدر ثقب إبرة فتح من جهنم إلى أهل الدنيا لمات من في الأرض كلهم جميعا من حرها. والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب أهل النار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره. والذي بعثك بالحق لو أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا حتى ينظروا إليه لمات من في الأرض كلهم جميعا من قبح وجهه وتشويهه خلقه ونتن ريحه. والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت على جبال الدنيا لانفضت ولم ينهها شيء حتى تنتهي إلى الأرض السفلى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حسبي (1) يا جبريل لا ينصدع قلبي فأموت». قال: ونظر رسول الله إلى جبريل وهو يبكي، فقال: «أتبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه؟» قال: وما لي لا أبكي وأنا أحق بالبكاء؟ ما أدري، لعلي أكون في علم الله على غير الحال التي أنا عليها اليوم؟ وما أدري، لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي (2) به إبليس وقد كان مع الملائكة؟ وما أدري، لعلي أبتلى بمثل ما ابتلي به هاروت وماروت؟ قال: فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبكى جبريل عليه السلام.

(41/37)


فما زالا يبكيان حتى نوديا: أن يا جبريل ويا محمد، إن الله قد آمنكما أن تعصياه. قال: فارتفع جبريل، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بمجلس فيه قوم من الأنصار يتحدثون ويضحكون، فقال: «أتضحكون ووراءكم جهنم؟ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما أسغتم الطعام ولا الشراب، ولبرزتم إلى الصعدات (3) تجأرون (4) إلى الله». قال: فبكى القوم، فما زالوا يبكون حتى نودي: أن يا محمد، إن الله بعثك مبشرا ميسرا فلم تقنط (5) عبادي؟ فبشرهم بالذي نودي به، فسكنوا
__________
(1) حسبي: كفايتي
(2) الابتلاء: الاختبار والامتخان بالخير أو الشر
(3) الصعدات: الطرق
(4) الجؤار: رَفْع الصَّوت والاسْتِغاثة
(5) التقنيط: التيئيس
(1/ 168)

159 - حدثني محمد بن أبي معشر، عن أبيه، عن أبي جعفر القارئ، قال: حدثني زيد بن أسلم: «أن أهل النار لا يتنفسون» ثم بكى
(1/ 169)

160 - حدثني إبراهيم بن سعيد، عن عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا أبو ليلى، عن مقاتل بن حيان، قال: «إن أهل النار لا يخرج لهم نفس، إنما تردد أنفاسهم في أجوافهم»
(1/ 170)

161 - حدثني محمد بن جعفر، قال: حدثنا منصور، قال: حدثنا محمد بن زياد، عن خليد بن دعلج، قال: «سلطت النار على الأبدان فأكلتها، فبقيت الأرواح أربعين سنة تنش نشيشا في لجة بحر من نار، ثم جددت الأبدان أخضر ما كانت وأطراه، ليذوقوا العذاب»
(1/ 171)

(41/38)


162 - حدثنا إبراهيم بن موسى المؤدب، قال: أخبرنا معمر بن سليمان الرقي، عن عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن، عن المنهال بن عمرو، عن سويد بن غفلة، قال: «إذا أراد الله أن ينسى أهل النار، تبرأ بعضهم من بعض، ولعن بعضهم بعضا، ثم جعل كل رجل منهم في تابوت من نار قدر قامته، فما ينبض منه عرق إلا فيه مسمار من نار، ثم يقفل عليه بأقفال من نار، ثم يجعل ذلك التابوت (1) في تابوت آخر من نار، وتقفل عليه بأقفال من نار، ويضرب ما بينهما بالنار، ثم يجعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار، ويقفل عليه بأقفال من نار، ويضرب ما بينهما بالنار، ثم يرمى به في جهنم، فما منهم أحد إلا يرى أنه ليس في جهنم أحد غيره» ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل (2))
__________
(1) التابوت: الصندوق الذي يحفظ فيه المتاع
(2) سورة: الزمر آية رقم: 16
(1/ 172)

163 - حدثني عصمة بن الفضل، قال: حدثنا شداد بن حكيم البلخي، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: «إن الرجل ليجر إلى النار يوم القيامة، فتشهق إليه النار شهيق البغلة (1) إلى قضيبها، ثم تزفر زفرة (2) لا يبقى أحد إلا خاف»
__________
(1) البغلة: المتولدة من بين الحمار والفرس، وهي عقيمة
(2) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(1/ 173)

164 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يؤتى بأنعم الناس كان في الدنيا من أهل النار، فيقول الله تبارك وتعالى: اصبغوه صبغة في النار. فيصبغ فيها، فيقول: يا ابن آدم، هل رأيت خيرا قط؟ فيقول: لا وعزتك ما رأيت خيرا قط، ولا قرة (1) عين قط»
__________
(1) قرة العين: هدوء العين وسعادتها ويعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان
(1/ 174)

(41/39)


165 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا إبراهيم بن خالد الصنعاني، عن رباح بن زيد، عن عمرو بن. . . .، عن قتادة، قال: «لو لم يكن إلا قدر غمسة دلو (1) لكان عظيما» قال أبو بكر: «كان بعض العلماء من الواعظين إذا حدث بهذا الحديث، قال: حق له أن يقول: لا، وقد غمس غمسة. . . . . . معها. . . . . . قال: غمسة لم تدع شعرا من كافر ولا مصر على معصية إلا معكته، ولا جلدا كان في الدنيا مصونا إلا أنضجته، ولا وجها منعما بطرق التفيؤ إلا كلحته، ولا بصرا نافذا في قرة عين إلا أعمته، ولا سمعا منصتا للهو إلا اقتحمت عليه فسمجته. يا لها غمسة ما أطول شقوة هذا المعذب بها، وأشد نسيانه لما مر عليه من النعيم في جنبها إنها غمسة في لجة جهنم، لا يهدأ وهج حرها، ولا يهتد لأبد الأبد. يوقد جمرها وما ترمي به المعذبين من لفح استعارها وتوالي نضج شررها غمسة سقط لحمه في لجة مهاويها، وبقيت عظامه متعلقة بكلاليب ملائكتها،. . . إلى أرواح لا تموت ولا. . . إلى حياتها. وإذا أخرجوا من المكان السحيق من غياياتها، أخرجوا وقد انسلخوا لما أذيقوا من أليم نكالها. ويلهم إذا سالت حدقهم على خدودهم، وامتلأت أودية النار وبطون سباعها من صديدهم، وتقرحت بنفحات النيران ثواعر جلودهم، وإذا سقوا فيها بالكره من غسالة أكبادهم، وإذا وقعت أكلة من النار في أفواههم، وإذا استبق كقطع الليل المظلم فيها إلى وجوههم. بل ويلهم إذا سلخوا من الجلود، وعريت من اللحم عظامهم، وسحبوا على وجوههم بعد أن أتت النار على أخامص أقدامهم، فإذا نيعوا فلم يبق على اللفح دون القمع هامهم، وإذا سلكت النار في أسماعهم وانبعثت خارجة من أبصارهم، وإذا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، ويسهبونهم على صفائح أطباقها ويسجرونهم، والحجارة في بعد أعماقها.

(41/40)


ويل للمعذب ما أسوأ خبر منزل ورثه عن معصيته، وما أضيقه عليه على سعته، وما أشد حره وأحلك سواد ظلمته وأغمه، وأوحش عمار مساكنه، وأسوأ أخلاق مرافقيه في سجنه. ويله لقد أفرد فيها بما لا يقوم له ولا يحتمل مضض وجع قلبه مهانا، قد استحكمت في عنقه ربقة شقوته، أسير. . . قد أخلق البلاء فيها جدته. ألست أنت صاحب الغالية في صدرك، والمرآة التي تصفح بها وضاءة وجهك، والمقص الذي كنت تناول به الشعرة تراها في غير مواضعها من خدك، وصاحب السواك الذي كنت تخلل به قلح أسنانك، والكحل الذي كنت تزين به قرة عينك؟ ألا بلى، فكيف كانت النار حين دخلتها، وصرت إلى مالك وخزنتها؟»
__________
(1) الدلو: إناء يُستقى به من البئر ونحوه
(1/ 175)

166 - حدثني المشرف بن أبان، قال: حدثني عبد العزيز بن أبان - وليس بالقرشي - قال: «كنت أصلي ذات ليلة، فهتف بي هاتف: يا عبد العزيز، كم من نظيف الثوب حسن الصورة، يتقلب بين أطباق جهنم غدا؟»
(1/ 176)

167 - حدثني زكريا بن يحيى، قال: حدثنا يحيى بن يوسف، قال: سمعت الفضيل بن عياض، يقول: قلت لهارون أمير المؤمنين: «يا حسن الوجه، إن قدرت أن لا تلفح وجهك النار فتسوده فافعل، فوالله لقد قلدت أمرا عظيما» فبكى هارون
(1/ 177)

(41/41)


168 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حماد بن أسامة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، قال: «إن أهل النار نادوا: (يا مالك ليقض علينا ربك (1))» قال: «فخلى عنهم أربعين عاما ثم أجابهم: (إنكم ماكثون). فقالوا: (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون (2))» قال: «فخلى عنهم مثل الدنيا ثم أجابهم: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (3))» قال: «فلم ينبس القوم بعد ذلك بكلمة، إن كان إلا الزفير والشهيق» قال أبو بكر: «كان بعض الواعظين يقول إذا حدث بهذا: أنت تحتمل محاورة مالك؟ ومالك المسلط على ما هنالك في بعد تلك المهالك لست عندي كذلك مالك إن زجر النار التهبت حريقا لزجره وتوقدت مستعرة انصياعا لأمره واحتدمت تلظيا على العصاة من غضبه ومتى يرضى من غضب عليهم لغضب ربه؟ إذا غضب مالك على النار أكل بعضها بعضا، ولم تخب من الاستعار على المعذبين خيفة غضبه. أو يرضى؟ ومتى يرضى من فطره الله على طوال الغضب عليهم، ومن تعبد الله بما يوصل من أليم الهوان إليهم؟ استغاثوا بمن لا يرحمهم من ضر أصابهم، ولا يرثي لهم من جهد بلاء نزل بهم، ولا يأوي لهم أوي متوجع من نار اطلعت بحرها عليهم.

(41/42)


يدعون مالكا وقد شوهتهم النار غير مرة فأنضجتهم، ثم جددوا لها خلقا مستأنفا فأكلتهم ليست لمالك همة - أيها المستغيث به - إلا أن يرى فيها سوء مصرعك على الصفا الزلال المحمي عليه بقايا لحم وجهك، ومواقع شعب الكلاليب انتشبت بحواشي جلدك، واستباق دخانها إذا أخذ بمجامع نفسك ويلك أيها المستغيث بمالك إن مالكا اشتدت سورة غضبه، فهو دائب يشتفي ممن أقدم صراحا على معصية ربه فلا تسل عن جهد يلاقونه بشدته، وويل طويل شجوا تسيغ مرارته، وخزي هوان فتجرفوا بغصته، وطعام زقوم اعترض في حلوقهم بحره وخشونته، وصديد لم يسيغوه إذا جرعوه على كراهته، وشياطين قربوا بهم في مهاوي ظلمتها، وسرادقات نار ضربت عليهم في بعد غياياتها، فما أجهدهم وهم يكرهون بالمقامع على تناول آنيتها المنتزعة من عصا له اعمت تتريا تحتها؟ ولقد نادوا بالويل عند أول نفحة من عذاب ربهم مستهم، وأقروا بالظلم حين قرنوا بندامتهم، فكيف لو قد طال طولهم بدار رأوا منهم؟ ولونت المثلات والنقمات عليهم، ووجه المكروه سوالف وأين فيها إليهم؟ تعالوا نبك، والبكاء ينفعنا خوف دواهيها، وخوف ما يلقى المعذبون فيها ويحي إن دخلتها مع معرفتي، وأخذت فيها ما تسمعون من معنى؟»
__________
(1) سورة: الزخرف آية رقم: 77
(2) سورة: المؤمنون آية رقم: 107
(3) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(1/ 178)

169 - حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا منصور بن عمار، عن الحسين بن أبي عمرو، عن عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، قال: «إن لمالك خازن النار أيديا بعدد من في النار»
(1/ 179)

170 - حدثنا الحسين بن علي العجلي، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، قال: حدثنا أسباط الهمداني، عن السدي: (ويسقى من ماء صديد (1)) قال: «إذا سال من جلودهم سال حتى يسيل منه القيح والدم، ثم يكلف شربه، فلا يكاد يسيغه»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 16
(1/ 180)

(41/43)


171 - وقوله: (ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت (1)) قال أسباط، عن السدي، عمن حدثه، عن ابن عباس، قال: «ليس من موضع شعرة إلا والموت يأتيه منها، يجد طعم الموت وكربه ولا يموت»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 17
(1/ 181)

172 - حدثنا الحسين بن علي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة: (إنها ترمي بشرر كالقصر (1)) قال: «ليس كالخشب، ولكن كالقصور والمدائن»
__________
(1) سورة: المرسلات آية رقم: 32
(1/ 182)

173 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، عن العلاء بن خالد، عن شقيق، عن عبد الله: في قوله: (وجيء يومئذ بجهنم (1))، قال: «جيء بها تقاد بسبعين ألف زمام (2)، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها»
__________
(1) سورة: الفجر آية رقم: 23
(2) الزمام: ما تُشَدُّ به رءوسها من حبل وسير
(1/ 183)

174 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا محمد بن خازم، قال: حدثنا الأعمش، عن المنهال، عن شهر، عن كعب قال: «تزفر جهنم يوم القيامة زفرة (1)، فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا وقع على ركبتيه يقول: رب نفسي نفسي»
__________
(1) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(1/ 184)

175 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مغيث بن سمي قال: «إن لجهنم كل يوم زفرتين (1)، يسمعهما كل شيء إلا الثقلين (2) اللذين عليهما الحساب والعذاب»
__________
(1) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(2) الثقلان: الإنس والجن
(1/ 185)

176 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا الحسن بن واقع، عن ضمرة، عن رجاء بن أبي سلمة، قال: قال وهب بن منبه: «كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم»
(1/ 186)

(41/44)


177 - حدثني الفضل بن جعفر، قال: حدثنا عمرو بن حكام، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام قال: «الجنة في السماء، والنار في الأرض»
(1/ 187)

178 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشر بن شغاف، عن عبد الله بن سلام، قال: «الجنة في السماء، والنار في الأرض»
(1/ 188)

179 - حدثنا أبو نصر التمار، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي عثمان، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهون أهل النار عذابا أبو طالب: في رجليه نعلان يغلي منهما دماغه»
(1/ 189)

180 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: «إن أهون أهل النار عذابا رجل له نعلان وشراكان (1) من نار، أضراسه جمر، مسامعه جمر، وأشفار عينيه من لهب النار، تخرج أحشاء من قدميه، وسائرهم كالحب القليل في الماء الكثير وهي تفور»
__________
(1) الشراك: السير الذي يكون في النعل على ظهر القدم
(1/ 190)

181 - حدثنا أبو عبد الرحمن القرشي، قال: حدثنا طلحة بن سنان، قال: حدثنا عبد الملك بن أبجر، عن الشعبي، عن أبي هريرة قال: «يؤتى بجهنم يوم القيامة تقاد بسبعين ألف زمام (1)، آخذ كل زمام سبعون ألف ملك وهي تمايل عليهم حتى توقف عن يمين العرش، ويلقي الله عليها الذل يومئذ، فيوحي إليها: ما هذا الذل؟ فتقول: يا رب، أخاف أن يكون لك في نقمة. فيوحي الله إليها: إنما خلقتك نقمة وليس لي فيك نقمة، فتزفر زفرة (2) لا تبقى دمعة في عين إلا جرت» قال: «ثم تزفر أخرى فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا صعق (3)، إلا نبيكم نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، يقول: يا رب أمتي أمتي»
__________
(1) الزمام: ما تُشَدُّ به رءوسها من حبل وسير
(2) زفرت النار: سُمِعَ لاتقادها صوت
(3) صعق: غشي عليه
(1/ 191)

(41/45)


182 - حدثني عمر بن إسماعيل الهمداني، قال: حدثنا أبي، عن جدي، عن الشعبي، أنه سمع ابن عباس، يقول: في قوله: (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين (1)) قال: «هذا هو البحر الأخضر، تنتثر الكواكب فيه، وتكور الشمس والقمر فيه، ثم يوقد، فيكون هو جهنم»
__________
(1) سورة: العنكبوت آية رقم: 54
(1/ 192)

183 - حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا أبو هلال، عن قتادة قال: «كانوا يقولون: إن الجنة في السماوات السبع، وإن جهنم في الأرضين السبع»
(1/ 193)

184 - حدثني الفضل بن جعفر، قال: حدثنا أبو عاصم النبيل، قال: حدثنا عبد الله بن أمية، عن محمد بن حي، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البحر جهنم». وتلا هذه الآية: (نارا أحاط بهم سرادقها (1))
__________
(1) سورة: الكهف آية رقم: 29
(1/ 194)

185 - حدثني إبراهيم بن راشد أبو إسحاق، قال: حدثني جعفر بن جسر بن فرقد، قال: حدثني أبي، عن الحسن، عن أبي برزة، قال: «أشد آية نزلت في أهل النار هذه الآية: (فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا (1)) فهو مقدار ساعة بساعة، ويوم بيوم، وشهر بشهر، وسنة بسنة، أشد عذابا، حتى لو أن رجلا من أهل النار أخرج بالمشرق لمات أهل المغرب من شدة حره، ولو أخرج بالمغرب لمات أهل المشرق من نتن ريحه»
__________
(1) سورة: النبأ آية رقم: 30
(1/ 195)

186 - قال أبو برزة: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تلاها، فقال: «هلك القوم بمعاصيهم، ربهم غضب عليهم، فأنى إذا غضب عليهم إلا أن ينتفع منهم»
(1/ 196)

(41/46)


187 - قيل: يا با برزة، ألا تخبرنا بأشد ساعات أهل النار عليهم؟ قال: (وهم يصطرخون فيها (1)) وينادون مالكا وخزنتها، فإذا يئسوا من الإجابة يجأرون إلى ربهم: ربنا ربنا، مقدار الدنيا سبع مرات. قال: فيسكت عنهم حتى يظنوا أنما سكت عنهم ليخرجهم، فيقول لما يريد أن يقطع رجاءهم ويحقق سوء ظنهم: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (2)) قال: فيكلحون فيها عميا وبكما وصما، لا يتكلمون ولا يستغيثون بأحد
__________
(1) سورة: فاطر آية رقم: 37
(2) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(1/ 197)

188 - حدثني إبراهيم بن راشد قال: حدثني جعفر بن جسر، قال: حدثني أبي، عن الحسن: (لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا (1)) قال الحسن: «البرد: النوم» (إلا حميما وغساقا (2)) قال الحسن: «شرابان في النار، يقال لأحدهما حميم (3)، والآخر غساق» قال: «والحقب الواحد ثمانون ألف سنة، والسنة ثلاثمائة وستون يوما، وكل يوم (عند ربك كألف سنة مما تعدون (4))»
__________
(1) سورة: النبأ آية رقم: 24
(2) سورة: النبأ آية رقم: 25
(3) الحميم: الماء الحار
(4) سورة: الحج آية رقم: 47
(1/ 198)

189 - حدثنا أبو حفص الصفار، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت أبا عمران الجوني، وذكر شجرة الزقوم فقال: بلغنا «أن ابن آدم لا يأكل منها أكلة إلا نهشت منه مثلها»
(1/ 199)

190 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك: في قوله: (غسلين (1)) قال: «هو الضريع، شجرة يأكل منها أهل النار»
__________
(1) سورة: الحاقة آية رقم: 36
(1/ 200)

191 - حدثني سريج بن يونس، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: قلت ليزيد بن مرثد: ما لي لا أرى عينك تجف؟ قال: «ما مسألتك عنه؟» قال: عسى الله أن ينفع به. قال: «يا أخي، إن الله قد توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام (1) لكنت حريا ألا تجف لي عين»

(41/47)


__________
(1) الحمام: ما يغتسل فيه
(1/ 201)

192 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا سيار، عن جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، قال: قالت المرأة التي نزل عليها عامر بن عبد الله: ما للناس ينامون ولا ينام؟ قال: «إن جهنم لا تدعني أنام»
(1/ 202)

193 - حدثني سريج بن يونس أبو الحارث الشيخ الصالح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: كنا نغازي عطاء الخراساني فكان يحيي الليل صلاة، فإذا ذهب ثلثه أو نصفه نادانا وهو في فسطاطه (1): «يا عبد الرحمن بن يزيد، ويا يزيد بن يزيد، ويا هشام بن الغاز، ويا فلان ويا فلان، قوموا فتوضؤوا وصلوا، فقيام هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ومقطعات الحديد، الوحاء الوحاء» ثم يقبل على صلاته
__________
(1) الفسطاط: بيت من شعر، وضرب من الأبنية، والجماعة من الناس
(1/ 203)

194 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا أبو عبد الله بن عبيد، عن يحيى بن راشد، عن عثمان بن عبد الحميد قال: وقع في جيران غزوان حريق، فذهب يطفئه، فوقعت شرارة على أصبع من أصابعه، فقال: «ألا أراني قد أوجعتني نار الدنيا؟ والله لا يراني الله ضاحكا حتى أعرف ينجيني من نار جهنم أم لا»
(1/ 204)

195 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا هشيم، عن حصين، عن عكرمة، قال: وحدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن مجاهد، قال: وحدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء: (يوم هم على النار يفتنون (1)) قال: «يعذبون»
__________
(1) سورة: الذاريات آية رقم: 13
(1/ 205)

196 - حدثنا أحمد بن منيع، قال: حدثنا منصور بن عمار، قال: حدثنا الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، عن بلال بن سعد، قال: «تنادى النار يوم القيامة: يا نار اشتفي، يا نار أنضجي، يا نار أحرقي، يا نار كلي ولا تقتلي»
(1/ 206)

(41/48)


197 - حدثنا عفان بن مخلد البلخي، قال: حدثنا عمر بن هارون، عن مبارك بن فضالة، قال: سمعت الحسن، يقول: «ابن آدم، عن نفسك فكايس فإنك إن دخلت النار لم تنجبر بعدها أبدا»
(1/ 207)

198 - حدثني علي بن الحسن، عن أبي الربيع الأعرج، عن محمد بن حسان، «ينادى يوم القيامة في النار بأصوات أربعة: واي أز نام، واي أز ننال، واي أز نياز، واي أز أز». قال محمد بن حسان: «واي أز نام: ويلي من طلب الاسم، اشتهيت أن يقال فلان. واي أز ننال؟: ويلي من العار، كما يقال في الدنيا: نار ولا عار. واي أز نياز: ويلي من الفقر، وهو مفتاح كل بلاء. واي أز أز: ويلي من الحرص (1)»
__________
(1) الحرص: الرغبة الشديدة في الشيء والشَّرَه إليه
(1/ 208)

199 - حدثني علي بن الحسن، عن شبابة بن سوار، قال: حدثنا الحسن بن حصن الفزاري، قال: رأيت شيخا من بني فزارة أمر له خالد بن عبد الله بمائة ألف، فأبى (1) أن يقبلها وقال: «أذهب ذكر جهنم حلاوة الدنيا من قلبي» وكان يقوم إذا نام الناس فيصيح: «النار النار النار»
__________
(1) أبى: رفض وامتنع
(1/ 209)

200 - حدثني علي بن الحسن، عن قدامة بن محمد المدني، قال: حدثنا الحجاج بن صفوان قال: سمعت أبا حازم، يقول: «للنار أشد شوقا إلى أهلها من الجنة إذا أدنيت لأهلها»
(1/ 210)

201 - حدثني الحسين بن عبد الرحمن، عن ابن عائشة، قال: حدثونا في إسناد لهم: «أن أهل النار إذا دخلوها سفعت وجوههم، فألقت لحم خدودهم على أقدامهم، فيصيحون أوه (1) ألف عام» ومد بها صوته
__________
(1) أوه: كلمة أو صوت يقال عند الشكاية والتوجع والتأسف
(1/ 211)

202 - حدثنا سعيد بن سليمان، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رجل لأخيه: «أي أخي، هل علمت أن على الطريق صوى؟» قال: كيف؟ قال: «إن الله يقول: (إن جهنم كانت مرصادا (1))»
__________
(1) سورة: النبأ آية رقم: 21
(1/ 212)

(41/49)


203 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق البناني، عن عبد الله بن المبارك، عن جعفر بن حيان، قال: قال عمر بن الخطاب: «شد ما ذلت ألسنة الناس بذكر النار»
(1/ 213)

204 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا إسحاق بن منصور بن حيان الأسدي، عن عقبة بن إسحاق، عن أبي شراعة، عن يحيى بن الجزار، في قول الله: (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا (1)) قال: «أضيق من الرمح في الزج»
__________
(1) سورة: الفرقان آية رقم: 13
(1/ 214)

205 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا محمد بن يسار، عن قتادة: (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين (1)) قال: ذكر لنا أن عبد الله بن عمرو كان يقول: «إن جهنم لتضيق على الكافر كتضيق الزج على الرمح»
__________
(1) سورة: الفرقان آية رقم: 13
(1/ 215)

206 - حدثني حمزة، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، في قوله: (إن عذابها كان غراما (1)) قال: «الغرام: اللازم الذي لا يفارق صاحبه أبدا، وكل عذاب يفارق صاحبه فليس بغرام»
__________
(1) سورة: الفرقان آية رقم: 65
(1/ 216)

207 - حدثني عصمة بن الفضل، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، عن نعيم النحوي، قال: سمعت في قوله: (فإذا جاءت الطامة الكبرى (1)) قال: «إذا قيل لهم: قوموا إلى النار»
__________
(1) سورة: النازعات آية رقم: 34
(1/ 217)

208 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الرازي، قال: حدثنا عباءة بن كليب، قال: حدثنا العلاء بن المنهال، عن هشام بن عروة، قال: (فإذا جاءت الطامة الكبرى (1)) قال: «أمر طم على ما كان قبله»
__________
(1) سورة: النازعات آية رقم: 34
(1/ 218)

بكاء أهل النار
(1/ 219)

(41/50)


209 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرسل على أهل النار البكاء، فيبكون حتى ينقطع الدموع، ثم يبكون الدم حتى يرى في وجوههم كهيئة الأخدود، لو أرسلت فيه السفن لجرت» حدثنا سعيد بن يحيى القرشي، أنه سمع أباه يحدث عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
(1/ 220)

210 - حدثنا هارون بن عبد الله، قال: حدثنا أبو يحيى الحماني، عن عمران أبي يحيى الثعلبي، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون حتى يصير في وجوههم كالجداول، فتنفد الدموع، فتقرح العيون، حتى لو أن السفن أرخيت فيها لجرت»
(1/ 221)

211 - حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثنا حماد الجزري، عن زيد بن رفيع - رفعه - قال: «إن أهل النار إذا دخلوا النار بكوا الدموع زمانا، ثم بكوا القيح زمانا» قال: «فيقول لهم الخزنة: يا معشر الأشقياء، تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا، هل تجدون اليوم من تستغيثون به؟» قال: «فيرفعون أصواتهم: يا أهل الجنة، يا معاشر الآباء والأمهات والأولاد، خرجنا من الدنيا عطاشا، وخرجنا من القبور عطاشا، وكنا طول الموقف عطاشا، ونحن اليوم عطاش، فأفيضوا (1) علينا من الماء أو مما رزقكم الله. فيدعون أربعين سنة لا يجيبهم، ثم يجيبهم: (إنكم ماكثون (2)) فييأسون من كل خير»
__________
(1) الإفاضة: الصب والسكب
(2) سورة: الزخرف آية رقم: 77
(1/ 222)

(41/51)


212 - حدثني محمد بن أبي عمران الوركاني، قال: حدثنا المعافى بن عمران، عن داود بن أبي سليمان، عن حماد بن خوار، قال: بلغنا «أن أهل النار يبكون الدموع حتى تفنى، ثم يبكون الدماء حتى تكون في خدودهم أمثال الجداول (1)، فيقول لهم الخزنة: يا معشر الأشقياء، لو كان هذا في الدار المقبول فيها العمل، كان نعم الذخر لكم»
__________
(1) الجدول: النهر الصغير
(1/ 223)

213 - حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا أبو هلال الراسبي، عن قتادة: (فليضحكوا قليلا (1)) قال: «في دار الدنيا» (وليبكوا كثيرا) قال: «في نار جهنم»
__________
(1) سورة: التوبة آية رقم: 82
(1/ 224)

214 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين: في قوله: (فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون (1)) قال: «الدنيا قليل فليضحكوا فيها ما شاؤوا، فإذا انقطعت الدنيا وصاروا إلى الله استأنفوا بكاء لا ينقطع عنهم أبدا»
__________
(1) سورة: التوبة آية رقم: 82
(1/ 225)

215 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن بعض المشيخة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام: «ما لي لا أرى ميكائيل يضحك؟» فقال: ما ضحك منذ خلقت النار
(1/ 226)

216 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن أبي عمران الجوني، أن جبريل عليه السلام أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يبكيك يا جبريل؟» قال: أما تبكي يا محمد؟ ماجفت لي عين منذ خلق الله جهنم، مخافة أن أعصي الله فيجعلني في جهنم
(1/ 227)

217 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا بكر بن محمد العابد، قال: قلت: لجليس لابن أبي ليلى يكنى: أبا الحسن: أتضحك الملائكة؟ قال: «ما ضحك من دون العرش منذ خلقت جهنم»
(1/ 228)

(41/52)


218 - حدثنا هاشم بن الحارث، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن محمد بن المنكدر، قال: «لما خلقت النار فزعت لذلك الملائكة فزعا شديدا طارت له أفئدتهم، فلم يزالوا كذلك حتى خلق آدم، فرجعت إليهم أفئدتهم، وسكن عنهم الذي كانوا يجدون»
(1/ 229)

219 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا أبو عتبة علي بن الحسن بن مسلم السكوني، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عمارة بن غزية الأنصاري، أنه سمع حميد بن عبيد، مولى بني المعلى يقول: سمعت ثابتا البناني يحدث، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل: «ما لي لا أرى ميكائيل ضاحكا؟» فقال جبريل: ما ضحك منذ خلق الله النار
(1/ 230)

220 - حدثني أبي، وأبو خيثمة، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم، عن أبي سلمة الدوسي ثابت بن سرح، عن سالم بن عبد الله، قال: كان دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم ارزقني عينين هطالتين تبكيان بذروف الدموع، وتشفيانني من خشيتك، قبل أن يكون الدمع دما، والأضراس جمرا»
(1/ 231)

221 - حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله، قال: «كان داود عليه السلام يعاتب في كثرة البكاء، فيقول: ذروني أبك قبل يوم البكاء، قبل تحريق العظام واشتعال اللحى، قبل أن يؤمر بي (ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون (1))»
__________
(1) سورة: التحريم آية رقم: 6
(1/ 232)

222 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو أسامة، عن أبي هلال، عن ثابت البناني، عن صفوان بن محرز، قال: «كان لداود يوم يتأوه فيه، يقول: أوه (1) من عذاب الله، أوه من عذاب الله، أوه قبل أن لا أوه» قال: فذكرها صفوان ذات يوم في مجلسه، فغلبه البكاء، فقام
__________
(1) أوه: كلمة أو صوت يقال عند الشكاية والتوجع والتأسف
(1/ 233)

(41/53)


223 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني، عن عمر بن عبد الرحمن، عن وهب بن منبه، قال: «كان داود عليه السلام يقول: إلهي، لا صبر لي على حر شمسك، فكيف صبري على حر نارك؟ إلهي، لا صبر لي على صوت رحمتك - يعني الرعد - فكيف صبري على صوت عذابك؟»
(1/ 234)

224 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: أخبرنا نوح بن قيس، عن عون بن أبي شداد، قال: «كان داود نبي الله عليه السلام يقول: أوه (1) من جاعلة الأضراس نارا، والدموع بعد الدموع دما، أوه»
__________
(1) أوه: كلمة أو صوت يقال عند الشكاية والتوجع والتأسف
(1/ 235)

225 - حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، قال: حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الله بن رباح الأنصاري، عن كعب: (إن إبراهيم لحليم أواه (1)) قال: «كان إبراهيم إذا ذكرت النار قال: أوه (2) من النار» ومد بها جعفر صوته
__________
(1) سورة: هود آية رقم: 75
(2) أوه: كلمة أو صوت يقال عند الشكاية والتوجع والتأسف
(1/ 236)

(41/54)


226 - حدثني عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا شيخ، من أهل المدينة، عن بكير بن مسمار، مولى سعد بن أبي وقاص، قال: سمع رجل وهو يقول: يا غوثاه من النار، يا غوثاه من النار فلما أصبح غدا (1) على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله: «أنت القائل البارحة: واغوثاه من النار؟ لقد أبكيت البارحة أعين ملإ (2) من الملائكة كثير» قال أبو بكر: «وكان بعض الواعظين من الحكماء إذا ذكر هذا قال: فابك على ما تقدم من ذنبك، وقل: واغوثاه بالله، بالاستغاثة هاهنا تنفعك وتجدي عليك، ولا سيما إذا أتبعتها بتوبة وإقلاع عن معاصيك. والاستغاثة في النار لا تنفعك، ولا تسوق خيرا إليك، أيها المستغيث بالله من سوء ما عملت يده. أعلمت أن شارب الخمر سقي من حميمها حتى تغلت كبده؟ والأشر الغضب ألبس قميص قطران النام بجلده؟ والمغتاب سال بالصديد والدم العبيط فيها. . . وشاهد الزور كآل في بعد إدراكها بكمه. والماشي فيها إلى المعاصي لم يمش فيها على قدمه. والمتسمع إلى ما حرم الله صب خالص الرصاص في أذنه. ومخادن أهل المعاصي قرن بشيطان لا يفارقه، يجمع بسلسلة فيها عنقه، ويتجمع طوق غله بطوقه، ويؤخذ بالعذاب من تحته ومن فوقه. وأما المطفف في كيله فهو يدعو طول دهره فيها بويله. وأما قاتل نفسه التي حرمت عليه، فلا تسأل عن عظيم ما صار فيها إليه. وأما آكل مال اليتيم فآكل نارا وصلي بالعذاب الأليم. وأما عاق والديه ففي منزلة من النار لا ينظر الله فيها إليه. وأما مانع زكاة ماله فلا تسأل عما صار إليه فيها من سوء حاله، ولقد نادى فيها الذين منعوا زكاة أموالهم ثبورهم، حيث كويت بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. أما في قليل ما يعظيك، ويمنعك من الاقتحام إلى معصية ربك؟»
__________
(1) الغدو: السير والذهاب والتبكير أول النهار
(2) الملأ: الجماعة
(1/ 237)

(41/55)


227 - حدثنا. . . بن. . .، قال: قال ابن السماك: «لو كان عذاب الآخرة مثل عذاب الدنيا كان المعذب في. . . بالمقمعة رأس المعذب فلا يسكن أبدا، ويضربه الثانية فلا يسكن وجع الأولى ولا الثانية، ويضربه الثالثة فلا وجع الأوليين يسكن ولا الثالثة، فأول العذاب لا ينقطع، وآخره لا ينفد»
(1/ 238)

228 - حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثني ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أيوب بن بشير العجلي، عن شفي بن ماتع الأصبحي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى، يسعون بين الحميم (1) والجحيم، يدعون بالويل والثبور (2)، يقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى؟» قال: «فرجل مغلق عليه تابوت من جمر، ورجل يجر أمعاءه، ورجل يسيل فوه قيحا ودما، ورجل يأكل لحمه». قال: «يقال لصاحب التابوت (3): ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟» قال: «فيقول: إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس، لم يجد لها قضاء». قال: «ويقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟» قال: «فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه، ثم لا يغسله. ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا ودما: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟» قال: «فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كل كلمة قذعة خبيثة، يستلذها كما يستلذ الرفث (4). ثم يقال للذي يأكل لحمه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيب، ويمشي بالنميمة»
__________
(1) الحميم: الماء الحار
(2) الثبور: الهلاك والخسران
(3) التابوت: الصندوق الذي يحفظ فيه المتاع
(4) الرفث: كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة، وأصله الكلام الفاحش
(1/ 239)

(41/56)


229 - حدثنا داود بن عمرو، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي وائل، قال: قيل لأسامة بن زيد: ألا تركب إلى هذا الرجل فتأمره وتنهاه؟ - يعنون عثمان بن عفان رضي الله عنه -: فقال: لا أفتح بابا أكون أول من فتحه. ثم قال: أما إني لا أزعم أن أمراءكم خياركم بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يجاء بالذي يطاع في معصية الله، فيخاصمه رعيته، فتفلج عليه، فيدفع في النار، فتندلق (1) به أقتابه، فيستدير في النار كما يستدير الحمار في الرحا، فيأتي الذين كانوا يطيعونه في معصية الله فيقولون: أي فل (2)، ما بلغ بك ما ترى؟ فيقول: إني كنت آمركم بما لا أفعل، وأنهاكم عما أخالف إليه»
__________
(1) الاندلاق: خروج الشيء من مكانه وقيل معناه: تخرج وتنصبُّ بسرعة
(2) فل: المراد فلان
(1/ 240)

230 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا ابن عيينة، عن مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله: (وقودها الناس والحجارة (1)) قال: «حجارة من كبريت، خلقها الله عنده كيف شاء» حدثنا إسحاق، قال: حدثنا وكيع، عن مسعر، عن عبد الملك بن ميسرة، عن ابن سابط، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، نحوه
__________
(1) سورة: البقرة آية رقم: 24
(1/ 241)

(41/57)


231 - حدثنا أحمد بن عاصم بن عنبسة العباداني، قال: حدثني الفضل بن العباس الكندي - وكان من الأبدال (1)، وكانت الدموع قد أثرت في وجهه، وكان يصوم الدهر، ويفطر كل ليلة على رغيف - قال: «مر عيسى ابن مريم عليه السلام بجبل بين نهرين: نهر عن يمينه ونهر عن يساره، لا يدري من أين يجئ وأين يذهب؟ فقال عيسى: أيها الجبل. . . . . . يجيئ وأين يذهب. . . . .؟ قال: أما الذي يجيئ عن يميني فمن دموع عيني اليمنى، وأما الذي يجيئ عن يساري فمن دموع عيني اليسرى. قال بم ذاك؟ قال: خوفا من ربي أن يجعلني من وقود النار فقال عيسى: فأنا أدعو الله أن يهبك لي. فدعا الله، فوهب له. فقال عيسى: قد وهبت لي. قال: فجاء منه من الماء حتى احتمل عيسى، فذهب به. فقال عيسى: اسكن بعزة الله فسكن، فقال: قد استوهبتك من ربي فوهبك لي، فما هذا؟ قال: أما البكاء الأول فبكاء الخوف، وأما البكاء الثاني فبكاء الشكر»
__________
(1) الأبدال: الأولياء والعُبَّاد، سُمُّوا بذلك لأنهم كلما مات واحد منهم أُبْدِلَ بآخر
(1/ 242)

232 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا موسى بن المغيرة - من أهل البصرة - عن أبي موسى الصفار، قال: سألت ابن عباس - أو سئل -: أي الصدقة أفضل؟ فقال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: «سقي الماء، ألم تر إلى أهل النار إذا استغاثوا قالوا: (أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله (1))؟»
__________
(1) سورة: الأعراف آية رقم: 50
(1/ 243)

(41/58)


233 - حدثنا إسحاق، قال: حدثنا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن عثمان بن المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله (1)) قال: «ينادي الرجل أخاه: يا أخي، قد احترقت فأغثني» قال: «فيقول: (إن الله حرمهما على الكافرين)» حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عثمان بن المغيرة الثقفي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مثله
__________
(1) سورة: الأعراف آية رقم: 50
(1/ 244)

234 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك: (ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا (1)) قال: «عطاشا»
__________
(1) سورة: مريم آية رقم: 86
(1/ 245)

235 - حدثني حمزة بن العباس، أخبرنا عبد الله بن عثمان، أخبرنا ابن المبارك، أخبرنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا (1)) قال: «منقطعة أعناقهم من العطش»
__________
(1) سورة: مريم آية رقم: 86
(1/ 246)

236 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا عنبسة بن سعيد، عن يزيد بن عبد الله بن الحارث، عن كعب، قال: «إن الله ينظر إلى عبده يوم القيامة وهو غضبان فيقول: (خذوه (1)) فيأخذه مائة ألف ملك أو يزيدون، فيجمعون بين ناصيته (2) وقدمه غضبا لغضب الله، فيسحبونه على وجهه إلى النار، فالنار عليه أشد غضبا من غضبهم بسبعين ضعفا. فيستغيث بشربة، فيسقى شربة يسقط منها لحمه وعصبه، ويكدس في النار، فويل له من النار» قال عبد الله: «فحدثت، عن بعض أهل المدينة أنه قال: يتفتت في أيديهم إذا قال: (خذوه)، فيقول: ألا ترحموني؟ فيقولون: كيف نرحمك ولم يرحمك أرحم الراحمين؟»
__________
(1) سورة: الدخان آية رقم: 47
(2) الناصية: مقدمة الشعر والجبهة من الرأس
(1/ 247)

(41/59)


237 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا النضر بن إسماعيل، قال: «إذا قال: (خذوه (1)) يبتدره (2) أكثر من ربيعة ومضر»
__________
(1) سورة: الدخان آية رقم: 47
(2) ابتدر الشيءَ وله وإليه: عجل إليه واستبق وسارع
(1/ 248)

238 - حدثنا فضيل، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه: في قوله: (خذوه (1))، قال: «لا يضع يده على شيء إلا دقه، فيقول: أما ترحمني؟ فيقول: كيف أرحمك وأرحم الراحمين لم يرحمك؟»
__________
(1) سورة: الدخان آية رقم: 47
(1/ 249)

239 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن جويبر، عن الضحاك، (نزاعة للشوى (1))، قال: «تنزع الجلد واللحم عن العظم»
__________
(1) سورة: المعارج آية رقم: 16
(1/ 250)

240 - حدثني علي بن الحسن، عن الصلت بن حكيم، قال: حدثنا درست القزاز، قال: حدثنا يزيد الرقاشي، قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد أيتها النار المطيعة سمي أهلك، قال: «فيخرج عنق من النار، فتنكت في وجوه أهل النار نكتا (1) سودا، ثم ينادي مناد: (وامتازوا اليوم أيها المجرمون (2))» قال: «فينكر بعضهم إلى بعض، فيقول: هذا ما كنتم تكسبون، ثم ينادي مناد: (ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين (3))» قال: «فينكسون في النار على رءوسهم، ويصهر الحميم في أجوافهم» قال: ثم سقط يزيد مغشيا عليه
__________
(1) نُكت: نُقط، وأصله من النكت في الأرض وهو التأثير فيها بعصا أو بغيره
(2) سورة: يس آية رقم: 59
(3) سورة: غافر آية رقم: 76
(1/ 251)

241 - حدثنا فضيل، قال: سمعت شريكا، في قوله: (يصهر (1)) قال: «ينضج»
__________
(1) سورة: الحج آية رقم: 20
(1/ 252)

242 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عنبسة بن سعيد، عن فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: «كلما أكلتهم النار، قيل: عودوا، حتى تأكلهم في كل يوم سبعين ألف مرة»
(1/ 253)

(41/60)


243 - حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، قال: حدثنا أبو محياة التيمي، عن منصور، عن مجاهد: في قوله: (شواظ (1)) قال: «قطعة من النار» (ونحاس) قال: «صفر يذاب ثم يصب على رءوسهم»
__________
(1) سورة: الرحمن آية رقم: 35
(1/ 254)

244 - حدثني علي بن الحسن، عن موسى بن بلال، عن بكر بن خنيس، عن أبي عبد الله الشامي، عن مكحول، قال: «للناس في القيامة جولة، فيلقى الرجل أخاه، فيقول: علام أنت يا فلان؟ فيقول: على خير، على الرجاء من الله. ويلقى الرجل أخاه، فيقول: علام أنت يا فلان؟ فيقول: على شر، أسلمني أهلي، وأوبقتني ذنوبي»
(1/ 255)

245 - حدثنا خالد بن خداش، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، عن سعيد الجريري، عن أبي السليل، عن غنيم - خازن بيت المقدس - عن كعب، قال: «يمسك بالنار يوم القيامة حتى تصير كأنها متن (1) إهالة (2)، حتى تستعر أقدام الخلائق عليها، ثم ينادي مناد: أن خذي أصحابك ودعي أصحابي، فهي أعرف بهم من الوالدة بولدها، فيخسف (3) بهم، فيهوون فيها، وينجو المؤمنون ندية ثيابهم»
__________
(1) المتن: الظهر
(2) متن الإهالة: ظهرها إذا سكبت في الإناء، فشبه سكون جهنم قبل دخول الكفار فيها بذلك، والإهالة: ما أذبت من الشحم، وقيل: الشحم والزيت، وقيل: كل دهن اؤتدم به إهالة
(3) يُخسف بهم: تغور بهم الأرض
(1/ 256)

246 - حدثنا علي بن الحسن، عن محمد بن الحسين، عن شعيب بن محرز، عن صالح المري، قال: سمعت أبا عمران الجوني، قال: قال لي أبو الجلد: «كيف أنت يوم تمطر السماء نارا، وتلتهب الأرض من تحت أقدام الخلائق بالنار؟» قال: قلت: إن ذلك ليوم عظيم قال: «ذاك يوم كشف فيه لهم عن الغطاء، وعرضت عليهم ذلك اليوم أعمالهم: فمسرور بعمله، ونادم محسور» قال: ثم بكى أبو الجلد حتى غلبه البكاء
(1/ 257)

(41/61)


247 - حدثني علي بن الحسن، قال: حدثني محمد بن الحسين، قال: حدثني رستم بن أسامة، قال: حدثني عباءة بن كليب، عن عبد الواحد بن زيد، عن الحسن، في قوله: (وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين (1)) قال: «أزفت والله عقولهم، وطارت قلوبهم، فترددت في أجوافهم بالغصص إلى حناجرهم لما أمر بهم ملك يسوقهم إلى النار، فيقول بعضهم لبعض: (فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا (2))، فينادون (ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع)»
__________
(1) سورة: غافر آية رقم: 18
(2) سورة: الأعراف آية رقم: 53
(1/ 258)

(41/62)


248 - حدثنا حمزة بن العباس، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا الحكم، عن عمر بن أبي ليلى، أحد بني عامر، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، يقول بلغني أو ذكر لي: «أن أهل النار استغاثوا بالخزنة، قال الله عز وجل: (وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب (1)) سألوا يوما واحدا يخفف عنهم فيه العذاب، فرد عليهم الخزنة: (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى (2))، فردت عليهم الخزنة: (فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) ولما يئسوا مما عند الخزنة، (ونادوا يا مالك (3)) وهو عليهم وله مجلس في وسطها، وجسور تمر عليه ملائكة العذاب، فهو يرى أقصاها كما يرى أدناها، فقالوا: (يا مالك ليقض علينا ربك). سألوا الموت» قال: «فمكث عنهم لا يجيبهم ثمانين سنة، والسنة ستون وثلاثمائة يوم، والشهر ثلاثون يوما، واليوم (كألف سنة مما تعدون (4)) لحظ إليهم بعد الثمانين: (إنكم ماكثون) فلما سمعوا ما سمعوا مما قبله، قال بعضهم لبعض: يا هؤلاء، قد نزل بكم من البلاء (5) والعذاب ما قد ترون، فهلموا فلنصبر، فلعل الصبر ينفعنا، كما صبر أهل الدنيا على طاعة الله فنفعهم الصبر إذ صبروا. فأجمعوا رأيهم على الصبر». قال: «فتصبروا، فطال صبرهم، ثم جزعوا (6)، فنادوا: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص (7)) - أي: ملجأ - فقام إبليس عند ذلك فخطبهم: (إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي (8))، يقول: بمغن عنكم شيئا.

(41/63)


(وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل) فلما سمعوا مقالته مقتوا أنفسهم فنودوا: (لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون (9)) (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل (10)) فرد عليهم: (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير (11))» قال: «هذه واحدة». قال: «فنادوا الثانية: (ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون (12)) فرد عليهم: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها (13)) يقول: لو شئت لهديت الناس جميعا فلم يختلف منهم أحد (ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا) يقول: بما تركتم أن تعملوا ليومكم هذا. (إنا نسيناكم (14)): إنا تركناكم، (وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون) فهذه اثنتان». قال: «فنادوا الثالثة: (ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل (15)) فرد عليهم: (أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال)». قال: «هذه الثالثة». قال: «ثم نادوا الرابعة: (ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل (16))». قال: «(أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير). فمكث عنهم ما شاء الله، ثم ناداهم: (ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون (17)). فلما سمعوا ذلك قالوا: الآن يرحما ربنا. وقالوا عند ذلك: (ربنا غلبت علينا شقوتنا (18)) أي الكتاب الذي كتبت علينا. (وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) فقال عند ذلك: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (19)). فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء منهم، وأقبل بعضهم على بعض، ينبح بعضهم في وجه بعض.

(41/64)


وأطبقت عليهم» فحدثني الأزهر بن أبي الأزهر، أنه ذكر له أن ذلك قوله: (هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون (20))
__________
(1) سورة: غافر آية رقم: 49
(2) سورة: غافر آية رقم: 50
(3) سورة: الزخرف آية رقم: 77
(4) سورة: الحج آية رقم: 47
(5) البلاء: الاخْتِبار بالخير ليتَبَيَّن الشُّكر، وبالشَّر ليظْهر الصَّبْر
(6) الجزع: الخوف والفزع وعدم الصبر والحزن
(7) سورة: إبراهيم آية رقم: 21
(8) سورة: إبراهيم آية رقم: 22
(9) سورة: غافر آية رقم: 10
(10) سورة: غافر آية رقم: 11
(11) سورة: غافر آية رقم: 12
(12) سورة: السجدة آية رقم: 12
(13) سورة: السجدة آية رقم: 13
(14) سورة: السجدة آية رقم: 14
(15) سورة: إبراهيم آية رقم: 44
(16) سورة: فاطر آية رقم: 37
(17) سورة: المؤمنون آية رقم: 105
(18) سورة: المؤمنون آية رقم: 106
(19) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(20) سورة: المرسلات آية رقم: 35
(1/ 259)

249 - حدثني علي بن الحسن، عن الصلت بن حكيم، قال: حدثت، عن عبد العزيز بن أبي رواد، قال: «بلغني أن الله إذا قال لأهل النار: (اخسئوا فيها ولا تكلمون (1))» عادت وجوههم قطع لحم ليس فيها أفواه ولا مناخير، يتردد النفس في أجوافهم، لا تجد إلى الخروج مساغا (2) «
__________
(1) سورة: المؤمنون آية رقم: 108
(2) المساغ: المراد طريق يمر فيه
(1/ 260)

250 - حدثني إبراهيم بن عبد الله، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، قال: سمعت أبا عمران الجوني، قال: «ما نظر الله إلى شيء إلا رحمه، ولو نظر إلى أهل النار لرحمهم، لكنه قضى عليهم أن لا ينظر إليهم»
(1/ 261)

(41/65)


251 - حدثني حمزة بن العباس، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا الكلبي، عن أبي صالح، في قول الله جل وعز: (الله يستهزئ بهم (1)) قال: «يقال لأهل النار وهم في النار: اخرجوا، ويفتح لهم أبواب النار. فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها يريدون الخروج، والمؤمنون ينظرون إليهم على. . . فإذا انتهوا إلى أبوابها، غلقت دونهم، فذلك قول الله عز وجل: (الله يستهزئ بهم). . . منهم المؤمنون حين غلقت دونهم، فذلك قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون (2))»
__________
(1) سورة: البقرة آية رقم: 15
(2) سورة: المطففين آية رقم: 34
(1/ 262)

252 - حدثني حمزة، قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا محمد بن يسار، عن قتادة في قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون (1)) قال: ذكر لنا أن كعبا، كان يقول: «إن بين الجنة والنار كوى (2)، فإذا أراد المؤمن أن ينظر إلى عدو كان له في الدنيا اطلع من بعض تلك الكوى»، قال الله عز وجل في آية أخرى: (فاطلع فرآه في سواء الجحيم (3)) قال ذكر لنا: «أنه إذ ذاك اطلع فرأى جماجم القوم تغلي»
__________
(1) سورة: المطففين آية رقم: 34
(2) الكوة: الخرق في الحائط والثقب في البيت ونحوه
(3) سورة: الصافات آية رقم: 55
(1/ 263)

253 - حدثنا عبد الرحيم بن مطرف بن قدامة بن عبد الرحمن الرؤاسي، قال: حدثني أبي، عن مولى لنا، قال: لما مات منصور بن المعتمر، صاحت أمه: «واقتيل جهنماه ما قتل ابني إلا خوف جهنم»
(1/ 264)

(41/66)


254 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يجاء بالموت يوم القيامة، كأنه كبش (1) أملح، ثم يقال: يا أهل الجنة، فيشرئبون (2) وينظرون، فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت. ويقال: يا أهل النار، فيشرئبون وينظرون، فيقال: هل تعرفون هذا؟ فيقولون: نعم، هذا الموت. ثم يؤمر به فيذبح، ثم يقال: يا أهل الجنة، خلود فلا موت. ويا أهل النار، خلود ولا موت». ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون (3)) وأشار بيده إلى الدنيا
__________
(1) الكبش: الذكر أو الفحل من الضأن
(2) اشرأب: رفع رأسه ومد عنقه وتطاول
(3) سورة: مريم آية رقم: 39
(1/ 265)

255 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كل أهل الجنة يرى مقعده من النار، فيقول: لولا أن الله هداني، فيكون له شكرا، وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة، فيكون عليه حسرة» حدثنا إسحاق، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، مثله، ولم يقل: عن أبي هريرة
(1/ 266)

256 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن موسى بن أبي عائشة، (أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب (1)) قال: «تشد أيديهم وأرجلهم، فكلما جاءهم نوع من العذاب، اتقوه بوجوههم»
__________
(1) سورة: الزمر آية رقم: 24
(1/ 267)

257 - حدثني محمد بن إدريس، قال: حدثنا محمد بن المصفى، قال: حدثنا معاوية بن حفص الشعبي، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، (مقرنين (1))، قال: «مكتفين»
__________
(1) سورة: إبراهيم آية رقم: 49
(1/ 268)

(41/67)


258 - حدثنا أحمد بن المقدام، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها (1)) قال: «تأكلهم النار كل يوم سبعين ألف مرة، كلما أكلتهم قيل لهم: عودوا، فيعودون كما كانوا»
__________
(1) سورة: النساء آية رقم: 56
(1/ 269)

(41/68)




















=====================

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

سيرة الشيخ الألباني

الرئيسية ترجمة الشيخ الكتب الأشرطة متفرقات سيرة الشيخ الألباني نبذة مختصرة عن سيرة الشيخ الألباني -رحمه الله- تعطير الأنام بترجمة الع...